بقلم:أمينة خيري
أنهيت المقال السابق بالعودة إلى المعلم، هذا الضلع المحورى فى إصلاح أو هدم أى عملية تعليمية. سلمت بحاجته المنطقية لما يضمن له حياة جيدة، أو فلنقل معقولة، من راتب وتأمين صحى وظروف عمل وغيرها، وذلك حتى يكون قادرًا على تحويل فكرة إصلاح التربية والتعليم، وليس الدرس الخصوصى أو السنتر، إلى حقيقة.
والحقيقة أن لا قانونًا يتم تطبيقه بشكل كفء وفعال، أو قرارًا يجرى تفعيله فى أى مكان فى العالم إلا لو كان من يقومون بالتطبيق والتفعيل مدركين الغاية والسبب والفكرة التى يعملون على تطبيقها. وأزيد على هذا الإدراك القناعة التامة بأن هذا التطبيق إنما هو للصالح العام، وأن الصالح الخاص لن يتحقق أو يستدام إلا بضمان الصالح العام.
هل رجل الشرطة الذى يٌطلب منه توقيف وربما مصادرة توك توك غير مرخص يقوده طفل لأنه غير قانونى سيقوم بعمله بشكل منضبط وكامل لو كان هو وزوجته وخالته وعمته وأقاربه يعتمدون على هذا التوك توك كوسيلة مواصلات؟.
هل المعلم سيكون قادرًا على أن يكون العنصر الرئيسى الفعال فى إصلاح منظومة التربية والتعليم، ونقلها من حال الجمود والركود والحفظ ونقل أفكار الانغلاق والتطرف والفوقية إلى التفكير النقدى والقائم على البحث والفهم والتحليل، لو كان هو نفسه كارهًا أو مقاومًا أو خائفًا من التفكير النقدى؟، أو يعتبره رجسًا من عمل الشيطان؟، أو يتفاداه منعًا لوجع دماغ؟، أو لأنه يرفع مبدأ «هذا ما وجدنا عليه آباءنا»؟!.
إذن، معلم واعٍ يعتنق مبدأ الإصلاح وحده القادر على القيام بالمهمة. فهل نحن قادرون وراغبون على تكوين «خميرة» معلمى إصلاح يقودون مسيرة الإصلاح الحقيقى؟، أتصور أن تجربة تدريب وتأهيل مجموعات من معلمى ومعلمات المدارس المصرية اليابانية نموذج جيد لإمكانية تحويل الحلم إلى حقيقة.
على حد علمى، من تم تدريبهم وتأهيلهم لم يتدربوا على كيفية الشرح وإدارة المنظومة التعليمية فقط، بل تدربوا وتأهلوا على كيفية تطبيق مبادئ التربية والتعليم فى هذه النوعية من المدارس، ومنها مثلًا أسلوب حل خلاف قد ينشأ بين تلميذين فى داخل الفصل، إذ يقوم المعلم بمساعدة كليهما على شرح ما جرى وتسبب فى الخلاف، ثم إشراك زملائهما فى فهم المشكلة والوصول إلى حل لها.
لا أعلم إن كانت الأمور ما زالت تسير على ما يرام فى هذه المدارس، ولكن ما قصدته أن الإصلاح ممكن، ولكن حين يكون المصلح مقاومًا بشراسة، أو معارضًا بقوة، أو معتنقًا فكر النقل والجمود بشدة، أو متشبثًا بأولوياته الشخصية من تقليص الجهد المبذول فى الفصل مع الطلاب وتوفيره للسنتر مثلًا، هنا يتحول الإصلاح إلى حبر على ورق، أو إلى كتاب مادة «الأخلاق» الذى يساعد المدرس الخصوصى الطلاب على حفظ ما ورد فيه، يسكبونه على ورقة الامتحان، ويضرب كلاهما – الطلاب والمعلمون- عرض الحائط ما إن يخرجا من الفصل أو السنتر. وللحديث بقية.