الجبهات المفتوحة على الجيش السوداني

الجبهات المفتوحة على الجيش السوداني

الجبهات المفتوحة على الجيش السوداني

 العرب اليوم -

الجبهات المفتوحة على الجيش السوداني

بقلم: عثمان ميرغني

يقاتل الجيش السوداني في ظروف صعبة للغاية، وبالغة التعقيد بسبب عوامل داخلية وخارجية عديدة، يواجه خلالها حرباً إعلامية ونفسية شرسة وممنهجة بهدف كسره، في وقت يتعرض فيه السودان لامتحان خطير يتجاوز الدمار الهائل والتنكيل البشع الذي حدث، إلى تهديد وجودي حقيقي للبلد كما عرفناه.

كذلك يقاتل الجيش في ظل نقص في الإمدادات العسكرية وما يشبه الحصار لمنعه من الحصول على احتياجاته بهدف إضعافه والضغط عليه، وهو وضع يفاقمه شح الإمكانات المادية بعدما فقدت الدولة معظم مواردها نتيجة التدمير الهائل لمؤسساتها ومصانعها وبنيتها التحتية، والشلل الذي أصاب معظم مناحي الحياة نتيجة الحرب. هذا في الوقت الذي تتلقى فيه «قوات الدعم السريع» إمدادات كبيرة من العتاد العسكري، ومن المستنفرين من عرب الشتات الأفريقي والمرتزقة، بما يعوض الخسائر الهائلة التي تعرضت لها منذ بدء الحرب.

لم يكن غريباً أن يتعرض الجيش لانتكاسات وهزائم في ظل هذه الظروف المعقدة، فهذا جزء من طبيعة الحروب، وقد واجهته جيوش كثيرة حول العالم كان وضعها العسكري والداخلي أفضل بكثير، ومنها الجيش الأميركي الذي يعد الأقوى في العالم ومع ذلك واجه انتكاسات وهزائم من فيتنام إلى أفغانستان على أيدي قوات غير نظامية. المهم أنه على الرغم من كل الظروف الصعبة التي يقاتل فيها، بقي الجيش السوداني صامداً ولم ينكسر كما يتمنى خصومه.

من المفارقات أن بعض الذين يهاجمون الجيش ينتظرون في الوقت ذاته أن يحرر لهم بيوتهم وأحياءهم التي احتلتها «قوات الدعم السريع»، لكي يعودوا إليها. وآخرون ممن يهاجمونه يعيشون في مناطق آمنة بسبب وجوده فيها، ولولا ذلك لكانوا قد انضموا إلى قوافل الذين تركوا بيوتهم وأملاكهم وهربوا ما إن دخلت عليهم «قوات الدعم السريع». الجيش هو الأمان، وهو الحامي للبلد في هذا الظرف العصيب، مهما كابر خصومه، ومهما حاولوا تخذيله، وتثبيط همم الناس وإحباطهم.

أطراف إقليمية ودولية عديدة، بما فيها الإدارة الأميركية، لا تريد انهيار الدولة السودانية بأي شكل كان، وتشدد على الحفاظ على مؤسساتها بما فيها مؤسسة الجيش. قالها المبعوث الخاص الأميركي توم بيريلو، وسمعها بوضوح الذين شاركوا في مؤتمر القوى السياسية والمدنية في القاهرة قبل أيام من القيادة المصرية التي شددت على الأهمية البالغة للحفاظ على الدولة ومؤسساتها بما فيها القوات المسلحة لدورها في حماية البلد وأمنه القومي ووحدته في مواجهة أي تهديدات تأتيه من الداخل أو الخارج مثلما هي الحال الآن.

فهناك إدراك واسع لحقيقة أن أي انهيار للجيش السوداني سيقود البلد إلى فوضى غير معروفة العواقب، وربما يؤدي إلى انهيار الدولة، أو ما تبقى منها، وستكون لذلك تداعيات واسعة على الإقليم كله، وعلى دول الجوار بشكل مباشر. فعدد من دول الجوار مثل إثيوبيا وتشاد وجنوب السودان تعاني من وضع أمني هش، ومن مشاكل داخلية يجعلها لا تحتمل تمدد آثار الحرب إليها. أضف إلى ذلك المخاوف من أن يصبح السودان مرتعاً لجماعات الإرهاب المتنقل التي تبحث دائماً عن بيئة تسودها الفوضى، ووسعت خلال السنوات الأخيرة نشاطها في أفريقيا.

ما يزيد في قناعة عدد من الدول بأن من مصلحتها عدم انهيار الجيش أو الدولة السودانية، ما تراه من أن «قوات الدعم السريع» أصبحت إلى حد كبير خارج سيطرة قياداتها بعد فقدان جزء مقدر من قوتها الصلبة، وانضمام أعداد كبيرة من مرتزقة عرب الشتات وغيرهم إلى صفوفها وهؤلاء همهم الأساسي هو نهب الممتلكات والسيارات، والقتل العشوائي. من هنا بدأت بعض الدول الداعمة لـ«قوات الدعم السريع» تراجع مواقفها حفاظاً على مصالحها وخوفاً من انتقال آثار الحرب إليها، وهو ما يفسّر مثلاً زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى بورتسودان هذا الأسبوع واجتماعه مع البرهان، والحديث الذي يتردد عن أن تشاد تواصلت مع قيادة الجيش السوداني بهدف إصلاح العلاقات، وأن محادثات سرية على مستوى أجهزة الاستخبارات عُقدت بين البلدين.

في موازاة ذلك، هناك تحركات واتصالات لاستئناف مساعي إنهاء الحرب، سواء من خلال الدعوات التي تلقاها الجيش بشأن مفاوضات منبر جدة، أو من خلال مؤتمرات مثلما جرى في القاهرة لترتيب حوار بين القوى السياسية والمدنية من أجل الوصول إلى وفاق شامل. وهناك أيضاً مؤشرات على تطورات ميدانية تعزز من وضع الجيش عسكرياً في العاصمة وفي الجزيرة وفي دارفور أيضاً، ما يعني أن الساحة السودانية مرشحة لأحداث سيكون لها تأثيرها في مسار هذه الحرب بعدما نجح الجيش في الصمود أمام التحديات الكبيرة التي واجهته، ولم ينكسر مثلما راهن البعض أو تمنى.

 

arabstoday

GMT 08:09 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

وحدة الساحات

GMT 08:08 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

لبنان... نتنياهو أخطر من شارون

GMT 08:05 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الأردن و«الإخوان»... «حكي القرايا وحكي السرايا»

GMT 07:59 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

أوسلو... من الازدهار إلى الانهيار

GMT 07:57 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إيران ــ أميركا ــ أوروبا وإدارة الصراع

GMT 07:55 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

«الكلمة نور وبعض الكلمات قبور»

GMT 07:53 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

رؤية عربية للمتغير الرئاسي الأميركي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجبهات المفتوحة على الجيش السوداني الجبهات المفتوحة على الجيش السوداني



ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:43 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالة مختلفة تضج جمالاً
 العرب اليوم - نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالة مختلفة تضج جمالاً

GMT 00:23 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها
 العرب اليوم - طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها

GMT 20:22 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الرئيس الفلسطيني يتوجه إلى مدريد في زيارة رسمية
 العرب اليوم - الرئيس الفلسطيني يتوجه إلى مدريد في زيارة رسمية

GMT 19:41 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

إطلاق نار بمحيط إقامة دونالد ترامب

GMT 02:19 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

حالة طوارئ في جنوب ليبيا بسبب السيول

GMT 17:46 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

إصابة شرطي إسرائيلي في عملية طعن في القدس

GMT 04:25 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

سماع صوت انفجار بمحيط مخيم العين غربي مدينة نابلس

GMT 17:24 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

قصف إسرائيلي عنيف على بلدة عيتا الشعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab