بقلم - أمينة خيري
أدعو وزير الأوقاف المتنور الشجاع الجرىء الدكتور مختار جمعة إلى أن يخصص خطبة يوم جمعة لمسألة تحديد الدعاء وجعله مقصورًا عند حدود المسلمين. ويمكن عمل سرد اجتماعى ثقافى أثناء الخطبة لشرح ما جرى فى عموم بلادنا منذ هجمة تدين السبعينيات، وما نجم عنه من هذا الشكل المنتشر من ثقافة يعتقد البعض إنها تدين، والتى تجعل صاحبها يعتقد أنه وحده المستحق الرحمة والنجاح والشفاء والتوفيق والسلامة. هل فى الدعاء التالى ما يستوقف أحدًا: «اللهُم ارحم موتانا وموتى المسلمين واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، ووفق طلاب المسلمين، وثبت قلوب التلاميذ المسلمين على الإيمان وأعز بهم الإسلام» والدعاء يطول للمسلمين ولا أحد سواهم؟!.
أغلب الظن أن أغلبنا اعتاد ذلك، لكن هناك أقلية يتم النظر إليها الآن على الأرجح باعتبارها فاسقة مارقة، تجد فى طلب الرحمة والتوفيق والنجاة والنجاح لفئة من البشر دون غيرها نزقًا وأنانية وقصر نظر، بل تطاولًا على الله سبحانه وتعالى، فهو وحده الذى سيحدد من ينجح ومن يرسب، ومن يحيا ومن يموت. يا أخى حتى لو كنت فى قرارة نفسك تعتقد أنك وحدك المستحق رحمته ورعايته، جَامِل الآخرين من حولك بالدعاء للجميع. ادعُ لهم «ولو من وراء قلبك» لعلهم يفهمون أن الدين يتسع للجميع، وأن قلبك متسامح وعقلك متنور واقبل الآخرين الذين خلقهم الرب نفسه.
وإذا كان أئمة المساجد وخطباؤها قد قللوا أو قلصوا أو رشدوا تحديد الدعاء للمسلمين دون غيرهم، ولا سيما أن مكبرات الصوت - التى اخترعها غير المسلمين- تدخل كل بيت، سواء كان يسكنه مسلمون أو غير مسلمين.. فإن الجموع غارقة فى ثقافة اقتصار الرحمة والمغفرة على المسلمين دون غيرهم. ولن أخوض فى مسألة الاتساق الفكرى والأخلاقى، حيث مَن يرى أن المسلم وحده هو المستحق الرحمة والشفاء والمغفرة، فليتوقف الآن عن التعامل مع أى منتج أو فكرة أو خدمة ودواء صنعه غير المسلمين. وإن كان أحدهم يعتقد فعلًا أن الله خلق فئة من البشر لتعمل وتبتكر وتخترع وتنتج وتصنع حتى تنتفع بها فئة أخرى، وأن هذه الفئة الأخرى تعتبر الأولى مسخرة لخدمتها وإفادتها، فعليه مراجعة قواه العقلية.
الزلازل والأعاصير والكوارث الجوية تنضم إلى قائمة الحروب والصراعات وموجات الهجرة واللجوء والنزوح التى تلم بالمنطقة العربية، والتى هى أغلبية مسلمة.. لكن ضمن الضحايا قتلى ومصابون ومشردون ولاجئون ومهددون بالموت جوعًا وجفافًا غير مسلمين أيضًا. فلماذا يصر البعض منا، بعيدًا عن المنابر العلنية، الدعاء للمسلمين فقط؟ ألا يكفى ما نحن فيه من كوارث لِنُصر على التمسك بتلابيب كارثة فكرية وثقافية تنخر فى عظام الأوطان، اسمها جماعات «الإسلام السياسى»، التى هى وثيقة الصلة بهذا الفكر الضيق المتطرف.
وبينما يدعو البعض بالرحمة لقتلى الزلزال من المسلمين، هل فكروا إن كانوا سنة أم شيعة؟ وهل الإجابة من شأنها أن تغير دفة الدعاء؟!.