الكراهية والتطرف والعنف

الكراهية والتطرف والعنف

الكراهية والتطرف والعنف

 العرب اليوم -

الكراهية والتطرف والعنف

بقلم: رضوان السيد

في اليوم العالمي لمكافحة الكراهية (18/6/2022) ألقى الأمين العام للأُمم المتحدة كلمةً عبّر فيها عن تشاؤمه لصعود موجات الكراهية وممارساتها في العالم. وقال إنّ الهويات الثائرة والمتصارعة تضع على راياتها الخصوصيات الدينية والقومية ودعاوى التفرد والأصالة. وبالمناسبة أيضاً أصدر وفد دولة الإمارات في الأمم المتحدة بياناً شرح فيه أدوار الدولة وسياساتها في التسامح والاعتدال والتعددية والسلام.

ما ذكر الأمين العام للأُمم المتحدة أسماء أو عناوين، لكنه اعتبر الكراهيةَ من أسباب النزاعات والحروب، وهي إما أن تتسبب بها أو تؤدي إليها. وهذا ظاهرٌ في عددٍ من النزاعات التي تنتشر وتتعاظم في العالم. ومن الواضح أنّ الهويتين الدينية والقومية تستخدمان بكثافةٍ في إثارة العداء ضد الآخر.
في القرن السابع عشر عندما كانت الحروب الدينية مشتعلةً بين البروتستانت والكاثوليك، كتب الفيلسوفُ جون لوك رسالتَه في التسامح. وخلاصته فكرته أنّ العيش معاً أو العيش المشترك لا يتطلب التنازل في الدين أو في الرأي السياسي، بل تقديم اعتبارات التعايش الإنساني، وأنت حر في اعتقادك وفي توجهك السياسي، إنما يحتاج الأمر إلى الاعتراف بالمساواة في الحقوق والواجبات، وهذا مقتضى العقد الاجتماعي، والاحتكام إلى السلطات العامة في إنفاذ حقوق المواطَنة، والضرب على أيدي الذين يتجاوزون على حقوق الآخرين، أو يريدون ما ليس مِن حقهم بدَواعي القوة والغلبة.
لقد تقدمت البشرية والمجتمعات السياسية كثيراً منذ القرن السابع عشر. لكن في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ساد نظام الدولة القومية أو «الأمة/ الدولة». فكل «أمة» تستحق أن تكون لها دولة. ودولة الأمة تقوم على الأكثرية المتجانسة إثنياً ولغوياً. ولذلك ظهرت مشكلة الأقليات الدينية والإثنية في دولة الأمة، والتي انتُقصت حقوقُها أو كرامتُها. وكان لا بد من نزاعاتٍ وحروبٍ حتى ساد الاعتراف وتبلورت فكرة المواطَنة المتساوية، دون أن يُنهي ذلك مشكلات الأقليات تماماً، بما في ذلك طموحها بدورها إلى إقامة دول بمقتضى الحق القومي والاستقلال القومي.
لقد قام النظام العالمي على عضوية الدول القومية المتساوية. إنما بعد الحربين العالميتين كان لا بد أن تتعدل المسألة القومية لتستقر أطروحة الدولة الوطنية ذات السيادة والحدود الثابتة، والتي يتساوى أبناؤها من كل النواحي. وهكذا قامت الأُمم المتحدة، وميثاقها المعروف، ووكالاتها المعنية بالشؤون الإنسانية، وقبلها مجلس الأمن المعني بحلّ النزاعات.
وظلّت الشكوى من المطامح القومية والدولتية، والشكوى من مطامح وأطماع الغلبة من القوي على الضعيف من أجل الموارد والمآلات الاستراتيجية. إنّ الموجات الجديدة من الكراهية والعنف والنزاعات، تعود إلى استيقاظ نزوعات الهوية الدينية والإثنية واللغوية والسياسية، وقبل ذلك وبعده نزاعات الغلبة والحرب من أجل الموارد والمجالات الاستراتيجية.
الدارسون الاستراتيجيون يذهبون إلى أنّ الهويات الجديدة/ القديمة تظهر بشكلين: الفعل الاستراتيجي من أجل الغلبة، والذي يثير موجات من الكراهية والتعصب باسم الدين والقومية ليبرر اعتداءه أمام جمهوره ويكسب حماسته وتأييده.. وردة الفعل من جانب الهوية المقموعة أو المغلوبة على أمرها والتي تلجأ للكراهية وقد تعمد لممارسة التطرف المؤدي للعنف.
كيف تُعالجُ المشكلات من النوعين؛ أي أطماع القوي والغالب، ومظالم المغلوب وأحقاده؟ المفروض أنه في النزاعات بين الدول يتدخل مجلس الأمن. وفي النزاعات الداخلية يفعَّل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومبدأ المواطَنة.
والواقع أنّ مسائل الكراهية والتعصب والتطرف ينبغي مواجهتها بتغييرٍ ثقافي كبير على مستوى الدول الوطنية، وعلى مستوى العالم.
وهذا التغيير الثقافي المطلوب من أجل الانفراجات هو الذي تدعو إليه وتمارسه دولة الإمارات بتثبيت أسس المواطنة والتعددية والتجاور والتحاور الديني والتعايش في هذا المجتمع الكبير في تنوعه وحياته الإنسانية المستقرة والآمنة.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكراهية والتطرف والعنف الكراهية والتطرف والعنف



ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:43 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالة مختلفة تضج جمالاً
 العرب اليوم - نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالة مختلفة تضج جمالاً

GMT 00:23 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها
 العرب اليوم - طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها

GMT 20:22 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الرئيس الفلسطيني يتوجه إلى مدريد في زيارة رسمية
 العرب اليوم - الرئيس الفلسطيني يتوجه إلى مدريد في زيارة رسمية

GMT 19:41 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

إطلاق نار بمحيط إقامة دونالد ترامب

GMT 02:19 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

حالة طوارئ في جنوب ليبيا بسبب السيول

GMT 17:46 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

إصابة شرطي إسرائيلي في عملية طعن في القدس

GMT 04:25 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

سماع صوت انفجار بمحيط مخيم العين غربي مدينة نابلس

GMT 17:24 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

قصف إسرائيلي عنيف على بلدة عيتا الشعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab