بالنسبة لوضع لبنان «إنها الديمغرافية يا غبي»

بالنسبة لوضع لبنان... «إنها الديمغرافية يا غبي!»

بالنسبة لوضع لبنان... «إنها الديمغرافية يا غبي!»

 العرب اليوم -

بالنسبة لوضع لبنان «إنها الديمغرافية يا غبي»

بقلم - إياد أبو شقرا

إجمالاً من السهولة بمكان استخدام «القنبلة الديمغرافية» لتدمير كيانات هشة مثل لبنان، الذي لا يزال على الرغم من تجاوزه سن الـ100 سنة... بلا إجماع وطني، ولا هوية متفاهَم عليها، ولا سقوف ولا جدران تقيه العواصف والزوابع الإقليمية.

بل، ما هو أسوأ من هذا، أن مفاتيح أزمات لبنان السياسية موجودة في أيدي قوىً إقليمية على رأسها «ثيوقراطيتان»، تقوم فيهما -حسب زعم قادتهما- شرعية الحكم والهيمنة والاحتلالات والحرب والسلم... بناءً على توجيهات إلهية!

وهكذا، لا أسهل من أن يستغل «الثيوقراطيون» الكبار الساحة المستباحة عند «الطائفيين» الصغار، بدءاً من تبادل الرسائل... وانتهاءً برسم الخرائط وترتيب الاستراتيجيات الإقليمية.

اليوم، مع اقتراب آلة الحرب والاستيطان الإسرائيلية من إنجاز الجزء الأكبر من مخطّطها التدميري - التهجيري في قطاع غزة، واتجاهها نحو تفجير الوضع في الضفة الغربية، يُصعّد أركان «سلطة الحرب» الإسرائيلية تهديداتهم للبنان.

وفي المقابل، تتجاوب القيادة الإيرانية بطريقتها الخاصة وأسلوبها المعتاد مع التصعيد الإسرائيلي، مستقوية بإدراكها الراسخ أن الولايات المتحدة، القوة العالمية الحاضنة والدافعة لإسرائيل، لا تعد نفسها في «حالة حرب» معها. بل ها هي، كما نرى، تترك للمفاوضين والجنرالات ضبط إيقاع لعبة «المساومة بالنار» فوق أراضي الآخرين.

في هذه الأثناء، لا يبدو أن اللبنانيين تعلموا شيئاً من دروس الماضي.

إنهم ما زالوا رهائن عبثيات تفكيرهم العشائري، وتمنياتهم الافتراضية التي ثبت خطؤها عشرات المرات، لا سيما أنهم عجزوا على الدوام عن فهم عنصر «السببيّة» في السياسة، خالطين دائماً بين «المُسبِّب» و«النتيجة».

أكثر من ذلك، ما زال جزء كبير من الشارع السياسي اللبناني فريسة سهلة لمحرّكي الغرائز الطائفية، ومتعمّدي تغييب الذاكرة الجماعية، وبالأخص في مسألتين مترابطتين «طائفياً»: الأولى، هي ظاهرة اللجوء السوري في لبنان، والأخرى هي العجز المستمر عن انتخاب رئيس جمهورية.

في ما يخصّ ظاهرة اللجوء -أو «النزوح»- السوري، شنّ عليها البعض في الإعلام، ومن على المنابر السياسية اللبنانية، حملة شعواء أين منها علوّ كعب عنصريي أوروبا... ولكن مع هذا لم يحاسب ذلك «البعض» الجهات التي سبّبت التهجير أو «التنزيح».

لم يُحاسب أحد في البيئة المسيحية، تحديداً، القوى السياسية المسيحية (الحاكمة رسمياً يومذاك) التي أيّدت حرب «حزب الله» في سوريا... ضد السوريين، لمصلحة مشروع الهيمنة الإيرانية في الشرق الأوسط!!

ولم تُسمع أصوات لبنانية -لا مسيحية ولا غير مسيحية- من رافضي وجود السوريين، ضد الحكم السوري... الذي لا يريد أصلاً عودة اللاجئين و«النازحين» بعدما كان قد أسهم في تهجيرهم، في حين تسابق أولئك «الرافضون» على إدانة منظمات الإغاثة والرعاية الدولية.

أما في ما يخصّ العجز المستمر عن انتخاب رئيس جمهورية (مسيحي ماروني، بموجب الدستور) بعد «فراغ رئاسي» منذ 30 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، فإن أصوات الاستنكار المرتفعة توحي للناس بأن انتخاب رئيس في حد ذاته خطوة كفيلة بإصلاح الوضع. وبالتالي، فإن أي رئيس مقبل سيحمل بيده عصا سحرية تذلّل العقبات وتجمع القلوب وتصون البلاد وتنقذ العباد.

وحقاً، صار الاستماع إلى تصدّر خبر «الفراغ الرئاسي» اللعين نشرات الأخبار في القنوات التلفزيونية أقرب ما يكون إلى متابعة مسلسل كوميدي تافه وممجوج. ولكن سرعان ما يتوقف هذا المسلسل تاركاً الشاشات لأحدث جولات «المساومة النارية» بين إسرائيل و«حزب الله» التي تُفاقِم النزوح اللبناني -هذه المرة- من المناطق الحدودية، وتهدّد بإرباك الأوضاع الديمغرافية في المناطق التي يقصدها النازحون.

القادة الإسرائيليون، الذين يعرفون تماماً ما يفعلونه عبر اعتمادهم سياسة «أرض محروقة» تهجيرية في الجنوب اللبناني، ليسوا إطلاقاً بعيدين عن التفكير بإحداث فتن طائفية ورسم خرائط فرز جديدة.

وفي المقابل، أثبت المشروع الإيراني بدوره أنه «مرجعية» لا يجوز الاستخفاف بقدراتها على إعداد المخطّطات التهجيرية والاستيطانية... وتنفيذها. ولئن كانت ثمة حاجة إلى دلائل دامغة على ذلك، ومن دون التوقف عن هيمنة «حزب الله» على لبنان بعد 2008، وما يفعله الحوثيون في اليمن منذ انقلابهم الاحتلالي، يمكن النظر إلى «عراق ما بعد 2003» و«سوريا بعد 2011»... ثم الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية بعد 7 أكتوبر 2023.

اللاعبان «الثيوقراطيان» الإقليميان، إسرائيل وإيران، سائران قُدماً باتجاه تحقيق أولوياتهما من دون أي تناقض مصلحي حقيقي بينهما، ولا أي ردع عالمي -لا من واشنطن ولا العواصم الأوروبية- يمنع الفوضى والانهيارات وأنهار الدم.

إن لعبة الديمغرافيا غالباً ما تكون قاتلة، وبالأخص، عندما تتضافر كل الجهود لتنفيذها، ويُحجم العقلاء عن التصدّي لها، فتتساقط الحدود وتنهار المجتمعات وتصبح الأوطان نسياً منسياً!

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بالنسبة لوضع لبنان «إنها الديمغرافية يا غبي» بالنسبة لوضع لبنان «إنها الديمغرافية يا غبي»



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab