بقلم - أمينة خيري
نوعية الحياة من حيث الجودة لا من حيث المال والجاه والترف، وتطبيق القانون فعلا لا قولا بشكل يضمن استتباب الأمن الاجتماعى والنفسى، ومراجعة بند الأخلاق والسلوكيات من مدخل التربية لا من مدخل الجامع والكنيسة فقط. استخلصت هذه النقاط أو الأحلام التى تجمع بين عدد من المصريين، ربما ليسوا الأغلبية التى انجرفت فى طريق الفوضى والعشوائية، والتى تربت على كراهية القانون واعتبار خرقه وكسره غاية عظمى، والتى تربت على ما يصح وما لا يصح وليس فقط من منطلق تدين السبعينيات، حيث المظهر الدال على التدين والمصحوب بأداء العبادات علنا يشفع كل شىء. استخلصت هذه النقاط من قراءة العشرات من رسائل القارئات والقراء العزيزات والأعزاء الذين تفضلوا بالتعقيب على عدد من المقالات الخاصة بسلوكيات الشارع، واللجوء إلى الكومباوند، وكذلك تطبيق القانون (أو بالأحرى عدم تطبيق القوانين التى من شأنها ضبط الشارع بالعدل لا بالترويع). وبين ما وصلنى كلمات من القلب للأستاذ محمد السيد نصار، المحامى بالنقض والإدارية العليا، والذى يسكن فى الإسماعيلية منذ ما يزيد على 50 عاما فى حى كان يطلق عليه «الحى الإفرنجى»، ويصف المنطقة بـ«النعمة من حيث الراحة والهدوء والنظافة». وإنه من دواعى الأسف والأسى أن يتزامن ويتواكب التدهور الذى لحق بالمنطقة مع رحيل الأجانب. «أصبح الحى لا يطاق. قهوة بلدى تعمل على مدار 24 ساعة، وضجيج لا يطاق، وإذاعة لمباريات كرة القدم بصوت عال جدا، انعدام النظام والنظافة، موتوسيكلات الدليفرى بأعداد مهولة والقائمة طويلة». ويرى القارئ العزيز أن نتبع ما جاء فى كتاب الراحل خالد محمد خالد «من هنا نبدأ»، حيث نبدأ بأنفسنا.
القارئ العزيز الأستاذ كريم محمد أرسل رسالة صوتية والتى شاركنا تجربته وموقفه من مسألة الكومباوند، حيث عاش خارج مصر لسنوات طويلة واختار العودة إلى مصر فى 2016 (عقب التعويم) معتبرا أنها الأفضل والأنسب له. ورغم أنه كان مقيما فى دولة عربية، إلا أن ما وجده للأسف قلل من جودة الحياة التى يصبو إليها فى مصر للأسف، وأغلبها يتعلق بتفاصيل حياته حول بيته. فبين نباح مستمر للكلاب الضالة، رغم عطفه عليها واعتبارها ضحايا الإهمال، وغياب الرصيف حيث السير فى الشارع يعنى السير جنبا إلى جنب مع السيارات، وإن وجد الرصيف فهو محتل تماما إما من قبل المقهى أو شقة فى الطابق الأرضى قرر صاحبها الاستيلاء على الرصيف، إلى ميكروباصات لها مطلق الحرية يفعلون ما يشاءون، ومنها عمل موقف فى وسط الـ«يو تيرن» ولا يجرؤ أحد على الاعتراض، إلى السب بأفظع الألفاظ حتى من قبل الأطفال الذين يلعبون فى الشارع، إلى الباعة الجوالين ومكبرات الصوت واحتلال الرصيف والقائمة أيضا تطول. القارئ العزيز يلجأ إلى الرحاب أحيانا، حيث لا مجال لتحول الشوارع إلى فوضى عارمة. يقول «الشارع أصبح مالوش كبير». وللحديث بقية.