فلسفة القيم والحاضر الثقافي العالمي

فلسفة القيم والحاضر الثقافي العالمي

فلسفة القيم والحاضر الثقافي العالمي

 العرب اليوم -

فلسفة القيم والحاضر الثقافي العالمي

بقلم - رضوان السيد

أثّر فيّ كلام البابا فرنسيس في المقابلة التي أجرتْها معه صحيفة «الاتحاد»، إذ قرأت إصراره على أنّ استقرار العالم الروحي والفكري يقوم على ركنين: قوة قيم السلام والتسامح النابعة من الأديان، وتعاون قادة الأديان في نُصرة تلك القيم المشتركة من أجل الأخوّة الإنسانية ودعم مسارات الخير والفضيلة وإنسانية الإنسان في المجال العالمي.
ولا شكّ في أنّ هناك نهوضاً مشهوداً على المستوى الديني والفلسفي في مجالات التقارب القيمي والأخلاقي. لكنّ قيم الخير والحوار والاستقرار الأُسَري والوطني تواجه تحديات من نوعين: النوع الأول: الأخلاقيات الجديدة التي تنشرها وسائل الاتصال وأدوات الذكاء الاصطناعي، وتنشرها الجماعات الجديدة لضرب تماسك الأُسرة بحجة أنها مواضعات وتقاليد تمييزية ينبغي الاستغناء عنها!
والنوع الثاني من التحديات يتناول المناهج التحليلية والتفكيكية لما صار يُعرف بالخطاب في المجالات الأدبية والفكرية والفلسفية. في النوع الأول من التحديات والتهديدات، تتصاعد الضغوط على الأطفال وطلاب المدارس للإخراج من «سلطة» الأُسرة، ومن القيم العائلية، والتلاعب بالقيم والأفكار. وقد حقّقت تلك الجماعات في وسائل الاتصال وفي دور التربية والمدارس وبعض الجامعات اختراقات ملحوظة في الولايات المتحدة وفي بعض البلدان الأوروبية.
أما النوع الثاني فمرّ بمرحلتين: مرحلة الثورة على خطابات التنوير، والدخول في فلسفة التفكيك وتسويغ «اللَّاقيم»، باعتبار أن قيم التنوير تمييزية ويخالطها التزوير والكيل بعدة مكاييل. ومن ضمن ذلك الفرع الذاهب إلى أنّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يخالطه خَطَلٌ كبير! أما المرحلة الثانية فقد افتتحها الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر ذاهباً إلى أنّ الفلسفة الحقيقية هي فلسفة اللغة - بالدخول على النص الأدبي والفكري لجعل ذلك كله نثائر في مجالات لسانيات النص وتحليلات الخطاب.
والمشكلة هنا في الشكلانية التي تعتبر القيمَ مجرد تركيبات لغوية تخضع لتفكيكيات نظرية الأدب، بينما القيم بالأساس جزء من عقل الإنسان وفطرته، بغضّ النظر عن التعبير اللغوي عنها. قد تكون هناك اختلافات في مفاهيم الخير الإنساني بين الثقافات، لكنّ أصل قيمة الخير إنساني بحتٌ وعقلاني ونفساني بحت، وليس تركيباً لغوياً ولسانياً يمكن تغييره أو إزالته. هناك اليوم تياراتٌ في اللاهوت والفلسفة الغربية تعيد اكتشافَ الأساس المشترك للقيم بين بني البشر. بل هناك استعاداتٌ للأصول الدينية لكل القيم التي استأثرت بها العلمانية على مدى قرون. ولذا تتقارب أطروحاتُ اللاهوتيين والفلاسفة في مجالات التلاقي على قواسم مشتركة كثيرة. ويظهر ذلك على وجه الخصوص لدى عدة فلاسفة معاصرين مثل بول ريكور وتشارلز تايلور في كتابه الشهير «عصر علماني» (2007).
وهذا هو التوجه الجديد لدى فلاسفة الدين. مَن هي الجهات التي تحدد مفاهيم الخير والشر، وما هو طبيعي وما هو صناعي ومصطنع ومفروض في الحياة الإنسانية؟
في القرآن الكريم تركيز على مفهومي المعروف والمنكر في الحياة الإنسانية. والمتبادر إلى الذهن أنّ المعروف ما تعارفَ عليه البشر بحكم طبيعتهم الإنسانية، والمنكر كذلك. ولذا فإنّ التحديات التي تواجهها قيم الحياة الإنسانية اليوم بسبب استيلاء الصناعي الهائل على الطبيعي والمتعارَف عليه، هي تحدياتٌ حقيقيةٌ وليست موضةً وستنقضي، ولذلك فالأمر يقتضي النضال من أجل استدامة إنسانية الإنسان.
*أستاذ الدراسات الإسلامية - جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسفة القيم والحاضر الثقافي العالمي فلسفة القيم والحاضر الثقافي العالمي



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية
 العرب اليوم - نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 العرب اليوم - أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية

GMT 06:31 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ثريدز تختبر إعلانات وصور بين المنشورات للمستخدمين
 العرب اليوم - ثريدز تختبر إعلانات وصور بين المنشورات للمستخدمين

GMT 03:25 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

جيش الاحتلال يعتزم مواصلة الانتشار جنوبي لبنان

GMT 03:17 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

زلزال قوي يهز إثيوبيا بقوة 4.7 ريختر

GMT 03:24 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

الحصبة تتفشى في المغرب 25 ألف إصابة و120 وفاة خلال 16 شهرا

GMT 11:32 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

يسرا اللوزي تتحدّث عن الشخصية التي تتمنى تقديمها

GMT 08:46 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

في ذكرى صاحب المزرعة

GMT 09:25 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

ألوان ديكورات 2025 تعيد تعريف الفخامة بجاذبية جريئة

GMT 08:44 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

كيف ستكون علاقتنا مع ترمب؟

GMT 08:42 2025 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

مناخر الفضول وحصائد «فيسبوك»

GMT 14:00 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أخطر سلاح في حرب السودان!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab