أطفال غزة وسكين الـ«سوشيال ميديا»

أطفال غزة وسكين الـ«سوشيال ميديا»

أطفال غزة وسكين الـ«سوشيال ميديا»

 العرب اليوم -

أطفال غزة وسكين الـ«سوشيال ميديا»

بقلم - أمينة خيري

في وسط هذا الكم من العتمة والصدمة جراء الحرب الوحشية الدائرة في غزة، نقطة ضوء. عدد من الأطفال الفلسطينيين المصابين بالسرطان تم نقلهم إلى مستشفيات مصرية. هؤلاء كانوا قبل الأحداث يعالجون في مستشفيات غزة، التي خرجت 60 بالمائة منها من الخدمة بسبب الحرب ونفاد الوقود ونقص وأحياناً نفاد المستحضرات الطبية ناهيك عن تحول المستشفيات إلى مراكز إيواء لآلاف الأسر النازحة.

مصيبة الحرب الواقعة على رؤوس أهل غزة واحدة.

لكن بين المدنيين من يحمل بدلاً من المصيبة اثنتين أو ثلاث وربما أكثر. المريض والضعيف والمعاق وغيرهم يحملون أضعاف المشقة الأصلية.

أتخيل أم طفل مصاب بالسرطان ووجدت نفسها وسط حرب شعواء، لا علاج أو غذاء أو حتى سبيل للنجاة من الموت الذي يلوح في كل أفق.آفاق المساعدات الإنسانية في الحروب تبدو لي أحياناً وكأنها فكرة عجيبة.

العقول والقلوب القادرة والراغبة في الانخراط في حرب شعواء، وتضع لها القواعد والمقاييس، وتصنع لها المعدات القتالية وتضع لها خططاً طويلة المدى وأخرى متوسطة وقصيرة المدى، هي نفسها العقول والقلوب التي تسن قواعد القوانين الإنسانية وأخلاقيات سفك الدماء وقواعد إلحاق أكثر قدر من الضرر.

عموماً، هذه مسألة هامشية لا تعني الكثير.

البعض يقول إن الحروب طبيعة بشرية.

لكن يظل طرح مثل هذه الأمور للنقاش حالياً غير ذي جدوى، وإن كانت أبحاثاً علمية عديدة تقف على جبهتين متناقضتين.

الأولى تؤكد أن الحروب ليست طبيعة إنسانية، والثانية تجزم إنها فطرة لا يمكن بترها، فقط تهذيبها.

وعلى سيرة التهذيب، وليس بعيداً عن حرب غزة، أعاود الحديث عن جنون آخر شاطح ناطح أرعن عجول تدور رحاه 24/7، دون أدنى فرصة لالتقاط الأنفاس أو إعطاء فسحة من الوقت لذلك الشيء الرخو الكامن في الجمجمة للتفكير ووزن الأمور قبل تصديقها وتداولها.

آلاف "الأخبار" الجاري تداولها على ال"سوشيال ميديا" مجهولة النسب.

"الخبر " مكتوب بحنكة ومهنية وذكاء. الصياغة جيدة ومترابطة ولا تشوبها شائبة صحفية.

والأهم يبدأ "الخبر" بالكلمة السحرية التي تدغدغ المشاعر وتلغي الشئ الرخو الكامن في الجمجمة: عاجل. وربما أمعن مؤلف "الخبر" في سبغ منتجه بمزيد من عوامل الجذب، فيكتبه "عاااااجل".

"فلان في إسرائيل في غيبوبة ويرقد في المستشفى بين الحياة والموت". وتأتي التعليقات هادرة زاعقة صارخة: "إنه النصر المبين" مع كثير من التكبير والتهليل.

وتتوالى "الأخبار" العاجلة المدغدغة لمشاعر المتلقين، والذين لا يكتفون بتصديقها وإطلاق العنان للمشاعر دون تكبد عناء الدق على زر آخر، دقة لن تستغرق أكثر من ثوان للتأكد من صحة العاجل، بل ينقلون عبر المشاركة وشفاهة.ومن مصيبة "العاجل" الذي هو تأليف وتلحين وإخراج أحدهم يجلس في مقهى في مكان ما أو في غرفة نومه في عمارة ما إلى لعنة "المنقول" والذي ينافس "العاجل" في كم السفه والنزق والحمق من حيث المحتوى.

وإذا كانت الثقافة والوعي الرقميان ينصح بهما في الأوقات العادية، حيث قليل من التفكير قبل تصديق وتشارك "عيل مخطوف" و"خطف فتاة واعتناقها دين آخر" و"اختفاء الكفتة من الأسواق" وغيرها، فإنها حتمية في الأجواء التي نعيشها.

حد أدنى من الوعي الرقمي مسؤولية وواجب الآن.قليل من التدقيق لا يضر، لكن ينفع بكل تأكيد.

وقليل من التعقل لن يؤثر سلباً على قدر الغضب والحزن لما يجري لأخوتنا من مدنيي غزة، لكنه على الأقل سينير بصيرتنا ويخبرنا أن الحسبنة والدعاء على الأعداء وتوجيه أقوى ألفاظ السباب وأقسى النعوت عليهم وحده لن يكفي بمحوهم أو إلحاق الهزيمة بهم.

أي شخص يحمل قلباً بين ضلوعه وعقلاً في جمجمته سيغضب وينتفض لما يجري في غزة.

لكن هذا الغضب حين يتحول إلى إيذاء آخرين لا ناقة لهم في الحرب أو جمل لهم في القطاع، فهذا يعني أن الغضب في حاجة إلى ضبط زوايا.

زوايا ال"سوشيال ميديا" منفلتة منذ زمن، لكن وقت كان انفلاتها يؤثر فقط على دول ما يسمى بـ"الربيع العربي"، وهو الانفلات الذي يستفيد من الآثار الجانبية لمبادئ التمكين الرقمي وإعطاء صوت لمن لا صوت لهم وغيرها من أفضال منصات التواصل الاجتماعي، لم يلتفت إليها أحد على الجانب الآخر من العالم.

ليس هذا فقط، بل اعتبروا ما يجري على الأثير ديمقراطية وحقوق إنسان.مرة أخرى، لا أحد ينكر أو ينفي أو يقلل من أهمية ومحورية الـ"سوشيال ميديا" في كونها أداة تمكين، لكن أعود إلى نقطة "الوعي الرقمي" المفقود.

السكين أداة مهمة جداً لا يخلو منها مطبخ أو جزار أو بقالة.

لكنها أيضاً يمكن أن تتحول إلى أداة قتل النفس والغير، كل المطلوب التفكير قبل الإمساك بالسكين لا سيما في أجواء بالغة الصعوبة كتلك التي نعيشها.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطفال غزة وسكين الـ«سوشيال ميديا» أطفال غزة وسكين الـ«سوشيال ميديا»



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 العرب اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 10:42 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يتحدث عن إمكانية تقديمه أغاني خليجية

GMT 23:27 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab