بقلم:أمينة خيري
أنا من الفريق الذى يرى أن عملية إيران قدمت فرصة ذهبية لإسرائيل لتلمع صورتها وتصلح قليلا من سمعتها. وهذا الفريق يرى أيضا أن على نتنياهو أن يشكر إيران على ما قدمته من عمل عظيم وتضحية كبرى بهذه المبالغ الطائلة التى أنفقتها على «وعده صادق»، وتحديدا 170 طائرة مسيرة و120 صاروخا باليستيا و30 صاروخ كروز. فقد مكنته العملية من استعادة قدر ولو ضئيل من اتحاد الشارع الإسرائيلى وهدوء الرأى العام النسبى والمؤقت فيما يختص بإدارته لأزمة عملية حماس «طوفان الأقصى»، وما نتج عنها من أزمة رهائن إسرائيليين. وأنا أيضا من الفريق الذى يرى- بغض النظر عن الاتهامات المكيلة من قبل فريق السعداء بالعملية- تشابها كبيرا لدرجة التطابق بين العمليتين «طوفان الأقصى» و«وعده صادق»، وذلك من حيث آثار اليوم التالى الرهيبة مقارنة بحجم العملية، أيضا، بغض النظر عن حجم الاهتمام أو الإثارة أو الزوبعة التى خلفتها أى من العمليتين. فى النهاية، وبحساب المكسب والخسارة، ماذا حققت كل عملية على جبهتى الصراع؟! من أفادت؟ ومن أضرت؟ وهذه الأسئلة مطروحة على المديين المتوسط والطويل، لا عن الآنى أو عقب حدوث العملية بثوان ودقائق. وبعيدا عن الحرج الذى يكتنف الجميع فى طرح أسئلة تتعلق بمستقبل- وربما حاضر- العلاقة بين السلطة الفلسطينية أو فتح وبين حماس، وكلاهما يمثل الشعب الفلسطينى بشكل أو بآخر، أى رسميا أو شعبيا، أو نظريا أو فعليا. فى 25 يناير عام 2011 وما تلاها من أيام، نزلت حشود إلى ميدان التحرير تزايد حجمها مع مرور الأيام.
ملايين المصريين كانت واقعة تحت ضغوط اقتصادية واجتماعية وسياسية، ومنها من شجعه مشهد التحرير وتجمع الشباب، والأغانى والهتافات، والشعارات التى دغدغت القلوب وأقنعت العقول، بالإضافة إلى كم التأييد الغربى الجارف، لا سيما فى النصف الثانى من أيام «الثورة» الـ18، لإنهاء حكم الرئيس السابق الراحل مبارك، بل ومطالبته بالتنحى والرحيل. وبعد تحقيق المراد، حدث ما حدث، ووقعنا جميعا فى حيص بيص. فريق يرى أن «مصر إسلامية لا علمانية»، وآخر يريد مصر مدنية لا مجال فى حكمها للخلط بين الدين والسياسة، وثالث يطالب بخلطبيطة معتادة مريحة بين الاثنين، ورابع يريدها اشتراكية كتلك التى أسسها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وهكذا. هذا الموقف «الحيص بيص» أدى إلى ما تجرعناه على مدار عامين حتى تم إنهاء حكم الإخوان، وما جرى بعدها من إرهاب وتربص بمصر والقائمة طويلة ومعروفة. ثورة بلا قائد تؤدى إلى فوضى، وثورة بقيادتين متناحرتين تؤدى إلى فوضى عارمة ومميتة ومهلكة. الحرب ليست ضربة اليوم، وحصاد نتائج عظيمة غدا، إلا إذا كان الهدف إيلام العدو فقط. أما نظرية «شىء أفضل من لا شىء»، فهذه دعوة للتدبر ولو قليلا فيما يسفر عنه هذا «الشىء» على أرض الواقع