اختلاف أولويات حرب غزة

اختلاف أولويات حرب غزة

اختلاف أولويات حرب غزة

 العرب اليوم -

اختلاف أولويات حرب غزة

بقلم - أمينة خيري

كان يفترض ألا يعلو صوت فى هذه الأيام الصعبة المميتة إلا صوت محاولات الوصول لاتفاق أو تسوية توقف آلة القتل والتدمير الوحشية الدائرة رحاها فى غزة، والآخذة فى التمدد خارجها، ربما استعداداً أو أملاً فى توسيع الدائرة أكثر. وكان يفترض أن ينحى الجميع -ممن هم خارج حلبة الصراع الدامية- جانباً كل مصادر الخلاف وعوامل الفتنة وما تحمله كل نفس من انتماءات أو أيديولوجيات تدفع فئة إلى الرغبة المستدامة فى الانتقام وبث الكراهية. وكان يفترض أن يؤجل كل من فى نفسه هوى سياسى أو سم أيديولوجى -زرعته فيه جماعة عقيدتها الكراهية ومنهجها الانتقام طالما لا تحكم وتتحكم- رغباته فى نشر السموم والشرور إلى ما بعد الوصول إلى اتفاق، ولو جزئياً أو مؤقتاً، لحقن دماء مَن تبقى على قيد الحياة وما تبقى بلا تخريب فى غزة.

ولكن، وآه من ولكن، هناك من ترك كل ما يجرى على الأرض من فدائح أدخلت ملايين البشر فى حالة غضب وحزن جماعى، بل وشعور بالذنب يسيطر على كل من يأوى إلى فراشه ليلاً وهو يحظى بسقف يحميه ولا يحمل هم الاستيقاظ أسفل ركام بيته أو عدم الاستيقاظ مرة أخرى من الأصل، وانهمك فى انتقاد وتوبيخ وتبكيت الجهود العاتية التى تبذلها مصر والمصريون لوقف سفك الدماء.

وعلى أية حال، يقول المثل الشعبى «عادتك ولا هتشتريها؟!» وكل ما يفعله هؤلاء وأذرعتهم العنكبوتية على منصات الـ«سوشيال ميديا» وكذلك ثعابينهم التى تطلق فحيحها السام على قنوات بات الجميع يعرف أولوياتها، حتى لو تنكر الفحيح فى صورة تحليل هادئ فى فقرة المساء والسهرة.

وفى فقرة المساء والسهرة ذاتها، ولكن على أثير الـ«سوشيال ميديا»، تدور نقاشات وحوارات، بعضها للأسف يتحول إلى تراشقات وتخوينات واتهامات أقل ما يمكن أن توصف به هو «المتهورة» و«السخيفة» حول مسألة المقاطعة.

من أجمل ما كشفت عنه الدعوة إلى المقاطعة هو تنامى الشعور الإنسانى والعربى لدى فئة الشباب والمراهقين وحتى الأطفال ممن كنا نظن أنهم غائبون عن القضية الفلسطينية تماماً. ولكن تبقى المقاطعة -أى مقاطعة- مبادرة من قبل البعض بلا إجبار أو تنمر. فأن يرى أو يقرر أحدهم أن مقاطعة منتج أو سلسلة مطاعم أو سوبر ماركت مدرجة أسماؤها فى حملة مقاطعة إنما يلحق الضرر بالعمالة الوطنية وبالاقتصاد الوطنى الواقع أصلاً بين شقى رحى مشكلات متواترة ومستجدات لا تكف عن تجديد نفسها، فهذا لا يعنى ولا يعطى الحق لأحد أن يمنعه من قراره، أو ينعته بالخيانة إلى آخر قائمة النعوت سابقة التعليب.

من جهة أخرى، وفى موضوع المقاطعة أيضاً، فإن ما يجرى تداوله من منشورات غير موثقة وغير مؤكدة عن فرص عمل مليونية للعمالة التى سيتم حتماً تسريحها من تلك المحلات والمطاعم لو استمرت مسألة المقاطعة إنما هو ذنب جلل وخطأ مريع. فأن تشجع أحدهم -بحسن نية- على أن يترك عمله، أو تعطيه أملاً كاذباً بأن فرص العمل الأخرى تنتظره بفارغ الصبر دون التحقق من هذه الفرص هو دعم لمبدأ «خراب البيوت».

حين يقبل أحدهم على قتل فرد من أهل بيتك، فتعاقب القاتل بإلقاء بقية أهل بيتك من النافذة فهذا جنون، وأن تصر على ذلك، وتقول إن أحدهم سيتلقف أهل بيتك فى الشارع بينما تقوم أنت بإلقائهم، فهذا جرم أخلاقى. وحين يكون الرد: «وهل ما تفعله إسرائيل بأشقائنا فى غزة مقبول أخلاقياً؟» فإنك تكون قد أجبت عن سؤال: «النهاردة يوم إيه فى الأسبوع؟» بـ«بكرة الساعة 7».

الدخول فى مهاترات لا طائل منها، أو حتى الانخراط فى مناقشات فلسفية وفكرية بالغة الأهمية فى وقت كهذا، ووضعها على رأس قائمة الاهتمام والأولويات يعكس عواراً فكرياً. ليست هذه مطالبة بتكميم الأفواه، أو الحجر على العقول، لكنها مناشدة لإعادة ترتيب الأولويات.

قوائم الأولويات سهلة التجهيز، مثلها مثل قوائم المقاطعة. ستقوم سيادتك بترتيب الموضوعات والقضايا الأولى بالاهتمام والتفكير والعمل بحسب أهميتها، مع الأخذ فى الاعتبار أن عامل الوقت هو أولوية فى حد ذاته. تأجيل المناقشات ذات الطابع الفكرى الخلافى لن يؤذى المتناقشين أو يلحق الضرر بأحد، لكن وضعها على رأس القائمة الآن سيؤذى الجميع وأهل غزة - الذين يدور حولهم النقاش والخلاف والعراك الفكرى - أول من يلحق بهم الأذى.

وعلى هامش الأذى أقول إن لجوء البعض من الأصدقاء إلى استخدام كلمات أقل ما توصف به «النابية» لردع المختلفين معهم فى تناول الحرب الدائرة فى قطاع غزة، وتعريف المقاومة، وتقييم ما جرى، بدءاً من يوم 7 أكتوبر أيضاً لن يفيد أهل غزة فى مأساتهم.

arabstoday

GMT 02:18 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (الجزء 1)

GMT 02:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الوفاء غائب ولغة التخوين والحقد حاضرة

GMT 02:10 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 02:04 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الرفاق حائرون... خصوم ترمب العرب

GMT 02:01 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

شبحا كافكا وأورويل في بريطانيا

GMT 01:58 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

التوسع والتعربد

GMT 01:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا دونالد ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اختلاف أولويات حرب غزة اختلاف أولويات حرب غزة



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة
 العرب اليوم - أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة

GMT 02:44 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
 العرب اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
 العرب اليوم - علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:03 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
 العرب اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 12:50 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

موسكو تدعو "حماس" إلى الإفراج "الفوري" عن مواطنين روسيين

GMT 12:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

انفجار قوي يهز العاصمة السورية دمشق ويجري التحقق من طبيعته

GMT 13:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب تطرح ميزة “مسودات الرسائل” الجديدة

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 20:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترمب يُعدّ قائمة بمسؤولين في البنتاغون لفصلهم

GMT 02:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

استشهاد أكثر من 40 شخصًا في غارات إسرائيلية على لبنان

GMT 10:37 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف 3 قواعد إسرائيلية برشقات صاروخية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab