يتوقف إطلاق النار ولا يتوقف الصراع

يتوقف إطلاق النار ولا يتوقف الصراع!

يتوقف إطلاق النار ولا يتوقف الصراع!

 العرب اليوم -

يتوقف إطلاق النار ولا يتوقف الصراع

بقلم - رضوان السيد

حدثان يشغلان العالم (في الإعلام على الأقل) هما: المفاوضات في فيينا لاستعادة الاتفاق النووي مع إيران - والصراع على أوكرانيا بين الغرب الأطلسي وروسيا الاتحادية. ورغم كثرة الضجيج في الحدثين أو الحالتين، فلا أحد يعتقد حقاً أن الحرب ستقع على أوكرانيا، ولا أنّ المفاوضات على النووي ستفشل. سيخرج الجميع كاسبين. في حالة أوكرانيا والتي ما كاد بوتين يطالب بأمرٍ واحدٍ بشأنها وهو عدم دخولها ودخول جورجيا في حلف الأطلسي؛ بل صارت مطالبه متعددة ومتنوعة؛ فالراجح أن يتحقق مطلباه الحقيقيان، وهما: اضطرار الدولتين إلى الإعراض عن الانتماء للأطلسي مقابل السلم دون السلامة، وإقبال روسيا على تصدير غازها برجاءٍ أميركي!
وفي حالة النووي الإيراني، فإنّ المفاوضات تتقدم وهي مُرْضية لسائر الأطراف باستثناء إسرائيل التي ما عاد أحدٌ – وللعجب - يأبه لأمنها المهدَّد بزعم مسؤوليها. بل وإنّ الروس الغاضبين ما عادوا يسمحون لها بالإغارة على الإيرانيين وميليشياتهم في سوريا!
فهل يعني ذلك أنّ «كل شيء هادئ في الميدان الغربي» بحسب رواية آريا ريمارك الشهيرة؟ بالطبع لا؛ لأنّ الموضوع ليس أوكرانيا وجورجيا، ولا سلاح الأطلسي في بولندا وبلغاريا، بل هو صراعٌ على الموارد والمجالات الاستراتيجية ومناطق النفوذ والثروات البحرية وتصدير الغاز الروسي. وقد كشف عن تلك الحقيقة رجب طيب إردوغان - وهو الذئب في معمعة الأسود والدببة والضباع - حين انتصر لأوكرانيا ونادى إسرائيل للتعاون في تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا إذا حصلت نُدرة لا يتوقعها كثيرون. فالأميركيون لا يستطيعون تعويض الغاز الروسي، والروس لا يستطيعون التوقف عن بيع الغاز للأوروبيين قبل النورد ستريم وبعده!
ليس كل شيء هادئاً رغم عدم وقوع الحرب، ففي مؤتمر القمة الأفريقي بأديس أبابا، وجد الأفارقة أنفسهم غارقين في تلمس آثار الانقلابات العسكرية بالقارة على أمنهم واستقرارهم. قبل عقدين، كانت أفريقيا تتجه للسلام والديمقراطية، وتنشغل باستقبال المتنافسين على ثرواتها ومستقبلها، وكانت الصين هي بيضة القبان في العمل بالقارة الواعدة، وتقدمت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي لمواجهة الصين في الأسواق الأفريقية. بيد أن عوامل التعرية انتصرت في أفريقيا وازداد انتشار البؤس قبل «كوفيد - 19» وبعده، فتوالت الانقلابات ضد الحكومات «الديمقراطية» التي تصاعد التذمر منها والأسباب كثيرة. وفي أفريقيا لا يقتصر الأمر في الانقلابات على تغيير الحاكمين، بل تظهر دائماً حركاتٌ انفصالية ومنظمات تحرير. والجديد الجديد، أنه في كل موطنٍ ينسحب منه الأوروبيون احتجاجاً على الانقلاب أو عجزاً عن ضرب التحريريين، يأتي الروس مهرولين ومعهم مرتزقة فاغنر الذين اشتهروا في سوريا وفي ليبيا والآن يبدعون في دول الساحل.
ولماذا ننسى الشرق الأوسط المستثنى من الهدوء من دون إطلاق النار أيضاً؟ في بلدانٍ عربية عدة تنتشر الميليشيات الإيرانية. وبعد «حزب الله» اللبناني والآخر العراقي، ينجح الإيرانيون بعد الأتراك في استخدام «مرتزقة» سوريين في سوريا. أما الأتراك فيستخدمونهم في سوريا وليبيا وأذربيجان. وقد هدَّد نصر الله جعجع مرة بعد أحداث الطيونة وعين الرمانة بأن عنده في لبنان فقط مائة ألف مقاتل، وهذا إذا لم يستدعِ أنصاره وأنصار إيران من خارج لبنان. وبالطبع، فنصر الله دعواه عريضة وليس بتواضع إردوغان؛ ولذلك فإنّ أنصاره جميعاً عقائديون وليسوا مرتزقة وإن جاءوا للكسب من باكستان وأفغانستان والعراق!
إنما لا ينبغي أن يغرّنا مشهد الاضطراب المتنوع ومن ورائه «الحرس الثوري». فقد «خمدت» الحروب أو تجمدت باستثناء اليمن الذي لم تخمد مقاومته لأنصار إيران. ويبلغ من هدوء الأميركان واعتدالهم مع الإيرانيين وحوثييهم أنهم في الوقت الذي يؤكدون فيه باستمرار دعم القدرات الإماراتية للدفاع عن النفس يصفون تصرفات الحوثيين العدوانية بأنها «غير ملائمة» و«غير مناسبة»، ويكادون يذهبون إلى أنها لا تزيد على أن تكون «قلة أدب»! وإذا كان قتل الناس بالمسيّرات والصواريخ لا يزيد على أن يكون تصرفاً وقحاً أو غير ملائم، فما هي الجريمة الصادمة؟ وفي حين يخلط الإيراني في العراق بين التفاوض (على يد قاآني الذي يكاد يقيم بالعراق) والصواريخ والمسيّرات، تتجمد الصراعات في سوريا على مناطق التقسيم الأربع (منطقة الأسد، ومنطقة الترك، ومنطقة إيران، ومنطقة الأكراد)، أما الروس وأما الأميركان فيستطيعون الزعم أنهم «قاسم مشترك» بين كل الأطراف! لكنّ الهدوء الحقّ حاصلٌ في لبنان، فالحزب المسلَّح مسيطر ومطمئن ولن يضطر إلى استقدام مرتزقة عقائديين لأنّ نفوذه غير مهدَّد. بل إنه (والإيرانيين) ربما فكّر في إرسال رسالة سلامٍ إلى إسرائيل من خلال السكون المطبق على الحدود، ومن خلال قبول التفاوض مع إسرائيل (بوساطة أميركية) على الحدود البحرية. ويبلغ من سلام نصر الله أنه يحزن، بل ينوح على اعتزال سعد الحريري للانتخابات والعمل السياسي، وهو حنانٌ مفاجئٌ وعرفان لم يُعرف عنه تجاه آل الحريري بالذات من قبل. ويذكّر ذلك بقول الشاعر: لا أُلفينّك بعد الموت تندبني وفي حياتي ما زودْتني زاداً!
ويكاد الإسرائيليون يُجنّون لتقدم المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران في فيينا، لكنْ ما باليد حيلة، فالكل مصرٌ على العودة للاتفاق باعتباره مدعاة سلامٍ؛ وتجنبٍ لشرور النووي الإيراني المحتمل!
لن ينتهي التنافس على الموارد والمجالات والثروات ومناطق النفوذ، وهو صراع لا يخمد أُواره دونما حاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة، ودعك من الحشود الروسية غير الباعثة على المخاوف والأهوال إلا في اعتبار بوتين!
في رواية آريا ريمارك «كل شيء هادئ في الميدان الغربي»، يموت بطل الرواية بعد وقف إطلاق النار في الحرب الكبرى مصادفة برصاصة طائشة. وهكذا ورغم حضور الموت ليس هناك قاتل، بل قتيل وحسْب!

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يتوقف إطلاق النار ولا يتوقف الصراع يتوقف إطلاق النار ولا يتوقف الصراع



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 17:46 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

السعودية تدعم «الشرق الأوسط الأخضر» بـ2.5 مليار دولار
 العرب اليوم - السعودية تدعم «الشرق الأوسط الأخضر» بـ2.5 مليار دولار

GMT 17:14 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عاصفة ثلجية مفاجئة تضرب الولايات المتحدة

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 17:05 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يوافق على انتقال كايل ووكر الى ميلان الإيطالى

GMT 17:07 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

كاف يحدد مكان وتوقيت إقامة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025

GMT 03:19 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

القوات الإسرائيلية تجبر فلسطينيين على مغادرة جنين

GMT 17:06 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعلن رسميًا إقالة نورى شاهين

GMT 17:04 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

شهيد و4 إصابات برصاص الاحتلال في رفح الفلسطينية

GMT 17:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حصيلة عدوان إسرائيل على غزة لـ47 ألفا و161 شهيداً

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تواصل نشاطها السينمائي أمام نجم جديد

GMT 17:09 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا إلى أعلى مستوى منذ نوفمبر 2023
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab