بقلم - أمينة خيري
في «منتدى الإعلام العربى» في دبى تفرض السياسة نفسها مكونًا رئيسًا، إن لم يكن في موضوعات الجلسات، ففى نقاشات الإعلاميين وبعض الساسة الذين يقصدون الحدث الإعلامى الأهم في المنطقة العربية سنويًا. وفى كل دورة، وعلى مدار 21 دورة هي عمر المنتدى، يحوم الحديث السياسى العربى في الأجواء، سواء كان تحليلًا لما يجرى في المنطقة العربية، أو استشرافًا لما هو قادم، بناء على معطيات أكثر منها أمنيات. وفى منتدى هذا العام، جاءت الجلسة التي تحدث فيها المستشار الدبلوماسى لرئيس الإمارات الدكتور أنور بن محمد القرقاش لتجمع بين التحليل والاستشراف. جاء حديثه واقعيًا منطقيًا. فقد رأى في العوامل الجيواقتصادية أولوية على الجيوسياسية، وهو ما يعتبر تحولًا كبيرًا في الرؤى، وميلًا واقعيًا لما يفرضه الواقع بشكل واضح وصريح. تحدث عن «عمودى خيمة السياسة العربية» مصر والسعودية ودور كل منهما المحورى في السياسة العربية. كما تطرق إلى سوريا، والتقارب العربى السورى بعد غياب للدور العربى دام لما يزيد على عقد كامل، مع إشارة لضرورة قيام سوريا بمعالجة الموضوعات التي تقلق الدول المجاورة.
وحين تحدث عن الاستقرار، قال إن الاستقرار لن يتحقق إلا بتقليص الجوانب الخلافية. واستمرارًا للعلاج الواقعى والمنطقى للأمور في المنطقة العربية، تحدث القرقاش عن الجوانب السياسية التي تظل تلعب دورًا محوريًا حتى مع هيمنة الجانب الجيواقتصادى، فقال إننا نعيش في منطقة فيها الكثير من الصراعات المستمرة لسنوات، والتى لا يتوقع أن تنتهى قريبًا، وهو ما يعنى وضعها في الحسبان. في الوقت نفسه، قال إنه لا ينبغى السماح للحسابات السياسية الصغيرة بأن تتحكم في الحسابات التنموية الكبيرة، مشيرا إلى إنجاز الإمارات، فهذا العام، وللمرة الأولى تكسر حاجز نصف تريليون دولار في الناتج القومى المحلى، وهو ما وصفه بـ«الإنجاز الضخم» لدولة تعدادها عشرة ملايين نسمة. ونوه كذلك إلى أن سياسات دولة الإمارات تقوم على عدم التحرك بدون شركاء. قال: «لسنا دولة عظمى أو دولة ضخمة من حيث الحجم، لكن عندنا القدرة على الحركة والإبداع وأخذ المبادرة»، مشيرًا إلى دور الإمارات في التفكير في الممر الاقتصادى وغيره من المشروعات المشتركة التي تضمن الازدهار للجميع، وليس لطرف دون غيره. وفى سياق الكشف السياسى في المنتدى أيضًا، قال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجى جاسم محمد البديوى، إن دول مجلس التعاون أصبح لها مكانة كبيرة في العالم، وهو ما يحتم عليها مواكبة المتغيرات الجديدة. وقال إن المجلس يقف على مسافة واحدة من الجميع، في إشارة إلى عدم الميل غربًا أو شرقًا، وهو ما يلقى ضوءًا مهمًا على تغيرات يلحظها الجميع، منها على سبيل المثال الدور الأمريكى في منطقة الخليج العربى. قال البديوى مبرهنًا على ذلك: «المجلس عقد اجتماعين هذا العام، الأول في موسكو مع وزير خارجية روسيا، وبعدها اجتماع مع وزير الخارجية الأمريكى.