طه حسين مجدَّداً

طه حسين.. مجدَّداً

طه حسين.. مجدَّداً

 العرب اليوم -

طه حسين مجدَّداً

بقلم - رضوان السيد

 كنا محظوظين قبل عامين عندما احتفى مركز اللغة العربية في أبوظبي، خلال معرض الكتاب، بعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين. وإلى جانب المحاضرات عن أدبه وفكره وسيرته، أعاد المركزُ نشرَ سائر كتبه بالاتفاق مع دار المعارف المصرية.
وفي هذا العام تحلُّ الذكرى الخمسون لوفاة العميد وكأنه توفّي بالأمس. فقد أعاد كثيرون منا بسبب نشرة المركز الجديدة لمؤلفاته قراءةَ كتبه، ورُحْنا نضع لها خريطةً زمانيةً وهي متعذرةٌ لأنه اهتمّ بكل شيء يمكن أن يحمل مسمَّى الأدب، وكان دأبه التجديد المنهجي في كل ما تناولته كتاباته. ومنذ عشرينيات القرن العشرين وإلى مشارف سبعينياته، ما خلا عامٌ مِن جديدٍ له في الأدب والفكر والسيرة والتيارات الجديدة المتراوحة بين الفكر والأدب في النتاج الفرنسي وإنتاج المبدعين العرب.     عندما قابلْناه أواخر الستينيات أثناء دراستنا في القاهرة، كان الجزء الثالث من كتاب «الأيام» الذي نشرته دار الآداب ببيروت آنذاك حديثَ الساعة.
ولأننا كنا طلاباً بالأزهر فقد آثر أن يحدّثنا عن إسلامياته. ونبّهنا إلى الجديد المنهجي فيها، وقال إنّ المشكلة مع الموروث في شبابه وشباب جيله كانت القراءة النقدية لهذا التاريخ الأدبي والفكري. وما كان ذاك التاريخ الثقافي قد كُتب إلاّ في شذراتٍ للمستشرقين والعرب. وكان ذلك أمراً صعباً لأنّ ذاك التاريخ حتى في جوانبه الأدبية كان قد اكتسب قداسةً تشبه قداسة التقاليد الدينية.
لكن خلال أقلّ من عقدين صار التجديد المطلوب ذا شقين: شق في السيرة والسيرورة لتصبح عصور الإسلام الأولى جزءاً من التراث الوطني المصري والعربي يقرأه الشباب. كان الفرنسيون والبريطانيون يكتبون في سِيَر أبطالهم ومشاهيرهم من الرجال والنساء، فلماذا لا تصبح شخصياتنا الكبيرة أعلاماً في التاريخ المقروء والروائي بدلاً من أن تظلّ جزءاً من التاريخ الديني؟
لا أذكر بالطبع تلك الأحاديث بألفاظها ومفرداتها، لكني أذكر أنه تعرّض لعبقريات العقاد واستحسنها، واعتبر سِيَرهُ الإسلامية أدباً وليس تاريخاً، ربما باستثناء «الفتنة الكبرى» الذي يجمع بين الأمرين. قال إنّ طريقة المؤرخين، مثل الطبري، ومروياتهم الكثيرة والمختلفة تحوّل التاريخ إلى مواقف تعرض وجهات نظر متعددة للشخصيات التاريخية. أما الشق الثاني من التطور فيتناول الكتابات فيما يُعتبر نقداً أدبياً أو قراءات مضمونية للتراث الشعري العربي. قال العميد فيما أذكر في جلستنا الثانية عام 1968 إنه لا يقصد بذلك كتاباته عن المتنبي وأبي العلاء فقط، بل ومقالاته في «حديث الأربعاء» عن الشعراء الجاهليين.
وقد أراد العميدُ إعادةَ قراءة تراث هؤلاء الشعراء وتحليل الإبداع في صورهم الشعرية، وفي التركيب اللفظي وفي اتجاهات المتخيَّل، وهناك صُورٌ عامة، لكن هناك أيضاً صُوَر خاصة أو فردية. ويحتاج اكتشافها، كما لدى المحدَثين، إلى معرفة شاملة بالشعر الجاهلي، وهو الأمر الذي أتقنه العميد منذ أيام الشباب. ما كانت جلساتُ العميد واسعة، لكن كان يحضرها مع الطلاب كبارٌ من تلامذة طه حسين القدامى مثل سهير القلماوي وشوقي ضيف والجدد مثل جابر عصفور. وباستثناء بعض الأسئلة لبدء الحديث، كان العميد هو المتحدث أكثر الوقت.
وقال لي جابر عصفور، رحمه الله، بعد عقود إنه أفاد في كتاباته عن التراث الشعري وفي «المرايا المتجاورة» من هذه المجالس بقدر ما أفاد من كتابات العميد. أجيالٌ تتوالى وتكتب وتجدّد، وقد فني جيل العميد كله، لكنّ أعمالهم باقية في الموضوعات، كما في التجديد المنهجي.
*أستاذ الدراسات الإسلامية - جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طه حسين مجدَّداً طه حسين مجدَّداً



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 15:40 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

SpaceX تطلق 21 قمرًا صناعيًا من Starlink إلى المدار

GMT 05:56 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

حريق جديد في لوس أنجلوس وسط رياح سانتا آنا

GMT 15:41 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعرض 65 مليون يورو لضم كامبياسو موهبة يوفنتوس

GMT 03:25 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

استمرار غياب تيك توك عن متجري أبل وغوغل في أميركا

GMT 03:02 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

زلزال بالقرب من سواحل تركيا بقوة 5 درجات

GMT 03:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

استشهاد مسؤول حزب الله في البقاع الغربي محمد حمادة

GMT 16:11 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"

GMT 03:08 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع ضحايا حريق منتجع للتزلج في تركيا لـ76 قتيلًا

GMT 05:52 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

الصين تختبر صاروخاً فضائياً قابل لإعادة الاستخدام

GMT 16:06 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

ميس حمدان تكشف ردود فعل الرجال على أغنيتها الجديدة

GMT 02:59 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

تحذيرات من رياح خطرة وحرائق جديدة في جنوب كاليفورنيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab