عام الروبوتات

عام الروبوتات

عام الروبوتات

 العرب اليوم -

عام الروبوتات

بقلم:سوسن الأبطح

وداعاً للروبوتات الغبية، الساذجة، التي كانت تكتفي بالتجول بيننا في الأماكن العامة، على صورة إنسان معدني بمفاصل صدئة، تكرر جملاً مسطحة حفظتها، رغبة في إبهارنا من دون جدوى. هذا النموذج البدائي للذكاء الاصطناعي استُخدم كثيراً لاصطياد أموال المشترين المساكين، وجذب الانتباه، وهو الآن في طور الأفول، لتحل مكانه برامج ذات ذكاء فعلي وألمعية.
القفزة النوعية التي حدثت في مجال الذكاء الاصطناعي عام 2022 جاءت تتويجاً لجهود طويلة، مستفيدة من البيانات الضخمة التي جُمِعت على مدار أكثر من عشرين سنة، وعمل مضنٍ وحاذق في تحليل المعلومات وبناء الخوارزميات.
أثار كتاب «بوستر غرل» في فرنسا ضجة، بسبب غلافه الذي لا يمكن أن تمر بقربه من دون أن تتوقف لتتأمله، وكأنك أمام صورة لوجه امرأة بالأبعاد الثلاثية، صُنِع كلياً بالذكاء الاصطناعي. «دار ميشال لافون» العريقة اضطرت لتبرير استخدامها لبرنامج «ميدجورني»، الذي يعتمد على تحليل أوصاف نصية تُعطى له بوساطة الكلمات لبناء صور. وهي صور قد لا تخطر على بال إنسان؛ إذ تتوفر للبرنامج الذي وُضِع في طور التجريب المفتوح للجمهور منذ منتصف عام 2022، عشرات آلاف الصور والأشكال المخزّنة التي لا يمكن لعقل إنسان أن يحتملها. ولهذا البرنامج إخوة يتوالدون في أكثر من مكان، مثل «دال إي» و«ستايبل ديفيوجن». وهي برامج ستجعل كل صورة تمر في خاطرك، وتصفها بالكلمات، صالحة لأن تصبح حقيقية أمامك، في لحظات.
وقبل نهاية العام، احتفى عشاق الذكاء الاصطناعي ببرنامج «شات جي بي تي»، وهو الأكثر إدهاشاً لغاية اللحظة؛ يتيح لعامة الناس طرح أسئلتهم على روبوت، بحيث يجيب هذا الأخير بنص مكتوب ومحبوك على «تويتر». وإن كانت الفكرة ليست بجديدة؛ فإن طبيعة الإجابات، وذكاءها، هي التي فتنت المستخدمين، وجعلتهم يتبلبلون من مهارة الردود وليونتها وانسيابيتها ومسحتها الإنسانية، إضافة إلى الكلام العميق والفلسفي، غير المعلومات التاريخية والجغرافية؛ فهو كما إنسان يمتلك ما لا يُحدّ من المعلومات، ولديه الحنكة والحيلة والألمعية.
البرنامج أطلقته منظمة «أوبن إيه آي» التي أنتجت قبل ذلك برنامج الصور الإبداعية «دال إي»، وتعمل منذ عام 2015 بدعم من مليارديرات وادي السليكون، وبينهم النجم إيلون ماسك، الذي وصف برنامج المحادثة بأنه «جيد بشكل مخيف»، مما يقربنا من ذكاء اصطناعي قوي وخطير.
المغامرة في بداياتها، وتحاول أوروبا، كما أميركا، الحد من جنوح الموجة، لما تحمله من مخاطر. لكن ثمة مَن يحذر من ديكتاتورية مقنّعة باسم حماية الإنسان، ومَن يتساءل عمن بمقدوره أن يحدد ما هو الذكاء الاصطناعي؟ وما المهمات التي تقوم بها أجهزتنا، ويمكن أن يُطلق عليها هذا الاسم؟ وأين تبدأ حدودها وأين تنتهي؟
لكن نظرة على ألبومات الفرقة الافتراضية الغنائية الكورية «إترنتي» ومقارنتها بفرق أخرى شهيرة في مجال الـ«كيبوب»، الذي بات يدرّ ما لا يُحصى من الملايين في مجال الإنتاج، كفيلة بأن تصيبك بالهلع.
حقاً ستسأل نفسك في كل مرة تصل إليك إجابة مكتوبة على جوالك أو جهازك المحمول، إن كان على الطرف الآخر إنس أم جن؟ فلا إجابات الروبوت الجديد مشكوك بها، ولا غناء فرقة «إترنتي» يمكنه أن يثير التساؤل للوهلة الأولى.
يزيد من ريبتك أن فرقاً غنائية لها وجود فعلي خلقت لنفسها بدائل افتراضية، لتحل مكانها، في لحظات الضغط الكبير. تخيل أن 15 مليون شخص شاهدوا عرضاً افتراضياً لفرقة «بلاك بينك» ذات النجاح الخرافي، في الوقت الذي كانت تقيم فيه عرضاً حقيقياً على أحد المسارح. وبفضل التوائم الافتراضية لمغنيات الفرقة، فازت بأفضل أداء افتراضي ثلاثي الأبعاد لعام 2022.
تذهب الأمور إلى أماكن مربكة. التطور والإمكانات العلمية المتاحة أمر مفرح، لكن مكان توظيفها يضع كل التفاؤل على المحك؛ فمن يحمي الفنانين والمصممين والكتّاب والصحافيين؟ بات بمقدور أي منصة أن تستخدم ما يحلو لها من نصوص دون أي احترام للملكية الفكرية، تلقنها لبرنامجها، وتستنطقه بأحسن منها. مَن يستطيع أن يقول لنا بعد سنوات إذا كان الممثلون الذين نشاهدهم في الأفلام حقيقيين أو مجرد أخيلة؟ وهل الممثل يؤدي دوره أو مَن هو شبهه؟ وهل سيكون بإمكان نجم أن يبيع الشخص المستنسخ عنه لأداء ما يحصى من الأدوار؟
تطورات ستغير رؤيتنا للعالم، وحتى دورنا فيه، وكأننا سنصبح مسوخاً، لا نعرف إن كنا أنفسنا مَن ندبّ على الأرض أم أشباحنا.
واحدة من التجارب المزعجة والمقلقة يقوم بها مختبر في ضاحية لجنيف، يعمل فيها كبار الذواقة في العالم، والهدف ابتكار بدائل نباتية للحوم بمساعدة روبوت. يتبين أنه توجد سوق عالمية لبدائل اللحوم النباتية بقيمة 25 مليار دولار ستنمو إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2030.
لذلك يستعين أحد مشاهير المطبخ الفرنسي، نيكولا ماير، الذي التحق بالمختبر إياه، وهو حاصل على 18 نجمة ميشلان، لإيجاد البدائل الصناعية المطلوبة، بمذاقات لا تُقاوم. وكي يصل إلى مذاق لم ترَ مثله من قبل يستعين بروبوت اسمه سام. ميزة سام هذا أنه لا يخضع لأي تحيُّز في المذاق، أو ميول ثقافية نابعة من اللاوعي التي يمكن أن توجد لدى خبراء النكهات. موضوعية سام الخالية من التأثيرات التي توجد لدى أكثر خبراء النكهات احترافاً تسمح له بالعمل بسرعة ومن دون تردد.
هل نصدق ونُعجَب أم نشمئزّ ونخاف؟ حقاً تختلط المشاعر أمام جنون التحولات. ومن الأخبار غير السعيدة أن العمل على الذكاء الاصطناعي سيتضاعف، لأن الركود والأزمات الاقتصادية ستجعل المستثمرين يستغنون عن مزيد من العاملين، ويستبدلون الآلات بهم.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عام الروبوتات عام الروبوتات



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab