«كماشة» غزة وأهل مصر

«كماشة» غزة وأهل مصر

«كماشة» غزة وأهل مصر

 العرب اليوم -

«كماشة» غزة وأهل مصر

بقلم - أمينة خيري

انتهت مرحلة الشكوك. وصارت الحقيقة واضحة وضوح الشمس. ليس هناك أدنى التباس، أو حتى شبح قيل وقال. مصر فى القلب مما يجرى فى غزة. وهى فى القلب هذه المرة ليس فقط كعادتها وعقيدتها ومنهجها فى كونها تاريخياً وجغرافياً وإنسانياً فاعلاً رئيساً فى القضية الفلسطينية، إن لم تكن الفاعل الرئيسى، ولكن هى فى القلب من «الطوفان» الحالى كغاية وهدف عبر الوسيلة.

وسيلة «الكماشة» التى تتبعها دول وجماعات وكيانات عدة فى الغرب، وكذلك فى الشرق للتضييق على أهل غزة، بحيث لا يجدون مهرباً أو ملجأً أو وسيلة للبقاء على قيد الحياة سوى المنفذ الوحيد المتاح، صارت واضحة وضوح الشمس.

أحترم وأقدر وأبجل أيديولوجيا الشعب الفلسطينى الأبى العظيم -أو على الأقل غالبيته- بعدم ترك الأرض، حتى لو كان هذا يعنى فناء جزء منه كما يحدث حالياً، لكن الأيديولوجيا وحدها لا تكفى أحياناً، لا سيما فى أوقات الإبادة.

جميل جداً وعظيم جداً جداً أن نرى فيديوهات لأمهات وأطفال من أهل غزة يلوحون بعلامات النصر وهم واقفون على ركام بيوتهم أو خراب حيهم أو دمار مدينتهم. هذا يتطلب الكثير من القوة والجلد والصبر والعزيمة.

لكن الأجمل أيضاً أن يكون هناك حل مستدام. والحل المستدام لو كان فى يد جهة واحدة، أو دولة دون غيرها، أو تحالف واحد لا ثانى له، لكان الأمر هيناً ويسيراً. لكن الجميع يعلم أن الحل فيه من التشابكات والتعقيدات والإرث التاريخى والحسابات الدولية والإقليمية والمحلية ما يجعله الآن عصياً على التنفيذ.

تنفيذ الحلول المستدامة فى قضية عمرها 75 عاماً، وترتكز على عوامل دينية وديموغرافية وسياسية وعسكرية وأمنية وبقاء دول وفناء أخرى واستعراض قوى عسكرية وتلويحات لا تخلو من نووية وغيرها، يحاول البعض الآن تصويره وكأنه مسئولية مصرية من ألفها إلى يائها.

لو فتحت مصر المعبر، فهى تصفى القضية، ولو لم تفتحه فقد جانبتها الإنسانية، ولو أصرت على فك تشابكات المسألة حيث قوى عسكرية دينية مختلفة، وحقوق تاريخية وإنسانية متعددة فهى لا تهتم بإنقاذ المدنيين العزل، وإن فتحت أبوابها للعلاج والغوث والمساندة فهى لا تقدم ما يكفى.

وإن حذرت أن جماعة كذا ترتبط بجماعة كذا ولا يمكن فك الحبل السرى بينهما فإنها واقعة تحت تأثير خيالات تهيؤات، وإن نبهت أن فتح الحدود بلا حدود يعنى تصدير فكرة «عسكرة» القضية ومن ثم تحويل أراض مصرية إلى طرف واضح وهدف مؤكد ولاعب يقينى فى مرمى الحرب الدائرة بين الفصائل الفلسطينية المسلحة وإسرائيل.

أن يحمل المصريون هم دخول مواجهات جديدة فهو حق لهم، ولا ينال من حملهم هم القضية الفلسطينية التى حملوها بين ضلوعهم على مر الأجيال. وأن يقلق المصريون على مصير ما تبقى من أراض فلسطينية، فهذا أمر طبيعى.

وأن يتشكك المصريون فى نوايا قادمة من الشرق والغرب فيما يتعلق بوطنهم، فهذه ليست تهيؤات أو هيمنة لنظريات المؤامرة، بل باتت مصادر قلق حقيقية فى زمن سقوط الأقنعة.

وحين يقول مستشار الأمن القومى الأمريكى السابق جون بولتون بالفم الملآن إن «إسرائيل ستدمر حماس، وحينها يجب إعادة الحكم فى غزة إلى مصر»، فهذا يعنى الكثير.

وحين تتواتر أحاديث من قادة سياسيين وعسكريين إسرائيليين عن تهجير سكان غزة إلى سيناء، ثم يتم نفيها، فهذا مقصود، وليس زلة لسان أو جنوناً لحظياً تحت وطأة الانفعال.

لم تكن صورة ما يجرى تخطيطه للمنطقة، ومصر فى القلب منه، أوضح يوماً مما هى عليه الآن. ولأنه يصعب، بل يستحيل الفصل بين مشاهد آلاف المدنيين العزل فى غزة الذين تمت التضحية بهم وتحولوا أشلاء أو جثامين أو مصابين، أو حتى حاملين صدمات عقلية ونفسية تستمر مدى الحياة، فإن قليلاً من التعقل أشبه بالأكسجين اللازم للتنفس.

على كل مواطن مصرى وعربى نصرة فلسطين، والنصرة فى ظل الظروف الراهنة يجب أن تكون واضحة وموجهة للشد من أزر وعزم إخوتنا فى غزة، وباقى الأراضى الفلسطينية والذين سيحين دورهم بعد الانتهاء من مخطط غزة (لا قدر الله).

مساعدات ودعم نفسى وإصرار على عدم تفتيت القضية وتأكيد على الرفض التام لإخلاء الأرض واستدامة لإعلام المواقف الشعبية الرافضة للمخططات التى باتت واضحة ومكشوفة.

أما الحنجورية، والخيالات المعتلة التى يروج لها البعض ويقع فى حبالها البسطاء من «افتحوا بس الحدود وسنحرر القدس بالنبابيت»، فعلينا ترشيدها. فهى سلاح ذو ثلاثة حدود. لماذا. لأنها ترفع سقف توقعات البسطاء حيث يعتقدون فعلياً أن المشكلة الوحيدة فى فتح الحدود، ولأن تحرير القدس لن يتم باجتياح الملايين الحدود بالنبابيت، ولأن العائق الرئيسى ليس إغلاق الحدود.

لمصر السلامة ولغزة الغوث والنجاة والحفاظ على الأرض والشعب.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كماشة» غزة وأهل مصر «كماشة» غزة وأهل مصر



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab