يأمل ويتمنى ويرغب المصريون فى أن تتم حلحلة الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى أثرت على الجميع.
صحيح أن «الناس اللى فوق» أو حتى فى المنتصف يعتقدون أنهم وحدهم الأكثر تضرراً لأنهم لا يستفيدون من المبادرات الكثيرة التى أطلقتها الدولة لحماية الفئات الأكثر احتياجاً، وصحيح أن «الناس اللى تحت» يرون أنهم وحدهم من يتجرع مرارة الأزمة، إلا أن الجميع تأثر وتضرر.
الشراكات الاستثمارية الكبرى، والقرارات الاقتصادية المتواترة التى شهدناها فى الأيام القليلة الماضية تأتى حاملة قدراً وافراً من الأمل القادر على تحويل الأمنيات إلى واقع.
وعلى الرغم من أن ما يجرى على أثير الـ«سوشيال ميديا» 24/7 من حراك إفتائى، وإعادة تدوير لآراء تبدو اقتصادية وتحليلات تدعى أنها عالمة ببواطن الأمور وأبعاد القرارات، إلا أن جانباً معتبراً منها «عك» خام.
لذلك، وضمن الإصلاحات الهيكلية التى نتمناها والتى يفترض أن تتبع ما تم الإعلان عنه من شراكات واتفاقات كبرى، أرى ضرورة تقديم وجبة سهلة وبسيطة، لكن علمية وعميقة من الشرح والتحليل لما يمكن أن نتوقعه حالياً وعلى المديين القريب والمتوسط على الأقل.
البعض يتطوع -ربما بحسن نية- لتصوير الإجراءات وكأنها «دقة زر» ستصلح الاقتصاد، وتضمد الجراح، وتضخ الأموال، وتخفض الأسعار الآن.
المطلوب إغلاق نافذة التطوع، وفتح باب الخبرة والمعرفة. التطوع، وإن هدأ القلوب الوجلة اليوم، فإن آثاره الجانبية غير محمودة.
وأظن أن القاعدة العريضة من المصريين لديها من الذكاء والجلد والأمل ما يؤهلها للاكتفاء بمناهل الخبرة ومصادر المعرفة.
نحتاج الخبرة والمعرفة، ونحتاج كذلك القانون وقبضته الحاسمة والعادلة الآن. تطبيق القانون أحد أعمدة أى دولة، وهو الذى يفرق بين شعب ود أن ينهض وآخر لم يحسم أمره بعد.
بعد تاريخ سبعة آلاف سنة ويزيد، نحن أعلم الناس بأهمية وحتمية تطبيق القانون.
الرئيس السيسى قبل أيام، وأثناء لقائه مع وزير العدل المستشار عمر مروان تحدث عن أهمية تطبيق القانون «بكل أمانة ونزاهة ومساواة، تأكيداً لسيادة القانون على الجميع بلا تمييز، وحماية لحقوق المواطنين».
حقوق المواطنين، وكذلك واجباتهم إذن لن تستوى إلا بتطبيق القانون. ومن الممكن استغلال أجواء البدايات الجديدة ونسيم الأمل فى الأجواء وإلحاق جزئية «تطبيق القانون» بهما، ففيه تصحيح للاعوجاج وتصويب للانحراف.
الانحرافات ليست بالضرورة زاعقة أو صارخة، ولا تتضمن حتمياً ملابس خليعة أو مسائل تتعلق بالنساء والفتيات، كما يصر البعض. الانحرافات الحقيقية ليست فستاناً ترتديه فنانة، أو حياة تخوضها شابة لا تطابق مقاييس «أيزو» المتشددين والمتعنتين.
إنها سوق متروكة لجشعين يتحكمون فيما يأكله المصريون، أو تاكسيات تعطلت عداداتها بقرار من سائقيها، أو شوارع متروكة لكل من هب ودب يفرض قواعده أو يهيمن بسطوته عليها، أو تعنت موظف حكومة فى أداء عمله، وغيرها من الأمور التى تمضى دون مراقبة أو معاقبة طيلة أيام العام، لا خلال مواسم فقط.
وفى كل عام، وتحديداً فى شهر مارس، نركز الأضواء على نساء مصر وبناتها، هذه القوة الضاربة التى تبنى مصر مناصفة دون ضجيج أو شكوى، رغم بقايا قوى الظلام.
قوى الظلام التى تصارع من أجل البقاء عبر تفسيرات دينية يحتكرونها ويبذلون الجهد الجهيد من أجل تعميمها وزرعها فى عقول النساء قبل الرجال، آملين فى فرصة هنا أو فجوة هناك يتسللون منها مجدداً.
المرأة والشابة والطفلة هى الأداة الأقوى فى يد هذه القوى الظلامية، والتى لا تتوقف عند حدود جماعة مجرمة هوايتها هدم الأوطان وبناء ممالك لا تعترف بحدود وطنية أو مصالح شعب.
ويجدر بنا ونحن فى مستهل شهر المرأة، حيث اليوم العالمى للمرأة، ويوم المرأة المصرية، وعيد الأم، أن نذكر أنفسنا أن معركة مصر من أجل بناء دولة مدنية لم تنته، وأن المرأة المصرية ما زالت تتعرض للاستغلال والضغط من قبل ممثلى الفكر المتطرف فى الشارع وعلى الـ«سوشيال ميديا» والمدارس وأماكن العمل، حيث يتم دس جرعة السم فى درس تطوعى هنا، أو نشاط «ثقافى» هناك، أو محاضرة تنمية بشرية هنا وهناك.
ولحسن الحظ، ورغم المصاعب الكثيرة التى تكابدها مصر على مدار شهور، من حروب تحيط بها من كل الجهات، وأزمة اقتصادية طاحنة وغيرها، فإن الاحتفال بالمرأة المصرية يوم الأربعاء الماضى، وقيام قرينة الرئيس السيدة انتصار السيسى بتكريم عدد من النماذج النسائية الناجحة فى الفن وريادة الأعمال والأفكار والعمل الخيرى والدبلوماسية والرياضة، بالإضافة لأيقونات العمل والإرادة والتحدى من النساء المصريات اللاتى يمثلن المرأة المكافحة فى كل بيت مصرى جاء ليؤكد أن البقاء للمرأة المصرية والزوال لقوى الظلام.