عن أصحاب السعادة وأهل البؤس

عن أصحاب السعادة وأهل البؤس

عن أصحاب السعادة وأهل البؤس

 العرب اليوم -

عن أصحاب السعادة وأهل البؤس

بقلم - محمود محيي الدين

صدر تقرير السعادة في العالم فأثار اهتماماً، كالمعتاد منذ بدء إطلاقه منذ أكثر من عشر سنوات، وجاء التنويه عن نسخته الجديدة لمناسبة يوم السعادة العالمي الذي يوافق 20 مارس (آذار) من كل عام. يقوم التقرير بترتيب الدول وفقاً لما حققته في ستة مؤشرات، هي: الدخل، والصحة، والتمتع بحرية لاتخاذ قرارات أساسية في شؤون الحياة، ومدى الكرم المجتمعي، ووجود من يمكن الاعتماد عليهم من المحيطين عند الملمات. وقد صدر التقرير الأول في عام 2013 وهي السنة ذاتها التي اعتمدت فيها الجمعية العامة للأمم المتحدة يوماً سنوياً للسعادة، تراجعت فيه مؤشرات مدى سعادة البشر وتحقيق الرفاه لهم كمعيار للحكم على نجاح الدول أو إخفاقها.

ويستند التقرير إلى مسوح ميدانية أجريت على 143 دولة يشترك في إعداده خبراء ومراكز بحثية عدة مع بيت الاستشارات الإدارية «غالوب» المشهور بمسوحه الاستقصائية واستطلاعات الرأي. ويعتمد التقرير أسلوباً بسيطاً للتعرف إلى أحوال البشر، وهي بسؤالهم مباشرة عن مدى سعادتهم بحياتهم على أن يصنّفوا هم أنفسهم إجابتهم من الصفر إذا كانوا يعيشون في بؤس، إلى 10 إذا كان لديهم رضا كامل. بطبيعة الأمر يستتبع هذا أسئلة عن المؤسسات والعوامل والظروف التي تهيئ معيشة مرضية لأصحابها. وفي ترتيب العام الحالي تصدرت، باستثناءات معدودة، البلدان الأغنى الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية المراتب الأربعين الأولى وفقاً لمتوسطات الأعوام الثلاثة من 2021 حتى عام 2023. ومن البلدان العربية لم تظهر إلا ثلاثة منها في الثلاثين دولة الأولى، وهي دولة الكويت والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. في حين جاءت أفغانستان في أدنى الترتيب العالمي وقبلها مباشرة جاءت لبنان، وليسوتو، وسيراليون والكونغو.

تضمن تقرير العام الماضي دراسة، بمناسبة مرور عشر سنوات على بدء صدوره، أجندة للسعادة للسنوات العشر المقبلة أعدها جون هليويل بمدرسة فانكوفر للاقتصاد بكندا، والاقتصادي البريطاني ريتشارد لايراد، الأستاذ بمدرسة لندن للاقتصاد؛ والاقتصادي الأميركي ذائع الصيت جيفري ساكس الأستاذ بجامعة كولومبيا ومدير مركزها للتنمية المستدامة. وفي هذه الأجندة وبتحليل مسوح الرأي وملايين الإجابات من خلالها تجلى دور العوامل الآتية في تفسير الفروق بين السعادة وتراجع الرضا وصولاً إلى حالات البؤس البائس في قاع التصنيف الدولي: الصحة الجسمانية والنفسية؛ والعلاقات الإنسانية بين الشخص ومحيطه؛ والدخل والعمل؛ والقيم الشخصية؛ والدعم الاجتماعي؛ والحريات الشخصية؛ وانعدام الفساد؛ وفاعلية الحكومة. وتؤكد الدراسة أن عموم الناس صاروا بشكل متزايد يعتقدون أن مجمل ما يتحقق لهم من رفاه في المعيشة والرضا عنها كغاية نهائية. كما أنهم يحكمون على تطور أوضاعهم بمنظور مستوى الرفاه الذي يتمتعون به، أو يفتقدونه، ومدى عدالة توزيعه بين أبناء الجيل الواحد وعبر الأجيال. ويستوجب هذا في تقدير الدراسة أن تُربط أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 بشكل أعمق مع غاية تحقيق السعادة.

وركز تقرير عام 2024 على البعد العمري فوجد تباينات في التصنيف. ففي حين احتلت ليتوانيا على سبيل المثال المركز التاسع عشر، ولكن عندما تم تصنيف سعادة من هم دون الثلاثين عاماً فيها جاءت في المركز الأول، بينما جاءت في المركز الـ44 لمن تبلغ أعمارهم 60 عاماً أو يزيد. وفي حين تحتل الولايات المتحدة المركز العاشر وفقاً لتصنيف سعادة من هم في الفئة العمرية التي تبلغ 60 عاماً أو تزيد، تتراجع إلى المرتبة الـ62 لمن هم 30 عاماً أو أقل. وهذا التراجع في فئات الشباب في الولايات المتحدة وبعض البلدان المتقدمة الأخرى يفسره معدو التقرير بتعرّض الشباب لأخبار ومعلومات سلبية وسيئة تكدر صفو حياتهم رغم عدم تراجع مؤشرات التعليم والعمل والدخل بالضرورة. بينما تجد حدة التباين أقل في دولة كمصر، التي احتلت ترتيب 127 في مؤشر السعادة، وكان ترتيب الأكبر عمراً فيها أفضل نسبياً عند ترتيب 124 ولمن هم أدنى من عمر 30 عاماً استقر الترتيب عند 130.

وفي تقديري، أن من العناصر المفسرة للسعادة هو مدى تحقق العدالة في الفرص فعلياً، وباعتبار أن هذا المؤشر يعتمد على المدركات للمتغيرات التي يقيسها فللانطباعات السائدة تأثير أيضاً. كما يفسر التغيرات ما حل بالطبقة الوسطى في دول عدة من صدمات متوالية يقيسها مؤشر آخر وهو عن البؤس. وصمم المؤشر الاقتصادي الأميركي أرثر أوكن ليقيس الضغوط الاقتصادية الراجعة لارتفاع البطالة المصاحبة بزيادة تكلفة المعيشة. ويتم حساب المؤشر بحاصل جمع معدل البطالة مع معدل التضخم السنوي، واستخدم هذا المؤشر بتوسع في السبعينات في فترة تفاقم الركود التضخمي. فإذا اعتبر الاقتصاد أنه في حالة جيدة إذا ما كان معدل البطالة يقترب من معدل البطالة الطبيعية وليكن 3 في المائة ومعدل التضخم المستهدف عند 2 في المائة مثلاً، فإن الرقم المثالي لمؤشر البؤس هو 5 في المائة، وأي زيادة فيه هي زيادة للبؤس في المجتمع. وهذا المؤشر تعترضه أوجه قصور لعدم شموله متغيرات اقتصادية أخرى كالنمو وأثر التوقعات؛ وقد أدخلت عليه تعديلات كتلك التي أجراها الاقتصادي الأميركي روبرت بارو حتى يقيس أداء رؤساء الولايات المتحدة. ويستحسن استخدام هذا المؤشر مع مجموعة أخرى من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والبشرية المفسرة لتطورات الأوضاع في الدولة، وكذلك رضا عموم الناس.

فكما يؤكد أحد مؤلفي تقرير السعادة في العالم، ريتشار لايارد، الهدف هو عالم يسعد فيه عموم الناس بمعيشتهم ويشعر فيه الفرد بالرضا وتحقيق ذاته. ولم يكن غريباً أن ينص على أن السعي للسعادة من حقوق الناس بعد التأكيد على الحق في الحياة والحرية في إعلان الاستقلال الأميركي في عام 1776. ويذكرنا لايارد بما كتبه توماس جيفرسون الرئيس الثالث في حكم الولايات المتحدة «العناية بحياة الناس وسعادتهم هي الغرض الأول والوحيد للحكومة الجيدة».

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن أصحاب السعادة وأهل البؤس عن أصحاب السعادة وأهل البؤس



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab