هل تصمد «كيانات ما بعد 1920» أمام انفجار إقليمي كبير

هل تصمد «كيانات ما بعد 1920» أمام انفجار إقليمي كبير؟

هل تصمد «كيانات ما بعد 1920» أمام انفجار إقليمي كبير؟

 العرب اليوم -

هل تصمد «كيانات ما بعد 1920» أمام انفجار إقليمي كبير

بقلم - إياد أبو شقرا

 

أدرك سلفاً أنه في ظل الظروف السياسية المتوترة – كي لا نقول المتفجّرة – سيثير كلامي استنكاراً من بعض الجهات، واستغراباً وضيقاً في جهات أخرى. ولكن، أن أي شيء غير المصارحة سيكون في غير موضعه.

ما تجد منطقتنا نفسها فيه اليوم وضع في منتهى الخطورة، لا أبناؤها يعون كما يجب مخاطر تداعياته، ولا يكترث لهذه التداعيات «مجتمع دولي»... يفقد صدقيته بمرور الأيام والتجارب والاستحقاقات.

طبعاً، ثمة مَن يعتبر أن أقطارنا أعجز من أن تُحدث فارقاً أو تؤثر في مسار الأحداث، بدليل تكاثرها وتوالدها في كل زاوية تقريباً من زوايا عالمنا العربي. والحال، أننا لا نكاد نلجم إشكالاً حتى يستولد هذا الإشكال أزمة، ولا تكاد تظهر أزمة حتى يظهر مَن يسعى للاستفادة منها قبل أن تطوله شظاياها.

ولا حاجة، في زعمي، إلى هدر الوقت في التطرّق لكل من هذه الأزمات، ولكن لا بأس من تناول حالات بعينها... مع أن الانهيار الإقليمي ما عاد يميّز بين كيانات كبرى وأخرى صغرى، وهويّات سياسية ناضجة وأخرى طريّة العود، فـ«الدول الفاشلة» تقرئك السلام على مد النظر.

خلال الأيام الثلاثة الماضية هزّت لبنان جريمتا قتل، راح ضحية أولاهما باسكال سليمان منسّق حزب «القوات اللبنانية» في منطقة جبيل بشمال محافظة جبل لبنان، والثانية صرّاف اسمه محمد سرور... الموضوع اسمه على اللائحة الأميركية للمتهمين بالتعاون مالياً مع «حزب الله» وإيران وحركة «حماس».

جرت تصفية سليمان، وفق رواية «رسمية»، أثناء عملية «سرقة استهدفت سيارته». إلا أن التفاصيل التي بدأت تتكشّف حتى قبل العثور على الجثة، وتنقّلت «محطاتها» الحَدَثية بين لبنان وسوريا، أوحت بأي شيء إلا دافع السرقة.

بالنسبة إلى عملية تصفية سليمان، ربطت جهات لبنانية عديدة الجريمة باللاجئين والنازحين السوريين... وأيضاً بالسلاح «غير الشرعي». وفي شأن هذا السلاح تلميح واضح إلى «حزب الله»، وسط الكلام عن احتمال تورّطه بمواجهة مع إسرائيل ضمن نطاق «وحدة الساحات» المحيطة لإسرائيل، وتضامناً مع طهران في انتقامها الموعود رداً على قصف قنصليتها في دمشق.

وللعلم، فإن منطقة جبيل منطقة مختلطة أكبر مكوّناتها المذهبية الموارنة والشيعة، وكانت قد شهدت خلال الشهور الأخيرة إشكالات وخلافات متعدّدة حول ملكية الأراضي، والتحرّكات السياسية والحزبية.

ثم إن الساحة المسيحية عموماً في لبنان، عرفت ولا تزال تعرف، ارتفاعاً في مستوى التحريض الشرس على اللاجئين والنازحين السوريين. وبالتالي، جاءت جريمة قتل سليمان لتضرب عصافير عدة بحجر واحد، أهمها:

1- وجود «صلة ما» لسوريا كأرض، والسوريين كأفراد، بما حدث.

2- تخويف المسيحي اللبناني من اللاجئ والنازح السوري كي يكثّف المطالبة بعودته، مع أن السبب الأساسي لبقاء اللاجئين هو رفض نظام دمشق عودتهم بعدما أقدم عمداً على تهجيرهم.

3- خلق جو من الفزع في لبنان ينتهي بالتسليم لمنطق السلاح، وتركه وشأنه في تقرير مصير البلد... حرباً أو عبر صفقات تكون إيران طرفاً أساسياً فيها.

4- توجيه رسالة غير مباشرة إلى طوائف لبنان الأخرى مؤداها أن عليها تقبّل بقاء قرار الحرب والسلم بيد «حزب الله» وما «يستولده» حالياً من تنظيمات مسلحة تابعة له داخل تلك الطوائف وتسير وفق إرادته وتعليماته.

علامات الاستفهام مستمرة في حالة قتل الصرّاف سرور، الذي استدعته امرأة إلى فيلا خارج بيروت بحجة إتمام تداول مالي، ولم يَعُد منها إلا جثة هامدة!

تصفية الرجل، بالطريقة المرسومة والمنفذة بدقة تؤكد المؤكد... وهو قوة نشاط أجهزة الاستخبارات الإقليمية، وبالذات «الموساد»، الذي يستطيع – كما بدا منذ تصفية القيادي «الحمساوي» صالح العاروري – الوصول إلى أهدافه داخل لبنان، وأيضاً داخل سوريا والعراق، بكل ثقة ويُسر.

«الموساد» موجود ومتحرك ويده طائلة... كما يقال بالعامية اللبنانية. وإسرائيل تفهم ما سيعنيه تهجير عشرات ألوف الجنوبيين الشيعة إلى الداخل اللبناني إذا تفجّر الوضع الحدودي، وبالأخص، في المناطق المتداخلة والقلقة طائفياً. وبالتالي، لا يجوز إسقاط احتمال الفتنة الداخلية... إذا كانت مطلوبة إسرائيلياً وبتواطؤ أميركي وأوروبي.

في أي حال، هذا «السيناريو» قد ينطبق بطبيعة الحال على الأردن وسوريا أيضاً.

ذلك أن خرائط عام 1920، بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، خلقت الحدود الحالية بين لبنان وسوريا والأردن والعراق. وإيران أنجزت فعلياً منذ 2003 «إزالة» هذه الحدود عبر هيمنتها على العراق، ثم وضع يدها على سوريا، التي حُوّلت إلى «جسر» يصل الوجودين الإيرانيين المتحكمين بالعراق ولبنان. ومن ثم، بعد سكوت العالم عن ضرب طهران وموسكو انتفاضة الشعب السوري عام 2011، أطلقت طهران عملية استيطان واسعة ومستمرة في جهات عديدة من سوريا.

من ناحية أخرى، شدّدت طهران قبضتها على العراق، وها هو تصعيد بعض الفصائل العراقية المسلحة الإيرانية التوجيه يستهدف اليوم الأردن، مباشرة، من الشرق. وهنا، رد الفعل العاطفي والقومي عند كثيرين مفهوم، بل ومقدّر... لكن «الشيطان يكمن في التفاصيل»، كما يقال. فأنا لا أشك لحظة في أن القيادات الإسرائيلية «الترانسفيرية» المتطرّفة لا تمانع في انهيار الكيان الأردني إذا كان هذا الانهيار سيسهّل التهجير النهائي شرقاً لفلسطينيي الضفة الغربية.

و«السيناريو» نفسه ينطبق على إعادة تشكيل لبنان بعد إبعاد أبناء الغالبية «الحدودية» الشيعية شمالاً إلى الداخل اللبناني... من أجل إرباك الوضع واستنفار الغرائز.

وكذلك يمكن تصديره إلى سوريا، التي غدت واقعياً بلاداً بلا سيادة موزّعة النفوذ، بين الروس في الشمال الغربي (جبال العلويين ووادي النضارة والمدن الساحلية)، والأتراك في المنطقة الممتدة من إدلب فحلب إلى نهر الفرات، والأميركيين والأكراد في مناطق شرقي الفرات (محافظتا الحسكة والرقة وشمال دير الزور)، ثم «الممر الإيراني» من بغداد فالبوكمال نحو بيروت مروراً بدمشق، ولا يبقى خارج هذه المعادلة راهناً سوى الجنوب السوري، أي سهل حوران (درعا) وجبل حوران (السويداء).

إننا نعيش ساعات صعبة مفتوحة على كل الاحتمالات في غياب القدرة العربية على التحكم بالأحداث، والتطرّف الإسرائيلي المجنون الذي لا يرى مَن يلجمه، ومؤسسات دولية عاجزة تعيش في ظل قيادات متواطئة أو قاصرة أو شعبوية، وكل هذا في سنة انتخابات رئاسية أميركية غير كل السنين وكل الانتخابات!

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تصمد «كيانات ما بعد 1920» أمام انفجار إقليمي كبير هل تصمد «كيانات ما بعد 1920» أمام انفجار إقليمي كبير



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab