بقلم:أمينة خيري
ماذا لو تخلى بايدن عن عناده وإصراره على المضى قدمًا فى سباق الرئاسة الذى لا يتناسب وسنه وحالته الصحية؟. سؤال سيطر علىَّ أسابيع عدة. هل الحزب الديمقراطى لديه «دكة احتياطى» غير معلنة يجلس عليها عدد من المرشحين والمرشحات الاحتياطيين؟، وفى حال وجود هذا الفريق الاحتياطى، هل يجرى تدريبهم للقيام بمهام السباق الرئاسى حال حدث طارئ؟، وهل يمكن أن يكون بين هذا الفريق أسماء مفاجئة صادمة- أقصد رئيسًا سابقًا مثلًا، أو زوجة رئيس سابق، أو مرشح رجل ينتمى للفئة العمرية نفسها التى ينتمى إليها الرئيس بايدن؟.. ومع الإعلان الفجائى لانسحاب بايدن الذى يصفه البعض بالمتوقع فى ظل الظروف الصحية والعمرية للرئيس بايدن، بالإضافة إلى الإصابة بكورونا، بينما يراه آخرون متوقعًا، يصل السباق الرئاسى الأمريكى إلى أقصى درجات المتعة والإثارة والتشويق.
بالطبع، مرشح الحزب الجمهورى المنافس المثير للجدل ترامب حوّل دفة التراشق الانتخابى صوب المرشحة «المحتملة» كاميلا هاريس، التى تحل محل بايدن. أول ما تراشق به هو أن هزيمتها ستكون أسهل من هزيمة بايدن!، إنها بالفعل أقصى درجات التشويق والإثارة، وأتوقع المزيد.
وجدير بالذكر أن الانتخابات الأمريكية ليست شأنًا أمريكيًّا داخليًّا، بمعنى أن شعوب الأرض تتابع ما يجرى فى أكثر دول العالم تأثيرًا. وجدير بالذكر أيضًا أن الشعب الأمريكى لا ينتفض غاضبًا معلنًا أن انتخاباته الرئاسية شأن داخلى لا ينبغى لغير الأمريكيين أن يتدخلوا أو يدلوا بدلوهم فيها أو ينتقدوا هذا ويؤيدوا تلك. الغالبية هناك لا ترى فى هذا الاهتمام العالمى ما ينتقص من هويتها أو وطنيتها أو خصوصياتها إلخ. لماذا؟. لأنهم يعرفون أن الاختيار الفعلى للرئيس القادم لن يكون إلا لهم. أما هذا الصخب والاهتمام والمتابعة والتحليل والتفسير والتنبؤ فى ربوع الأرض، فهو للجميع. متابعة مجريات الانتخابات الأمريكية وأجوائها والتحضيرات لها والحملات والجولات والتراشقات جميعها يلقى الاهتمام وكأنه عمل هوليوودى درامى. وكم من فيلم تم إنتاجه وحقق أرقام مشاهدة قياسية عن الانتخابات والمرشحين والحملات الأمريكية فى جميع أنحاء العالم!. كل هذه الأجواء، بصخبها وإثارتها وصدماتها، جزء من القوة الناعمة للولايات المتحدة الأمريكية. والأمريكيون يعرفون ذلك، لكن أكثرنا لا يعِى أو يعترف.
هل تتخيل عزيزى القارئ كم الأفلام الدرامية والوثائقية، وعدد ساعات البث والمشاهدة التلفزيونية، ومن ثَمَّ الإعلانية، وإعادة المشاهدة عبر مقاطع السوشيال ميديا لما يجرى فى أمريكا هذه الآونة؟، هل تتخيل حجم الشهرة والانتشار والاهتمام، وكذلك العائد المادى الذى يتم تحقيقه عبر هذه الأجواء؟. ليس انبهارًا بأمريكا أو حكمًا بالتعضيد أو التنديد، بقدر ما هو توصيف ومحاولة لما نجحت أمريكا فى تحقيقه عالميًّا.
المسألة ليست مجرد قوة عسكرية وأمنية، أو مكانة تسمح بالتدخل فى شؤون أغلب دول الأرض، أو جامعات مصنفة ضمن الأفضل، أو مراكز بحثية تستقطب العلماء والباحثين من شتى أرجاء الأرض بما فيها الدول الأعداء، هى توليفة متفردة، وبين مكوناتها هذه الإثارة الانتخابية.