مسألة الغرب ومستقبل العالم

مسألة الغرب ومستقبل العالم

مسألة الغرب ومستقبل العالم

 العرب اليوم -

مسألة الغرب ومستقبل العالم

بقلم - رضوان السيد

«ما وراء الغرب» كتابٌ صدر حديثاً للكاتب الألماني شتيفان فايدنر. وهو مثل عشرات الكتب التي صدرت في السنوات القليلة الماضية، يَقرأ قراءةً تحليليةً نقديةً العالَمَ الفكريَّ الذي كوَّنه الغرب (الأوروبي في الأصل) عن نفسه ونشره في العالَم خلال ثلاثة قرون. وفي العادة، فإنّ هذا النوع من الكتب يبدأ بأطروحات ما صار يُعرف بزمن الأنوار في القرنين السابع عشر والثامن عشر.
وزمن الأنوار هو الزمن الذي صيغت فيه المُثُل والقيم في المساواة والحرية والتقدم الإنساني، وهي المبادئ التي صارت نظام العالم الفكري والمعيشي، وبخاصة بعد الحرب العالمية الثانية كما تبدو في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1945و 1948) والمواثيق والعهود اللاحقة. ورغم أنها تعرضت لنقدٍ شديدٍ من نواحٍ عدة من جانب الفلاسفة الجدد في فرنسا وغيرها، ف
إنّ انتصار الغرب الظاهر بسقوط الاتحاد السوفييتي وسواد الولايات المتحدة زعيمة العالم الغربي بعد الحرب الباردة، ضرب أطروحات المشككين من الغربيين وغيرهم، وأعاد لتلك الأطروحات التنويرية والنيوليبرالية صدقيتَها وقدراتها على المضيّ في تشكيل العالم المعاصر، بحسب المصالح الكبرى للغرب في فترة الهيمنة الأوحدية (1990-2010).
منذ الأزمة الاقتصادية الكبرى (2008-2010) عادت من جديد الطروحات النقدية المشكِّكة، ليس في الاقتصاد فقط، بل وفي قضايا القيم الحاكمة للنظام. كلام شتيفان فايدنر يتلاقى مع تأملات «عالم ما بعد أميركا» الذي كثر الحديث عنه في دراسات الاستراتيجيين الأميركيين أنفسهم. وهؤلاء يركّزون على الصعود الصيني في الاقتصاد، وعلى ظهور أطرافٍ أخرى في المنافسة وفي الندية، مثل الهند وغيرها. وإلى ذلك تأمُّل الاضطراب في العلاقات الدولية، وتارةً بسبب الاختلالات الاقتصادية الكبيرة، وطوراً بتغيرات المناخ، وأخيراً في سلسلة الحروب الصغيرة والكبيرة، والجدال المتفاقم بشأن العدالة والسلام.
ماذا يعني هذا كله؟ من الباحثين والمراقبين مَن يركّز على تراجع الدور الأميركي في إدارة العالم، وعلى مسائل التفوق الأخلاقي التي كان الغرب بشقيه يعتبرها من المسلَّمات. هذه المسلَّمات ما عاد كثيرون يعترفون للغرب بها، ويطالبون بتعديلاتٍ جذريةٍ في مقاييس القبول والإسهام والشراكة. الصين وروسيا تطالبان بتعدديةٍ قطبية.
لكنّ البعض الآخر من النقاد يشير إلى قيم الحرية والعدالة والسلام التي ما عاد الغرب الصانع يقول بها أو يتصرف على أساسٍ منها. فايدنر، وهو ليس يسارياً، يعتبر أنّ الاختلال آتٍ من الأصول التنويرية ذاتها، ومن الاختلالات القيمية الحقيقية التي شرعنت لسياسات القوة، بحيث صارت «القوة الناعمة» الأسطورية التأثير من دون فعالية. فلو استثنينا التحرك الروسي حيال أوكرانيا، نجد أنّ معظم الحروب تشنها الولايات المتحدة أو حلفاؤها الغربيون في العقود الثلاثة الأخيرة.
وإذا لاحظنا وجود ثورانٍ ديني أو اجتماعي أو أخلاقي، نجد أنه أو أنها كانت في معظمها ردود أفعال على اندفاعات أميركا، وهي تحاول إعادة سيطرتها على العالم، الذي صار التمرد سِمةً كثيرة الظهور في العديد من أجزائه. فالاختلال شاملٌ واستخدام القوة (الأميركية) المفرطة في محاولات إخماد المزيد من الاضطراب يزيد الأمورَ تدهوراً. ماذا يقترح فايدنر في كتابه «ما وراء الغرب»؟ يقترح إعادة النظر في المسلَّمات الفكرية والأخلاقية. لكنّ التصدعات في الدواخل الغربية لا تتيح الفرصة لإعادة النظر بشكل جذري في المألوف والسائد أو الذي كان سائداً. ما عاد الغرب مقنعاً لنفسه ولا للعالم من حوله!
*أستاذ الدراسات الإسلامية -جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسألة الغرب ومستقبل العالم مسألة الغرب ومستقبل العالم



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا
 العرب اليوم - وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 14:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
 العرب اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 07:30 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوق الأسهم السعودية تختتم الأسبوع بارتفاع قدره 25 نقطة

GMT 15:16 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

فليك يتوجه بطلب عاجل لإدارة برشلونة بسبب ليفاندوفسكي

GMT 16:08 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سحب دواء لعلاج ضغط الدم المرتفع من الصيدليات في مصر

GMT 15:21 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

لاعب برشلونة دي يونغ يُفكر في الانضمام للدوري الإنكليزي

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 14:05 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سيمون تتحدث عن علاقة مدحت صالح بشهرتها

GMT 15:51 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

غارة إسرائيلية على مستودعات ذخيرة في ريف دمشق الغربي

GMT 04:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب تشيلي

GMT 11:50 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يكشف سبب غياب نيمار عن التدريبات

GMT 19:57 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أبل تدفع 95 مليون دولار في دعوى لانتهاك الخصوصية

GMT 14:07 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

المجر تخسر مليار يورو من مساعدات الاتحاد الأوروبي

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab