جاء دور «كبار» الحزب الجمهوري لإنقاذ أميركا ومبادئها ومكانتها

جاء دور «كبار» الحزب الجمهوري لإنقاذ أميركا... ومبادئها ومكانتها

جاء دور «كبار» الحزب الجمهوري لإنقاذ أميركا... ومبادئها ومكانتها

 العرب اليوم -

جاء دور «كبار» الحزب الجمهوري لإنقاذ أميركا ومبادئها ومكانتها

بقلم - إياد أبو شقرا

مثير لكنه غير مفاجئ مآل الانتخابات الأميركية، التي أجريت قبل بضعة أيام ولم تعلن نتيجتها الرسمية لتاريخ كتابة هذه السطور. فما حدث منذ بدء الحملة الرئاسية السابقة المنتهية عام 2016، هو ظهور زخم راديكالي كبير داخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي، تمثّل بقوة أداء مرشحين لا تنطبق عليهما الأوصاف التقليدية للساسة الطامحين لرئاسة الجمهورية.

حينذاك، انحصر التنافس على ترشيح الحزب الديمقراطي بين هيلاري كلينتون، التي باتت أول امرأة يرشحها أحد الحزبين للمنصب، وبيرني ساندرز أول يهودي وأول اشتراكي يطمح لانتزاع ترشيح الديمقراطيين له... وهو حليف لهم في مجلس الشيوخ من دون أن يكون عضواً في الحزب. ومع أن كلينتون كسبت الترشيح، فإنها لم تحُز كامل أصوات مناصري ساندرز الذي نال أكثر من 40 في المائة من التأييد.

أما في الضفة الجمهورية، فكانت الصفة الغالبة على المرشحين تسابقهم على إبراز التزامهم التشدد اليميني بأمل كسب أصوات المسيحيين المحافظين ودعاة الحمائية القومية والانكفاء إلى الداخل. وهنا، أيضاً كان في المقدمة رجل الأعمال الملياردير دونالد ترمب... الذي لم يسبق له أن انتخب لأي منصب سياسي، والطبيب الجرّاح اليميني الأسود بن كارسون. وفي نهاية المطاف ظفر ترمب بترشيح الحزب، وفاز بالرئاسة بعد تغلبه على هيلاري كلينتون بفضل غالبية المجمع الانتخابي بعدما تخلف عنها بفارق يكاد يقارب الثلاثة ملايين صوت في التصويت الشعبي العام.

هذه كانت أجواء معركة 2016 وبدايات الملامح الراديكالية للصراع الحزبي وممارسات إدارة ترمب.

هزيمة كلينتون خلقت مرارة متوقعة في صفوف الديمقراطيين بعد 8 سنوات من حكم باراك أوباما. لكن المرارة الأكبر سببها تطبيق ترمب برنامجه الانتخابي الشعبوي بحذافيره طوال السنوات الأربع الأخيرة... وهو ما وصفه بعض المحللين بأن ترمب مارس السلطة بذهنية «المرشح الحزبي» لا «الرئيس الوطني» الجامع لعموم الأميركيين.

وحقاً مارس ترمب السياسة الدولية بـ«أحادية محرجة» حتى لأقرب حلفاء واشنطن وفاءً لشعاراته الشعبوية المدغدغة لغرائز مناصريه. وداخلياً، أيضاً، ما كانت سياساته أقل شعبوية أبداً، بل واصل العمل كـ«مرشح حزبي» غايته تمتين قاعدته الحزبية ودعم تشددها، بدلاً من محاولة إيجاد تفاهمات وطنية عريضة. وهكذا، بين «نظرية مؤامرة» هنا، و«أخبار مزيّفة» هناك، ومعارك لا تنتهي مع الإعلام، مضت السنوات الأربع الأخيرة على واشنطن في حالة «حوار طرشان».

صحيح، أن الشق الاقتصادي من بدء تطبيق ترمب سياسته الشعبوية القصيرة الأمد كان مُجزياً جداً. وطبيعي لمن يعرف مبادئ الاقتصاد أن المضاربة في المدى القصير مربحة، وكذلك السياسة الحمائية، والضغط المالي على الآخرين. غير أن الاقتصاد الحر في أبعاده الاستثمارية لا يقوم على الحمائية والضغوط على الدول الأخرى، بل على حرية تنقل الأموال والسلع والخدمات. وبالتالي، إذا كان قطاع صغار رجال الأعمال والمهنيين والحرفيين قد استفاد من السنوات الثلاث الأولى من حكم ترمب، فإن «فقاعة» النمو هذه كانت ستصل خلال بضع سنوات قادمة إلى أزمة حادة ستعاني منها الشركات الكبرى التي حرمتها الحمائية والقيود من قدراتها التنافسية في الأسواق العالمية.

وفجأة، ضربت جائحة «كوفيد - 19» الولايات المتحدة في مطلع العام الحالي... فغيّرت العديد من الحسابات.

كان على إدارة ترمب أن تقرر لمن تكون الأولوية؟... هل لقطاع الصحة العامة وبالتالي المجازفة بالثمار الاقتصادية للسنوات الثلاث السابقة، أم المكتسبات الاقتصادية عبر التقليل من شأن الجائحة ورفض سياسة الإغلاق لاحتواء تفشي الفيروس. وهنا، ولدت مشكلة جديدة، هي أن الولايات المتحدة دولة اتحادية (فيدرالية) لا يستطيع فيها الرئيس تجاوز سلطات الولاية على مزاجه. ثم إن حدة الجائحة تفاوتت بين المناطق الحضرية والأرياف، والمناطق الغنية والفقيرة. ومعها تفاقم التوتر بين واشنطن وعواصم بعض الولايات، وما لبث أن انزلق إلى صدامات في الشارع سرعان ما أخذت أبعاداً عرقية ذات تداعيات أمنية مقلقة.

بعدها أدى تصدّر البلاد قائمة الدول الأكثر تضرراً بـ«كوفيد - 19» على مستوى العالم إلى اهتزاز الثقة بترمب في عدة أوساط قلقة أو محبطة. وعلى الصعيد الانتخابي، اختار الديمقراطيون - المقتنعون أصلاً بخطر الجائحة، وبفضائل التباعد الاجتماعي - التصويت البريدي في الانتخابات الأخيرة. وساهم بتوصلهم إلى هذا الخيار تخوفهم من تهديدات ميليشيات يمينية مناصرة ظهرت في مظاهرات مناوئة للإغلاق. وفي المقابل، كان ترمب ومخططو حملتهم يرجّحون إقبال خصومه على التصويت بريدياً، فعمدوا إلى التشكيك مسبقاً في سلامته، ولاحقاً في قانونيته.

ما حصل خلال الأيام الأخيرة أثبت أن الفريقين كانا على حق. فليلة ظهور النتائج حسمت الولايات الجمهورية أمرها باكراً، وكذلك الولايات الديمقراطية، أما الفوارق في الولايات التي كانت توصف بالمتأرجحة فبدت ضئيلة جداً. غير أن الأمور أخذت تتبدل بمرور الوقت وظهور المزيد النتائج. وشيئاً فشيئاً رجحت كفة المرشح الديمقراطي جو بايدن في ويسكونسن ثم ميشيغان، ثم جورجيا وبنسلفانيا، مع مواصلته التقدم في ولايتي أريزونا ونيفادا في الغرب.

هنا، اعترض ترمب ورفض الاعتراف بالنتائج وأطلق حملة الطعن القانوني بنزاهة التصويت. إلا أنه كان واضحاً أن عاملين اثنين بَدّلا النتائج بين الساعات الأولى وأمس هما:

أولاً: أن معظم الأصوات البريدية، التي تخطّت الـ90 مليون صوت، صبّت لصالح بايدن.

وثانياً: أن ترمب تقدم باكراً لأن النتائج الأولى جاءت من الأرياف والمدن الصغيرة (معاقل الجمهوريين) لكن تقدمه تلاشى مع بدء فرز أصوات المدن الكبرى مثل فيلادلفيا وبتسبورغ في بنسلفانيا، وديترويت ولانسينغ وفلينت في ميشيغان، وميلووكي وماديسون في ويسكونسن، وأتلانتا وأوغستا وسافاناه في جورجيا.

من حق ترمب الطعن بالنتائج، وهذا أمر مفروغ منه، ولكن عليه أن يتبع المسار القانوني لذلك. في المقابل، ثمة شق غير قانوني للحالة التي تجد الولايات المتحدة نفسها فيها الآن... هو الشق السياسي. فهل سيكون ممكناً تجاوز الحساسيات الشخصية واحترام مبدأ الديمقراطية الانتخابية؟

نعم، الديمقراطية في أميركا أمام الامتحان، إذ كيف يمكن احترام الدستور والمؤسسات - بما فيها خدمة البريد الأميركية - إذا تطور التشكيك إلى تحريض للشارع على العصيان، وربما العصيان المسلح.

أعتقد أن الكرة باتت في ملعب عقلاء الحزب الجمهوري وكباره... الذين يدركون حتماً مخاطر الوضع وتداعياته.

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جاء دور «كبار» الحزب الجمهوري لإنقاذ أميركا ومبادئها ومكانتها جاء دور «كبار» الحزب الجمهوري لإنقاذ أميركا ومبادئها ومكانتها



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 20:15 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
 العرب اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab