بقلم:أمينة خيري
مليون سلامة على أحد أنبغ وأعمق وأروع مبدعى مصر فى مجال كتابة السيناريو. أستاذ عاطف بشاى – متعه الله بالصحة والعافية والإبداع- ينتمى لعصر كتّاب السيناريو ممن يعشقون هذا الفن، ويبدعون فيه، ويخلصون له جنبًا إلى جنب مع ملكات إبداعية ومواهب مصقولة بالخبرة والحس الراقى، وذلك قبل أن يتحول جزء غير قليل منه إلى «صنعة».
الأستاذ الكبير الجميل المبدع عاطف بشاى تعرّض لأزمة صحية قبل أيام، وبفض الله وكرمه وفضله، وبدعم من زوجته الجميلة وحبيبة عمره السيدة مارى عزيز يتعافى حاليًا، ويعود قريبًا إلى أسرته وحياته اليومية وأحبابه ومعجبيه وطلابه الذين ينهلون من علمه فى الجامعة.
ويبدو أن الأعزاء على قلوبنا وعقولنا يختبرون مكانتهم لدينا، أحيانًا بأزمة هنا أو مشكلة هناك، فيدفعوننا إلى تذكير أنفسنا وتذكير الآخرين بمبدأ بالغ الأهمية. حين تحب أحدهم، ارفع سماعة التليفون، أو بالأحرى فى زمن الهواتف المحمولة، انقر رقمه وقل له: «صباح الخير، أكن لك معزة ومودة ومحبة»، أو أيًا من المشاعر التى تُكنّها لها أو له، وذلك انتظارًا لوعكة صحية أو أزمة ما.
والحقيقة أن أعمال أستاذنا المبدع عاطف بشاى جزء من ماضينا وحاضرنا، وبالتالى تشارك دون أن ندرى فى صياغة مستقبلنا. أعماله الدرامية العديدة منذ بدأ مشواره فى منتصف السبعينيات محفورة فى ذاكرتنا، وهذا الحفر يشكل تكويننا ونشأتنا وطريقة تفكيرنا والأسلوب الذى نختاره لإدارة حياتنا والتعامل مع تفاصيلها الحلوة والمرة. من «فوزية البرجوازية» و«محاكمة على بابا» إلى «تاجر السعادة» و«الملائكة لا تسكن الأرض» و«إلى أين تأخذنى هذه الطفلة؟» و«نسيت أنى امرأة» «يا رجال العالم اتحدوا» و«النساء قادمون».. تطول قائمة السيناريو والمعالجات الدرامية التى قدمها أستاذ عاطف، ليست مجرد أعمال فنية.. كل منها ترك بصمة ما ولم ترسم ابتسامة أو تذرف دمعة منا فقط، إنها قوة مصر الناعمة التى نفتخر بها، ونعيش فى كنفها، ونأمل فى استعادتها، واسترجاع ريادتها فعليًا.
بصمة أستاذ عاطف مختلفة ومتفردة. صحيح أن لكل منا بصمته التى لا تطابق بصمة غيره، ولكن حين تتألق البصمات وتتفرد بما فيها من أفكار غير مباشرة، وقيم تندرج تحت بند ما نتمناه ونحلم باسترداده من براثن تلك الهجمة المتطرفة الظلامية القبيحة التى أحكمت قبضتها على الكثير من مناحى حياتنا وفكرنا، مع الاحتفاظ بأصولنا وثقافتنا، فإننا نذكر اسم عاطف بشاى.
مقال أستاذ عاطف المنشور، قبل يومين، فى «المصرى اليوم»، يوقظنا من غفلتنا اللغوية، ويلفت انتباهنا إلى كلمات وكليشيهات نستخدمها كالببغاوات، وهى لا تعنى شيئًا أو تعنى عكس ما نبتغى. ومنها «تمام» و«إنت كويس؟»، وكل منهما أكثر استفزازًا من الأخرى. ألم أقل لكم، عين أستاذ عاطف لا يملكها سواه. نتمنى لك كل السلامة والصحة، وندعوك لاستعادة عافيتك بسرعة لتعود إلينا وننهل من ثقافتك وعلمك وخفة ظلك، كل ذلك دون وعظ وإرشاد، أو مباشرة واستخفاف بعقلية المشاهد. إنها وصفة السهل الممتنع.
ننتظرك أستاذ عاطف بفارغ الصبر.