الصراع الدولي وأصل التفاوت بين الناس

الصراع الدولي وأصل التفاوت بين الناس!

الصراع الدولي وأصل التفاوت بين الناس!

 العرب اليوم -

الصراع الدولي وأصل التفاوت بين الناس

بقلم - رضوان السيد

لا أزال أذكر مقولة المؤرخ الكبير أريك هوبسباوم: «إن مجلس الأمن الدولي يعجز عن التصدي لمواجهة مشكلات العالم التي تهدد السلام، في 75 في المائة من الحالات!». وهو يعيد ذلك إلى تعذر التوافق بين الدول الكبرى المشاركة في مجلس الأمن، والأخرى الوسطى التي يتردد أعضاء المجلس في مواجهتها.
وبخلاف ما يذهب إليه خبراء في العلاقات الدولية، من أن لحقبة الحرب الباردة ميزة تتمثل في عدم حدوث صدام عسكري مباشر بين الدول الكبرى وأشباهها، بسبب امتلاكها السلاح النووي؛ فإن برتران بادي، ودومينيك فيدال، وآخرين، رأوا أن الحرب - أو الحروب - الباردة باعتبارها حروباً بالواسطة، كانت - وتكون أحياناً - أسوأ من الحروب بين الجبابرة؛ لأنها تعني استمراراً متصاعداً للاضطراب العالمي الذي دمَّر ويدمِّر عشرات الدول والشعوب، وسط مزاعم ثبات السلام العالمي، ما دام السلاح النووي غير مستخدم! وكل هذه الخواطر تعرض في الصراع الحالي الناشب على أوكرانيا.
«أصل التفاوت بين الناس»، عنوان كتاب لجان جاك روسو، من خمسينات القرن الثامن عشر. وهو يعيد ذلك التفاوت إلى أسباب طبيعية وعرقية واجتماعية وثقافية، ويجعل السبب السياسي والاستراتيجي في الآخر. ولا تزال العوامل كلها موجودة وحاضرة في العالم المعاصر؛ لكن العامل الاستراتيجي هو الذي يتقدمها جميعاً، وليس الآن فقط؛ بل من أيام هتلر والنازية إن لم يكن قبل ذلك. فالتهديد بالحرب يبدأ على سبيل الابتزاز ذي الأهداف المحدَّدة، فإذا وجد المبتزُّ تساهُلاً أو خوفاً من المهدَّدين، غامت الأهداف وتعددت، وصار الصراع دولياً!
كان روسو يسأل عن الحق والاستحقاق بين الأفراد والفئات الاجتماعية، وما تعلق منها بإنسانية الإنسان. أما في حالة روسيا مع أوكرانيا، فإن أي طرف لا يتنكر علناً للتساوي بين الناس، وإن كان المعتدي يتنكر له بالفعل.
لقد عجبتُ لقول المندوبة الأميركية في مجلس الأمن، إنه من الواجب حفظ حرية أوكرانيا وسيادتها ووحدة أراضيها؛ لأنها عضو في الأمم المتحدة! أَوَ لم يكن العراق عضواً في الأُمم المتحدة عندما غزته الولايات المتحدة عام 2003؟ لقد ذكروا يومها لذلك علَّتين: تهديد السلام العالمي (بالنووي غير الموجود)، ونشر الديمقراطية! أما روسيا فالعلة الحقيقية لتهديداتها وحشودها أنها غزت جزيرة القرم عام 2014 وما واجهها أحد، وفعلت الشيء نفسه قبل ذلك مع جورجيا، وتدخلت مؤخراً في كازاخستان، وفي مالي (ومن قبل في سوريا وليبيا، ويقال أنهم يتدخلون الآن في السودان إلى جانب العسكريين!) وحققت مكاسب تعتبرها استراتيجية، وما واجهت صعوبات حقيقية في المجال الدولي، ولا حتى من جانب الأوروبيين المجاورين، أما مع الولايات المتحدة، فلننظر إلى علائق بوتين الحميمة مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب! الولايات المتحدة ما كانت في المرحلة السابقة أقل عدوانية وابتزازاً؛ لكن الفرق بين الأميركيين والروس أنهم بعد كل غزوٍ مستطير يندمون وينسحبون، ويعلنون أنهم أخطأوا التقدير والتدبير، ومن كوريا إلى فيتنام إلى العراق، وأخيراً أفغانستان. لقد بدأوا بإرسال سلاح كثير وجنود قليلين إلى أوكرانيا، كما فعلوا في فيتنام من قبل، فمتى سيندمون؟ بعد أن تكون الواقعة قد وقعت؟!

أما بوتين، فإنه يُراكم «انتصارات» أو يزعم ذلك، وحتى في سوريا ذكر أكثر من مرة أنه ربح على الأقل في تجريب عشرات الأنواع من الأسلحة الفتاكة الجديدة في تلك الأرض الخراب!
في الظاهر، لا داعي لكل هذا الضجيج، فماذا لو أعرضت أوكرانيا عن مطلب الدخول إلى الحلف الأطلسي؟! وبالأمس كان الرئيس ترمب يعتبر حلف الأطلسي ميتاً، وأميركا تدفع المال والسلاح والرجال من أجل راحة القارة العجوز المتنكرة للجميل، والتي لا تريد الاستثمار في أمنها! وبالفعل، حتى الآن يبدو الأميركيون أكثر حماساً من الأوروبيين في الدفاع عن أمن أوكرانيا.
هو الصراع الاستراتيجي على المجالات والموارد؛ بل والتاريخ والرموز، بين الولايات المتحدة وروسيا والصين. وعندما يكون بأوروبا تكون له حساسية أكبر. وبعد عقدٍ ونيف سنجد أن الصراع على المحيطين الهادي والهندي، وربما البحر المتوسط، سيكون في الغالب أعنف من الصراع على شرق أوروبا.
ولماذا هذا التركيز على عدوانية روسيا؟! فإيران وخلال أقل من عقدين خرَّبت أو شاركت في تخريب أربع دول عربية. ولو أن سوريا سقطت عليها قنبلة نووية أو قنبلتان (شأن هيروشيما وناغازاكي) لما تهجَّر من شعبها اثنا عشر مليوناً وقُتل مليون، وتوفي مئات الآلاف في السجون، أما الأحياء الضعفاء منهم فإيران حريصة على تشييعهم! وتركيا أرسلت قوات وصنعت ميليشيات ومرتزقة في سوريا وليبيا؛ فمن عاقب إيران؟! ومَن مِن النظام الدولي قال للطرفين: ما أحلى الكحل بعيونكم، كما يتمثل اللبنانيون؟!
ما عاد هناك نظامٌ دولي؛ بل أقوياء وضعفاء، وكبار وصغار. قيل أن «عصبة الأمم» التي قامت بعد الحرب الأولى انحلَّت لأنها فشلت، وأكبر نماذج فشلها العجز عن منع إيطاليا من غزو إثيوبيا: فهل تنحل «الأمم المتحدة» ومجلس أمنها، للعجز عن منع عشرات العدوانات والحروب؟!
ما فائدة التخلِّي عن مصطلح «عودة الحرب الباردة» لصالح واقع الاضطراب الدولي؟ وإذا نظرنا إلى تعذر التضامن في مواجهة فساد البيئة والأوبئة الفظيعة، يصبح الاضطراب عالمياً أو كونياً!
عندما كان الفيلسوف الإنجليزي البارز برتراند راسل يشخِّص الوضع العالمي في مطالع الستينات، كتب: «العالم ليس في حالة جيدة بالفعل!»، فماذا سيقول الآن لو كان على قيد الحياة؟!    
arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصراع الدولي وأصل التفاوت بين الناس الصراع الدولي وأصل التفاوت بين الناس



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 18:57 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه
 العرب اليوم - العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab