بقلم:حبيبة محمدي
يُعدُّ الدكتور «زكى نجيب محمود» المفكرُ المصرى الكبير، رافدًا من روافدِ الفكرِ والفلسفةِ والأدبِ، ليس فى مِصرَ وحدها بل فى العالَمِ العربى كلِّه.
فهو أديبٌ بين الفلاسفةِ وفيلسوفٌ بين الأدباءِ، تلك صفتُه وقِيمتُه وقِيمُه، فهو المفكرُ والأكاديمى أستاذُ الفلسفة، ورائدُ التيارِ العلمى فى النهضةِ العربية فى القرنِ العشرين.
وأيضا اشتغلَ بالصحافةِ من خلال مجلة «الرسالة» التى كان يرأسُها، آنذاك، الأستاذ «أحمد حسن الزيات»، وترأسَ، لاحقا، مجلةَ «الفكر المعاصر» المنبر الفكرى الرصين. وأفتحُ قوسًا، لأقولَ: (إنَّ الصحافةَ بابٌ كبيرٌ لكلِّ أديبٍ ومفكرٍ حقيقي؛ فما من فيلسوفٍ إلاَّ واشتغلَ بالصحافةِ، كالفيلسوفيْن الفرنسييْن «ألبير كامو» و«سارتر» وغيرهما كثير..).
الدكتور «زكى نجيب محمود»، كان قامةً فكرية علمية ومعرفية كبيرة، وقد مرتْ ذكراه منذ أيامٍ، حيث تُوفى فى الثامن من سبتمبر سنة 1993. رحمه الله.
إنَّ للدكتور «زكى نجيب محمود» مسيرةً طويلةً وغنيّة جدا- لا يتسعُ لها مقالٌ واحد-، لكنْ حَرِىٌّ بنا أن نُذكِّرَ به ونستدعى بعضًا من سيرتِه وأفكارِه وفلسفتِه، لأنَّنا نفتقدُ أمثالَه من المفكرين، فى عصرِنا هذا!!.
وقد مرتْ حياتُه الفكرية بـ 3 مراحل، نستذكر الأخيرةَ فقط- لعدمِ اتساعِ المقامِ- وهى المرحلة التى دعا فيها إلى العودةِ إلى التراثِ العربى من أجلِ إعادةِ قراءتِه وتجديدِه، وقد كان الباحثَ عن سماتِ الهوّية العربية (التى تجمعُ بين الشرقِ والغرب، وبين الحدسِ والعقل وبين الرُّوحِ والمادة وبين القيّمِ والعلم).
هى رؤيةٌ عربية تبدأُ من الجذورِ، وتبنى عليها، قوامُها: تجديدُ التراثِ، تجديدُ الفكرِ.
و مصدرُ الاهتمامِ بالتراثِ، هو أنَّه مثل خزانةٍ بها مقوماتُنا كلُّها: اللغة، الآداب والقيم، وكلُّ ميراثِ الفلاسفةِ والأدباء.
وكان «زكى نجيب محمود» برؤيتِه الاستشرافية، تلك، يتمنى ألاَّ نكونَ «عالةً» على غيرِنا!، كما جاء فى أحد المراجع: (وإنَّما نشاركُ فى هذا العالَم بالأخذِ والهضم والتمثيل ثم إعادة الإفراز، مثلما فعلَ المسلمون حينما أخذوا العلمَ والفلسفةَ الإغريقية وهضموها ثم أضافوا عليها).
تلك جهودُ علمائِنا الأوائل ومفكرينا؛ وما الدكتور «زكى نجيب محمود»، سوى امتدادٍ لقاماتٍ فكرية، ساهمتْ إسهاماتٍ جليلةً فى مجالِ الفكرِ والفلسفةِ والأدبِ والمعرفةِ عموما.
إنّنا نحتاجُ- اليوم- إلى إعادةِ قراءةِ فكرِ الدكتور «زكى نجيب محمود»، وأمثالِه، ودراستِه، فهو رافدٌ هامٌ من روافدِ الفكرِ والأدبِ فى مِصرَ والوطنِ العربى، ومرجعٌ هامٌ من مراجعِنا فى الفلسفةِ، تحديدًا، ومعلِّم وأستاذ لأجيال، فى العالَمِ العربى.
المجدُ لأُمَّتِنا العربية.