فخامة الرئيس رئيسي و«محمياته» العربية

فخامة الرئيس رئيسي... و«محمياته» العربية

فخامة الرئيس رئيسي... و«محمياته» العربية

 العرب اليوم -

فخامة الرئيس رئيسي و«محمياته» العربية

بقلم - إياد أبو شقرا

مفهومٌ أن يشارك مسؤولون رسميون أجانب في احتفال تنصيب رئيس دولة عضو في منظمة الأمم المتحدة، كما حدث في احتفال تنصيب إبراهيم رئيسي رئيساً جديداً لإيران. فهذه مناسبة بروتوكولية طبيعية ومألوفة بصرف النظر عما إذا كان الرسميون الأجانب من دول حليفة أم لا. إلا أن اللافت في تنصيب رئيسي ثلاثة أمور لا يصح تجاهلها:
الأول أن رئيسي قد لا يكون فقط رئيس جمهورية سيعمل في ظل «المرشد» و«شرعية» سلطته، كحال سابقيه محمد خاتمي ومحمود أحمدي نجاد وحسن روحاني، بل هو المرشح الأبرز للتيار المحافظ في السلطة، ومنه «الحرس الثوري»، لموقع «المرشد» نفسه. وبالتالي، فهو يأتي إلى هذا المنصب مسلّحاً بما كان يفتقر إليه سابقوه. وهنا لا بأس من التذكير بأن أحمدي نجاد نفسه كان قد مُنع من الترشح للانتخابات التي انتهت – كما كان متوقعاً بل ومحسوماً – بفوز رئيسي.
والثاني هو أن رئيسي يتولى المنصب بينما تتواصل المفاوضات على ملف إيران النووي في فيينا. وهذا، بجانب أن التفاوض يحصل في عهد رئيسين أميركي وفرنسي حريصين على علاقات لا تخلو من الود والثقة مع طهران، بعد أربع سنوات من انقلاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب على الاتفاق. بل، ومع إدارة أميركية ديمقراطية يظهر أنها عادت إلى الالتزام بالخطوط العريضة لسياسات الرئيس الأسبق باراك أوباما الشرق أوسطية... بدليل تسليمها الملف الإيراني في واشنطن للدكتور روبرت مالي، أحد كبار دعاة التفاهم مع طهران والتعاون معها في مختلف القضايا الإقليمية.
والثالث أن القيادة الإيرانية بدت حريصة على إبراز موقعها الفعلي في منطقة الشرق الأوسط أمام أنظار العالم أجمع، عندما جمعت في مقدم الضيوف الحضور ممثلي جماعات تابعة لها تنظيماً وتمويلاً وتسليحاً واستتباعاً سياسياً. وفي هذا «العرض العلني» للمُريدين والأتباع رسالة جليّة إلى مَن يهمه الأمر أن طهران تتحكم بالفعل في ما لا يقل عن أربع عواصم عربية، ناهيك من علاقات «الصداقة» مع عواصم عربية أخرى لا ترى ضيراً في الهيمنة الإيرانية على المنطقة بحجج «المقاومة» و«الممانعة» و«تحرير فلسطين».
عند هذه النقطة، مفيدٌ التطرق إلى تصورات المجتمع الدولي وتوقعاته إزاء إيران في عهدها الرئاسي الجديد، لا سيما أن جزءاً لا بأس به من عملية «عرض» المُريدين والأتباع إفهام الغرب، وكذلك الشرق ممثلاً بالحليفين «التكتيكيين» روسيا والصين، بأن إيران هي مركز القرار الإقليمي الأول. ومن ثم، فإن أي استراتيجية دولية تمس الشرق الأوسط، وتتصل بثرواته وأراضيه ومياهه وممراته الدولية... لا بد أن تمر عبر طهران.
طهران – في رسالتها للغرب والشرق – هي الآن صاحب القرار الأول في المشرق العربي (العراق وسوريا ولبنان وغزة) وكذلك اليمن... من دون أن تكون غائبة عن الخليج، وبعض دول شمال أفريقيا. وهي رغم متاعبها الاقتصادية الكبيرة، اعتادت الهروب إلى الأمام واللعب على تقاطع المصالح وتشابكها مع موسكو وبكين في وجه «العدو المشترك» في واشنطن، ثم إنها تطرح نفسها شريكاً موثوقاً في فكرة «حلف الأقليات» الكامنة والقابلة للتوظيف في كل حين. وبالإضافة إلى هذا العامل وذاك، وخلافاً لكل «العنتريات اللفظية» والخطاب العالي النبرة، أثبتت التجارب في لبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية، أن طهران ملتزمة تماماً بقواعد الاشتباك مع إسرائيل. وهذه حقيقة ما عادت خافية على أحد، ويكفي ما حصل بالأمس في جنوب لبنان من قصف «ودّي» تحت سقوف متوافق عليها عبر «الخط الأزرق».
ما حصل في جنوب لبنان بالأمسً، وما يحصل منذ فترة في سوريا - وبالأخص في جنوبها - يؤكد وجود «تعايش» فعلي وواقعي مع «حالة حزب الله» المضمونة على طول خطوط الهدنة. ولئن كان القصف الإسرائيلي قد غدا ممارسة أسبوعية تقريباً ضد شحنات الأسلحة والذخائر المنقولة إلى الحزب والميليشيات الإيرانية الأخرى الداعمة لنظام دمشق، فهذا القصف يظل محصوراً بتحديد السقوف المقبولة إسرائيلياً للحضور الإيراني... لا الحضور الإيراني في حد ذاته. ويكفي هنا النظر إلى الخرائط المتداولة والموثقة لكثافة توزّع مواقع «حزب الله» والميليشيات الإيرانية في سوريا من محافظة حلب شمالاً إلى محافظات القنيطرة ودرعا (غالبيتان سنيتان) والسويداء (غالبية درزية) جنوباً.
أما في لبنان، فما حصل من قصف لـ«الأراضي المفتوحة» داخل حدود إسرائيل، وما تلاه في بلدة شويّا الصغيرة بقضاء حاصبيا في جنوب لبنان، كان مثيراً لجملة من الأسباب؛ أبرزها: أولاً، الضجة المتصاعدة حول ملابسات انفجار (أو تفجير) مرفاً بيروت في أغسطس (آب) الماضي، وتزايد التلميح ليس فقط إلى «هوية» أصحاب شحنات النيترات وناقليها، بل إيضاً إلى أدوار جهات لبنانية رسمية في التستّر على الموضوع. وثانياً، الحاجة الماسة لإبعاد أنظار اللبنانيين عن هذا الموضوع المُحرج سياسياً وأمنياً وسط استمرار المأزق الحكومي الذي يشارك فيه تيار رئيس الجمهورية المدعوم من «حزب الله».
في عز اللغط حول الذكرى الأولى للانفجار، وتداول الأسماء المُومأ إليها، جرى «تسخين» جبهة شرق «القطاع الشرقي» الحدودية حيث الغالبية السكانية من غير الشيعة، أي من خارج بيئة «حزب الله». وحدث ذلك بإطلاق صواريخ «مجهولة المصدر» من داخل الأراضي اللبنانية، وجاء الرد محسوباً ومحدوداً من الجانب الإسرائيلي بحجة أنه لم تكن ثمة خسائر تستدعي توسيع دائرة المجابهة «لأن الصواريخ إما اعترضتها القبة الحديدية الإسرائيلية أو سقطت في أرض خالية أو داخل الأراضي اللبنانية».
ولقد كان من المرجح أن تمرّ هذه «المسرحية» التمويهية مرور الكرام لولا اعتراض مواطنين من بلدة شويّا (الدرزية) سبيل «الشاحنة الراجمة» التي تبين أنها تابعة لـ«حزب الله»، وهو ما أدى إلى احتقان مذهبي وأمني وحملات تخوين وتجاوزات بحق مدنيين.
خلاصة الأمر، أن «التعايش» الإيراني - الإسرائيلي في جنوب لبنان وجنوب سوريا يعبّر تماماً عن «تعايش» على مستوى أعلى وأوسع تحت اسم «التفاهم على قواعد الاشتباك». فإسرائيل تدرك جيداً – ومنذ زمن بعيد – أن «المقاومة» في قاموس «حزب الله»، تماماً مثل «الممانعة» في قاموس نظام دمشق، لا تعنيها ولا تمسّها ولا تهدد مصالحها. بل إن المسألة برمّتها لا تخرج عن وضع طهران يدها على كيانات المنطقة برضا دولي مهما اختلفت الأسماء. وما صورة كبار المشاركين من أصدقاء طهران في تنصيب رئيسي، بالتزامن مع مفاوضات فيينا، إلا تأكيد لواقع.

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فخامة الرئيس رئيسي و«محمياته» العربية فخامة الرئيس رئيسي و«محمياته» العربية



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 02:02 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم
 العرب اليوم - أردوغان يؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن حل الصراعات في العالم

GMT 22:02 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء
 العرب اليوم - أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء

GMT 10:04 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث
 العرب اليوم - شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث

GMT 06:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
 العرب اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 01:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العنف فى المدارس !

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 08:22 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل جندي إسرائيلي من لواء كفير برصاص قناص شمال قطاع غزة

GMT 07:19 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 4.7 درجات يضرب أفغانستان في ساعة مبكرة من اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 06:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يحذّر من حقبة "تغيير سياسي كبير" بعد فوز ترامب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"تسلا" تستدعي 2400 شاحنة من "Cybertruck" بسبب مشاكل تقنية

GMT 22:39 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط قنبلتين ضوئيتين في ساحة منزل نتنياهو

GMT 16:54 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام

GMT 14:15 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد أمين يعود بالكوميديا في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab