الاحتفال بـ80 سنة على «رحيل» نازية عائدة

الاحتفال بـ80 سنة على «رحيل» نازية... عائدة!

الاحتفال بـ80 سنة على «رحيل» نازية... عائدة!

 العرب اليوم -

الاحتفال بـ80 سنة على «رحيل» نازية عائدة

بقلم - إياد أبو شقرا

تجمّع خلال الأسبوع الماضي عددٌ لا بأس به من قادة العالم، لا سيما من أوروبا، ومعهم الرئيس الأميركي جو بايدن، على شاطئ الشمال الفرنسي، احتفاء بالذكرى السنوية الثمانين لعملية الإنزال التاريخية في إقليم النورماندي. وهذه العملية، كما علّمتنا كتب التاريخ، شكّلت بداية النهاية للحرب العالمية الثانية في أوروبا... وعُدّت الضربة القاصمة للنازية والفاشية في الغرب.

هذا طبعاً كان المأمول، وهو المغزى الذي استحق الاحتفال بالمناسبة سنوياً. غير أن المفارقة هذه السنة تمثّلت في أن الاحتفال تزامن مع الانتخابات البرلمانية الأوروبية وسط أجواء استعادة النازية والفاشية، وغيرهما من ظواهر التطرف العرقي والديني والانعزالي، «زمام» المبادرة السياسية في كثير من الدول الأوروبية.

وهذا الواقع المر والمقلق في آن... ما عادت تنفع معه النيات الحسنة والمحاولات الدبلوماسية اليائسة لاحتواء تداعياته ورسائله إلى العالم بأسره.

باختصار شديد، ها هما النازية والفاشية اللتان طردتهما جيوش الحلفاء من الباب... أعادتهما صناديق الاقتراع من النوافذ...

وما كان بالأمس «إدانة» بالعنصرية تستحقّ التقاضي بتهمة القدح والذم، غدا اليوم «شرفاً» يتباهى به العنصري المتطرّف الذي ينادي علناً بطرد «الغرباء»، ويتوعد المسلمين والأفارقة بإعادتهم من حيث أتوا، وصولاً إلى إغراق قوارب اللاجئين الذين يهدّدون «النقاء الحضاري» و«الهوية الوطنية» في البحر...

ثم إن ما بدا خلال العقود القليلة الماضية، حالات متناثرة طارئة على الخريطة السياسية الأوروبية، غدا «الحالة السائدة» في صفوف القوى المنافسة لأحزاب السلطة التقليدية الشائخة والمترهّلة، والشخصيات التي «استهلكتها» التسويات والصفقات والفضائح من مختلف الأنواع.

أيضاً، من الحقائق المثيرة للانتباه أن ترنّح الأحزاب التقليدية، وتهاويها تباعاً، ما عاد يقتصر على أحزاب اليسار المعتدل - كحال اشتراكيي فرنسا وإيطاليا وغيرهما - بل بات يهدّد أيضاً الأحزاب المحافظة واليمينية المعتدلة في معسكر اليمين.

ولئن كانت النهاية الكئيبة للتجربة السوفياتية - بما فيها سقوط «حلف وارسو» و«جدار برلين» - قد ثبّطت عزائم قوى اليسار و«كسرت» معنوياتها في عموم أوروبا وأماكن أخرى من العالم الثالث، فإن «الأحادية القطبية» الأميركية التي دفعت البعض، كفرنسيس فوكوياما، إلى الكلام عن «نهاية التاريخ» (!) لمصلحة الرأسمالية الغربية، سرعان ما استولدت نقائضها وتناقضاتها.

وبدلاً، من أن يؤدّي انتصار الغرب ممثلاً بحلف شمال الأطلسي (ناتو) على غريمه الشرقي (حلف وارسو) إلى فتح صفحة من التعايش والتعاون والثقة والاستثمار في مستقبل تعمّ خيراته جميع شعوب العالم، حصل العكس تماماً.

إذ سرعان ما «تبخّر» حلم السلام والأمن على الأرض الأوروبية، عندما قرّرت القوى الغربية مواصلة الزحف شرقاً، بهدف تحقيق نصر ساحق ونهائي على خصم قوي تغيّر آيديولوجياً... لكنه لم ينسَ؛ لا الأحقاد الموروثة ولا دروس تاريخه القومي.

صحيح سقط الاتحاد السوفياتي - ولعله كان من المرتقب أن يسقط لجملة من الأسباب الداخلية والخارجية - لكن روسيا «الروسية» بهويّتها البديلة قوية الذاكرة، وهواجسها إزاء خطر «التطويق والحصار» قديمة، وعنادها في مقاومة الهجمات الآتية من الغرب حقيقة غير منكورة.

لقد فتحت الأزمة الأوكرانية في أوروبا جروح الماضي بقسوة غير مسبوقة.

وقبلها، عشنا تمزّق بعض كتلة الكيانات السلافية... فتقسّمت يوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا (بجانب الاتحاد السوفياتي طبعاً). وأبصرت النور «معضلة» تعريف الهويات وإشكاليات «الهجرة الاقتصادية» من شرق القارة إلى غربها، بينما كان لاعبو أوروبا الكبار يعملون على تحقيق حلم «الوحدة»... الذي يبدو اليوم مهدداً أكثر من أي وقت مضى.

وبجانب «الهجرة الاقتصادية» داخل أوروبا، التي أسهمت في الإجهاز على القبول البريطاني الهشّ بوجود هوية أوروبية واحدة، نشأت هجرة أوسع وأخطر من دول العالم الثالث (أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط) كنتيجة طبيعة للنظام العالمي القديم الذي أسسته «الحرب الباردة» ورعته.

ولعل، من نافل القول، أن «صراع الشرق والغرب» (الاشتراكية والرأسمالية) أسهم بصورة مباشرة في تسهيل استقلال دول أفريقيا وآسيا. بيد أن مصالح «الأحادية القطبية» - قبل دخول الصين على الخط - والازدياد السكاني، وسوء الإدارة المالية والاقتصادية، واندلاع النزاعات القبلية والدينية التي تحوّل بعضها إلى حروب أهلية مفتوحة، كانت من العوامل الدافعة إلى اللجوء والهجرة.

وكما كان البديل في روسيا، وعدد من دول الكتلة الشرقية الأخرى، قومياً أو مسيحياً محافظاً، كان الطرح القومي (بل العنصري، في حالاته المتطرفة) والديني البديل الغربي الفعّال لمواجهة تيار اللجوء والهجرة.

وبالتالي، مثلما وجدت أحزاب اليسار المعتدل صعوبة في التغلب على تهمة «فشل النموذج الاشتراكي» التي زكّتها نهاية «الحرب الباردة»، أخفقت الأحزاب اليمينية المعتدلة والمحافظة التقليدية - بدورها - في إيجاد حلول للمتغيّرات الاقتصادية والديموغرافية والأمنية في حالات الإرهاب المسلّح) والتغلّب على مزايدات اليمينين الشعبوي الانعزالي... والعنصري المتطرف.

مفارقة الأمس تمسّ أوروبا، بالذات، لكننا ندرك اليوم أكثر من أي وقت مضى، أن التسليم بقدرتنا على التعلّم من أخطائنا في غير محله.

في منطقتنا العربية، للأسف، أثبتت التجربة أيضاً أننا نعاني من ضعف الذاكرة... والجنوح إلى رفض التعلم من أخطاء الماضي المكلفة!

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاحتفال بـ80 سنة على «رحيل» نازية عائدة الاحتفال بـ80 سنة على «رحيل» نازية عائدة



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab