ما يريده «عرب الشتات» في السودان

ما يريده «عرب الشتات» في السودان!

ما يريده «عرب الشتات» في السودان!

 العرب اليوم -

ما يريده «عرب الشتات» في السودان

بقلم: عثمان ميرغني

أرسل لي أحد أصدقائي قبل يومين تسجيلات صوتية لناشط تشادي يتحدث فيها عن مشروع عرب الشتات الأفريقي الذين ينظرون إلى الحرب الدائرة في السودان على أنها فرصة لتحقيق حلمهم في إقامة دولة تجمعهم. ويدعو المتحدث لإنشاء صندوق لجمع التبرعات المالية لصالح «قوات الدعم السريع»، وحملة لتجنيد المزيد من الشباب والدفع بهم للقتال في صفوف هذه القوات.

الرجل الذي كان يخاطب مشاركين في مجموعة على وسائل التواصل الاجتماعي يبدو أنها منخرطة في هذا التفكير ومؤيدة لـ«قوات الدعم السريع» وحربها في السودان، تحدث بحماسة عما وصفه بمشروع للقومية العربية المتناثرة في عدد من الدول الأفريقية، وفرصة جمعهم في دولة تضمهم. ومضي محذراً عرب تشاد من أن فشل مشروع «الدعم السريع» في السودان سيعني نهاية حلم دولة عرب الشتات، زاعماً أن مذابح انتقامية ستحدث ضد العنصر العربي في تشاد، وإبادة للقبائل الداعمة لـ«قوات الدعم السريع».

هذا الكلام ليس جديداً، بل تردد كثيراً على ألسنة شخصيات من تشاد بوجه خاص، ترى في الحرب السودانية بوابة لمشروع هذه الدولة، لكنه لا يجد نصيبه من الاهتمام الكافي لا عربياً، ولا حتى سودانياً؛ لأن القوى السياسية في بلدي المنكوب مشغولة بصراعاتها السياسية الضيقة عن الخطر الكبير الذي يهدد السودان.

المتأمل لخريطة تمدد «قوات الدعم السريع» سيرى بوضوح أن سيطرتها على إقليم دارفور ومناطق من كردفان ثم اندفاعها من إقليم الجزيرة جنوباً وشرقاً وصولاً إلى مناطق متاخمة لإثيوبيا، يعنى أن مشروع عرب الشتات الأفريقي الذي يتحدث عنه بعض نشطائهم، لو نجح سيكون على حساب أغنى مناطق الثروات الحيوانية والمعدنية في غرب البلاد، وأخصب الأراضي الزراعية في الوسط والشرق، مع حدود على عدد من الدول التي يتعاطف بعضها جهراً أو سراً مع «قوات الدعم السريع»، وربما مع مشروع تقسيم السودان.

هناك من يقول لك إن «قوات الدعم السريع» تحارب لتحقيق شعارات ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018، وضد «الكيزان» ومن أجل الديمقراطية، وهذا كلام أقل ما يقال عنه إنه مضحك إن لم يكن مبكياً. فأي ديمقراطية هذه التي ستأتي بها هذه القوات التي شاركت في قمع الثورة وفي مذبحة فض اعتصام القيادة، وفي الانقلاب على حكومة الفترة الانتقالية، بل وكانت جزءاً من نظام البشير ومطرقة في يده، وفي صفوفها عناصر من «الكيزان» الذين تدعي محاربتهم؟ مشروع «الدعم السريع» منذ انطلاق هذه الحرب هو السيطرة على البلاد والسلطة، وهو ما ظهر في تحركات الأيام الأولى، وفي تصريحات موثقة لمنسوبيها الذين كانوا يرددون «سيطرنا على السودان».

الحسابات السياسية الضيقة هي التي تجعل البعض يتعامون عن حقيقة «الدعم السريع»، وعن حملات التجنيد والتجنيس الواسعة التي قامت بها، والتي ربما تصب الآن في المشروع الذي يروج له عرب الشتات الأفريقي. أضف إلى ذلك أن قيادة «الدعم السريع» لم تعد تملك الآن السيطرة الكاملة على قواتها التي تمددت جغرافياً، وباتت تعتمد على المدد الآتي من عرب الشتات بأعداد ضخمة لتعويض خسائرها في القتال.

في هذا الوقت العصيب تتواصل الهجمة المنسقة من البعض على الجيش، ومنها ما يجري تداوله عن أنه بدأ يستعين بمرتزقة من قوات إقليم التيغراي الإثيوبي، أو من مناطق أخرى. اللافت أن الذين يتداولون هذا الكلام، يغضون الطرف عن عشرات الآلاف من المرتزقة الذين أتوا للقتال في صفوف «قوات الدعم السريع»، وعن الكميات الهائلة من السلاح التي تنقل عبر الحدود، وهو أمر وثقته تقارير دولية عدة.

هؤلاء الذين يثيرون هذه الزوبعة هم ذاتهم الذين كانوا قد هاجموا الجيش وحملات الاستنفار والتجنيد الشعبي لمواجهة الحرب المتمددة التي تشنها «قوات الدعم السريع». فهم لا يريدون للمواطنين أن يهبوا للوقوف إلى جانب جيشهم دفاعاً عن أنفسهم وممتلكاتهم وأعراضهم، ولمؤازرته في الوقت الذي يخوض فيه حرباً على جبهات عدة، ويواجه أخطر مؤامرة يتعرض لها السودان. والآن تتواصل الحملة بالترويج للكلام عن استعانته بمرتزقة، وهو كلام، حتى لو صح، فإن الجيش السوداني لن يكون قد أتى ببدعة في الحروب، والتاريخ القديم والحديث يثبت ذلك منذ عهود الرومان والإغريق وحتى يومنا هذا. أميركا استعانت بمقاتلي شركة «بلاك ووتر» في العراق، وروسيا تستخدم مقاتلي «فاغنر» في حرب أوكرانيا وفي جبهات عدة في أفريقيا، وفرنسا كذلك استخدمت مرتزقة في عمليات خارجية وبشكل خاص في أفريقيا، وغير هؤلاء كثير.

ما يحتاج إليه السودان اليوم ليس انخراط البعض في حملة لكسر الجيش، بل صد الخطر الكبير المحدق بالبلد، فهذه أولوية مقدمة على كل الحسابات والصراعات السياسية التي دفعت بالبلد إلى هذه الهاوية.

 

arabstoday

GMT 05:07 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«الحياة الأبدية» لمقاتلي روسيا

GMT 05:01 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... السنجاب المحارب!

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 04:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تثمين العقلانية السعودية

GMT 04:55 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟

GMT 04:53 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«أرامكو» وتحوّل الطاقة

GMT 04:52 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بريطانيا: المحافظون يسجلون هدفاً رابعاً ضد «العمال»

GMT 04:50 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي في واشنطن استمرارية أم انعطافة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما يريده «عرب الشتات» في السودان ما يريده «عرب الشتات» في السودان



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
 العرب اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط
 العرب اليوم - وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط

GMT 12:46 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
 العرب اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 01:13 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
 العرب اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك

GMT 10:59 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 08:56 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

GMT 17:12 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 31 شخصا على الأقل في هجمات إسرائيلية في قطاع غزة

GMT 03:11 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطوط الجوية الفرنسية تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر

GMT 22:38 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5.2 درجة على مقياس ريختر يضرب شمال اليونان

GMT 17:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة 32 جنديا بينهم 22 في معارك لبنان و10 في غزة خلال 24 ساعة

GMT 01:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولة الفلسطينية

GMT 09:18 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هيدي كرم تتحدث عن صعوبة تربية الأبناء

GMT 15:09 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

توتنهام يتأخر بهدف أمام أستون فيلا في الشوط الأول

GMT 11:18 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

رامي صبري يُعلق على حفلته في كندا

GMT 04:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 21:38 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هاريس تتعهد بالعمل على إنهاء الحرب في الشرق الأوسط
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab