«كلوب هاوس» يكتسح

«كلوب هاوس» يكتسح

«كلوب هاوس» يكتسح

 العرب اليوم -

«كلوب هاوس» يكتسح

بقلم - سوسن الأبطح

ليست فورة مؤقتة، صعود نجم التطبيق الاجتماعي الجديد «كلوب هاوس»، وأن يتضاعف عدد مستخدميه في الأسبوعين الأخيرين، ليصل إلى أكثر من عشرة ملايين شخص، وترتفع قيمته السوقية فجأة إلى مليار دولار. فكل تفصيل في التطبيق مدروس بدقة، وفق آليات ترويجية، كي يلقى نجاحاً طويلاً ومتصاعداً، وإن كان البعض يشكك في ذلك، فإذا ما حصل وهوى «كلوب هاوس» لثغرة تقنية ما، فإن شبيهاً له سيحتل الساحة على الفور، لأنه يأتي ليملأ شغوراً لم تتمكن من سده وسائل التواصل الأخرى، ألا وهو تأمين النقاشات الجماعية الصوتية المفتوحة.
كل الدلائل تشير إلى أن الصوت وليس الصورة هو الذي بدأ يمارس سطوته على الناس، بعد أن ملّوا استعراض الصور وغواية الشكل. ومع ارتفاع عدد «البودكستات» أو «المدونات الصوتية» أصبح واضحاً لراصدي الأمزجة أن الوقت مناسب لتغيير زاوية جذب الجماهير. وفي عزّ أزمة الحجْر الصحي التي أنهكت المعزولين، وبعد أقل من شهر على مقتل جورج فلويد في مايو (أيار) 2020 على يد رجال الشرطة في أميركا، واشتعال حركة «بلاك لايفز ماتر»، ونزول أكثر من 15 مليون غاضب إلى الشارع، انطلق «كلوب هاوس». بدا وكأن المؤسسين الأبيضين روهان سيث وبول دافيسون، كانا ينتظران اللحظة المناسبة، وها هي قد حانت.
ليس غريباً بعد ذلك، أن يجد السود الأميركيون في هذا التطبيق ضالتهم، ويدعمه نجومهم، ويعتبرونه وسيلتهم الفضلى للتشاور والتنظيم. وإن استغرق الأمر شهوراً قبل أن يقفز التطبيق في وثبته الثانية مع بداية شهر فبراير (شباط) الحالي، فإن ذلك لم يأتِ صدفة أيضاً، إذ ظهر على المنصة بيل غيتس وإيلون ماسك، صاحب شركة «تيسلا موتورز»، الذي بات أحد أهم المروجين للتطبيقات الاجتماعية، بعد كلمته السحرية بحق تطبيق «سيغنل» وجلب له ملايين التنزيلات في مواجهة سياسة انتهاك الخصوصية التي أراد اتباعها «واتس أب». لكن قبل حملة المشاهير الأخيرة، قطع «كلوب هاوس» طريقه إلى ألمانيا وعشقه الصينيون، وأداروا عليه نقاشاتهم السياسية المعارضة بخصوص تايوان وهونغ كونغ، ثم منعته الصين وقطعت دابره، لكنه بقي الأول في اليابان.
وبين العرب، كان السعوديون هم الأسرع دائماً للانضمام إلى وسائل التواصل، والأكثر انجذاباً إلى التقنيات التي تبني على الصوت. لكن المصريين واللبنانيين والأردنيين يكتشفون هذه الأيام عالماً فاتناً، ويقضون ليلهم في مناظرات لا تنتهي. شيء ما يشبه سوق عكاظ، تدرك كيف تدخله، لكنك لا يمكن أن تتكهن كم ستكون مضاره أو تأثيراته على مساراتنا الوطنية، الحساسة أصلاً.
ولمن لا يعرف هذا التطبيق السحري، فهو في فكرته شبيه بـ«زوم» للاجتماعات، لكنه أكثر سهولة وسلاسة، ويمكنك أن تتجول في غرفه التي تدور فيها النقاشات الصوتية وتستمع إلى ما تشاء، وتشارك أيضاً. وما أن تنضم إليه، بفضل دعوة يرسلها إليك أحد المحظيين الذين وجدوا قبلك في هذا النادي، حتى تجد نفسك مضطراً لمتابعة آخرين، لأنك على صفحة خالية إلا منك. ولذلك فأنت ملزم بإضافة عشرات الأصدقاء كي تأتيك تنبيهات، كلما شارك أحدهم في جلسة نقاش. هذه الميكانيكية غاية في الذكاء، ضمنت للمؤسسين، إحساساً من المنضم بأن عليه أن يستفيد من وجوده، وقد تمكن منه بفضل دعوة كريمة، حتى لو اقتضى الأمر تضييع الوقت بالاستماع إلى ثرثرة. ولا تستغرب أن تجد في الغرف وزراء ونواباً، وشخصيات إعلامية ونجوماً، فالجميع يريد أن يكتشف ويفهم ما يدور في هذا الفضاء. ولا تصدق أن اعتماد مبدأ الدعوات التي باتت تباع في السوق السوداء، هو لسبب تقني، كما يشاع. فهي أحد عناصر الماركتينغ التي أعطت التطبيق دفعاً، من منطلق أن كل ممنوع مرغوب. فهناك من ينتظرون دورهم، ويرسل لك التطبيق رجاء، باعتبارك عضواً، أن تتكرم وتقبل انضمامهم. وتستغرب في زمن انفض فيه الناس، حتى قبل «كورونا»، عن المؤتمرات والندوات، أن تجد عند الثالثة صباحاً أكثر من 500 شخص في غرفة واحدة يتناقشون مع الضيف الذهبي المخرج خالد يوسف في شؤون السينما المصرية ويطرحون أسئلتهم الحاذقة. بالطبع ليست كل الغرف على مستوى، فمنها ما هو مجرد هذر، وتبادل نكات. وفي «سوق الحكي» هذه تجد كل ما تشتهي، لكن يخشى أن يصبح العثور على المفيد، بعد تكاثر المنضمين، كمن يبحث عن إبرة في كومة قش.
يتحدث فلاسفة الصوت عن خطورة «التلوث الضوضائي» الذي يصم الآذان، ويسمم الذهن. أحد أهم البحّاثة الفرنسيين في المجال دانيل ديشايس، يحذر من الاستسلام لكل ما نسمع، وضرورة التمييز بين ما يوقظ الآذن، وما يتحتم إهماله لأنه أشبه بهدير السيارات في شارع مزدحم. مغامرة تطبيقات الأصوات في بدايتها، وهي على خطورتها، عند شعوب تعشق الثرثرة، أكثر من الكتابة رغم شغفها بـ«فيسبوك» و«تويتر»، ستجد في هذه الأنماط سحراً لا يقاوم. لغاية اللحظة كل ما نسمعه تكراراً ودوراناً في النقطة نفسها، لكنها فرصة ذهبية للخلاقين من الشباب الذين يريدون تبادل المعارف. وللمرة الأولى منذ زمن طويل، إذا ما دخلت التطبيق، ستعرف أن اللغة المشتركة، هي الجامع الأعظم للمتحدثين العرب، ومكنون ألفتهم، وهم يكتشفون بعضهم، ويتناجون من القلب للقلب.
وداعاً لزمن كان فيه مصطلح «الصوت والصورة» لعالمين لا ينفصلان. إنها العودة إلى أيام الإذاعة. لكن هذه المرة لكل مجموعة إذاعتها، وعليك دائماً أن تلحق بثها المباشر. فبعد انتهاء المناظرة، كل ما قيل يتبخر ويختفي. وهذا أحد أهم أسرار نجاح «كلوب هاوس».

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كلوب هاوس» يكتسح «كلوب هاوس» يكتسح



صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - اكتشاف تمثال يكشف الوجه الحقيقي لكليوباترا في معبد تابوزيريس

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

حريق يطال قبر حافظ الأسد في القرداحة وسط غموض حول الفاعلين
 العرب اليوم - حريق يطال قبر حافظ الأسد في القرداحة وسط غموض حول الفاعلين

GMT 14:35 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم
 العرب اليوم - عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم

GMT 16:39 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

التأثير الإيجابي للتمارين الرياضية على صحة الدماغ

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 20:19 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الفنان جمال سليمان يبدي رغبتة في الترشح لرئاسة سوريا

GMT 18:20 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

بشار الأسد يصل إلى روسيا ويحصل على حق اللجوء

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

480 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 48 ساعة

GMT 22:09 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

داني أولمو مُهدد بالرحيل عن برشلونة بالمجان

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 04:49 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الكينية تسجل 5 حالات إصابة جديدة بجدري القردة

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

استئناف عمل البنك المركزي والبنوك التجارية في سوريا

GMT 05:03 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزير الدفاع الكوري الجنوبي السابق حاول الانتحار في سجنه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab