مفاجآت 2022

مفاجآت 2022

مفاجآت 2022

 العرب اليوم -

مفاجآت 2022

بقلم - سوسن الأبطح

في «اختلال العالم» حذّر أمين معلوف من أننا «دخلنا القرن الجديد بلا بوصلة». كان ذاك قبل «كورونا». بعد مرور 10 أعوام، وإثر حلول الكارثة الصحية التي لم يعرف لها البشر مثيلاً، منذ 100 سنة، وما استتبعته من كوارث، ازداد معلوف تشاؤماً، فإذا ببطل روايته «إخوتنا غير المتوقعين»، يعكف على كتابة يومياته، وكأنه أصبح الشاهد الأخير على زمن، لن ينجو منه أحد، بسبب انقلابات جذرية، لا عودة ممكنة لما قبلها.
المحللون الجيوسياسيون، لا يختلف كثير منهم في تشاؤمهم عن معلوف، غير أن التعلق بالأمل، والإيمان بالذكاء الفطري، وغريزة البقاء، يدفع بالبعض إلى المراهنة على المفاجآت السارة. صحيح أننا في زمن معطياته، لا تبهج القلب، لكن أدواته خارقه، وإمكاناته خيالية. ما يحتاجه الناس، الذين أصبحوا رغم تشتتهم، يبحرون على زورق واحد صغير متهالك، ولا يكفون عن التشاتم والتضارب، أن يعوا أن النجاة جماعية، والغرق أيضاً.
لهذا يبدأ العام، والتوقعات مفتوحة على كل الاحتمالات، من الممكن أن نشهد حرباً عمياء، صمّاء، لا تبقي ولا تذر، بعد أن تحولت الصين إلى عقدة أميركية، والصراع بين العملاقين، وجودي حاسم. من المحتمل أيضاً، أن نرى اتفاقيات، تهدئ اللعبة، أو نشهد خواراً صينياً داخلياً، بسبب الأزمات المتلاحقة المالية والعقارية، أو تعثراً بسبب الأزمة الصحية، بعد أن تبين ضعف اللقاح الصيني.
ليس بمقدورنا أن نجزم إلى أين سيقودنا متحور أوميكرون، بأعراضه الخفيفة، وقوته الكاسحة على الانتشار. يموت القليل، لكن المرضى بالملايين، يعطلون المطارات يشلون آلاف الرحلات الجوية، يوقفون المدارس، يضعفون حركة المصانع. يتوقع الفرنسيون لسرعة انتقال «أوميكرون» أن يصبح 10 ملايين فرنسي، في الحجر بعد أسابيع قليلة، 3 ملايين منهم عاجزون، كلياً عن العمل من المنزل. ما يشي بأن شللاً جديداً آتٍ لا محالة.
لكن التوقعات باتت أشبه بتنبؤات العرافين. فبعد أن قيل إن انهيار الاقتصاد العالمي محتوم، لكن بمجرد أن فعلت اللقاحات فعلها في ربيع 2021، صار المستهلكون أكثر حيوية منهم قبل الجائحة، وعجزت المصانع والموانئ عن تلبية حاجات المتعطشين للشراء، الشرهين للسفر، النهمين للتمتع بالحياة. البصّارات هن أيضاً غير قادرات على تصور مزاج الناس بعد جولة «أوميكرون»، أو قراءة أسعار المحروقات، وتخيل النمو، أو نوع الأزمات الطارئة.
كل شيء ممكن إذاً، المشهد معقد، يتداخل فيه التطور التكنولوجي المتنامي، ورقمنة اليوميات، والعمل المنعزل في المنازل، مع التساؤلات الإنسانية الوجودية حول ما كان من المسلمات، والتعدد القطبي يزيح الغرب عن حكم الكوكب بعد 500 سنة من التفرد، رسم خلالها قيم البشر ومبادئهم، هناك التغيرات المناخية المدمرة، والمخاوف المتزايدة من غموض الرؤية، واللايقين.
بعد التوقع بحلول «نتفليكس» وأخواتها، مكان صالات السينما، حصد «سبايدرمان» ما يقارب 600 مليون دولار من الأرباح في وقت قياسي. قيل الكثير عن الفقر الذي سيتبع الجائحة، فما أن خرج الناس من جحورهم، حتى تبين أنهم كنّزوا مدخرات، لم تكن متوقعة، صارت الشكوى من المتقاعسين، الراغبين في الخمول، فيما تبحث مؤسسات عن عاملين فلا تجدهم. وفي الوقت الذي يشهد فيه قطاع الطيران أكبر ركود في تاريخه الحديث، شركة «أيرباص» محجوز نتاجها، لسنوات 10 مقبلة.
الكون الجديد تتشكل ملامحه وسط قسوة وضباب. الدروس المستفادة بعد الوباء كثيرة، شركات مثل «بي أم دبليو» و«فولسفاكن»، تعيد النظر في تركيب سياراتها، تخفضّ من تعقيدات موديلاتها، لتتمكن من إقامة صناعة متكاملة تعتمد على قطع مفبركة قرب المصنع. العودة إلى المحلي، التوقف عن الهرولة خلف قطع تجمع من القارات. بعد محنة سلاسل التوريد، والضغوطات على الشحن البحري، تضاعف الوقت اللازم، لنقل هاتف جوال من شنغهاي إلى نيويورك. لا بأس أن تتعلم «أبل» من ليونة «أمازون» و«غوغل». كل ينظر إلى تجربة الآخر وخسائره وأرباحه، وسرّ تخطيه الاختبار، أو وقوعه في الفخ. أميركا هي الأخرى تعكف على توطين شركاتها ما استطاعت، بعد محنة الكمامات والأدوية. فالقابض على منتجاته كالقابض على الجمر.
كان لا بد من الوصول إلى هنا، الجائحة سّرعت، لكننا في زمن سريع أصلاً، كل شيء فيه يأتي بغتة، والمفاجآت بحجمٍ، جعل الديناميكيين وحدهم قادرين على البقاء. أولئك الذين بمستطاعهم التكيف مع الظروف، ويجدون الحلول لكل مشكلة مهما كبرت، كما إيلون ماسك، الذي يخرج من جيبه حلولاً سحرية، للطاقة وغزو الفضاء، يفهم في الفيزياء التطبيقية وعلوم المواد، والطاقة المتجددة، ويحب السيارات والصواريخ. يبدو ماسك أمام زوكربيرغ، وكأنه يأتي من زمن آخر. انظر إلى الزوجين التركيين اللذين، أوجدا طعم «فايزر»، موّلتهما في البدء عائلة ثرية، ثم لمّا لم يجدا التصنيع الملائم في ألمانيا، تعاملا مع «فايزر» الأميركية. عالم بلا حدود، بقدر ما فيه من انقسامات وانطوائية.
بدا العام الماضي، وكأنه أخرج بشاعة قرن وقيحه... متطرفون، ناكرون للعلوم، معتنقون لنظرية المؤامرة، رافضون للحجر والكمامات، انطوائيون، كارهون للإنسانية، ويخشى أن يأتي العام الجديد بأسوأ منهم. فكل شيء بات ممكناً، بما في ذلك أن يقارب عدد الجوعى مليار شخص، يستطيع ملياردير واحد مثل جيف بيزوس، من أصل الـ500 الذين أحصتهم «فوربس» أن يطعمهم جميعاً، لكنه يفضّل مغامراته الفضائية. الرجل يقبض وحده على 177 مليار دولار، وتعيش عائلة على دولار واحد، إن وجد.
بالعودة إلى أمين معلوف، فإن العالم لا يشكو من خواء العقل أو قلة الحيلة، وإنما من فرط الأنانية، وبلوغه «عتبة الإفلاس الأخلاقي»، وتلك هي المعضلة.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفاجآت 2022 مفاجآت 2022



صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - اكتشاف تمثال يكشف الوجه الحقيقي لكليوباترا في معبد تابوزيريس

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب
 العرب اليوم - تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 14:35 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم
 العرب اليوم - عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم

GMT 04:44 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا
 العرب اليوم - بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة
 العرب اليوم - روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 16:39 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

التأثير الإيجابي للتمارين الرياضية على صحة الدماغ

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 20:19 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الفنان جمال سليمان يبدي رغبتة في الترشح لرئاسة سوريا

GMT 18:20 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

بشار الأسد يصل إلى روسيا ويحصل على حق اللجوء

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

480 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 48 ساعة

GMT 22:09 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

داني أولمو مُهدد بالرحيل عن برشلونة بالمجان

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 04:49 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الكينية تسجل 5 حالات إصابة جديدة بجدري القردة

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

استئناف عمل البنك المركزي والبنوك التجارية في سوريا

GMT 05:03 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزير الدفاع الكوري الجنوبي السابق حاول الانتحار في سجنه

GMT 12:06 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

إجلاء نحو 87 ألف شخص بعد ثوران بركان كانلاون في الفلبين

GMT 22:40 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

الملك تشارلز والملكة كاميلا يصدران بطاقة الكريسماس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab