بقلم - عماد الدين حسين
فى السابعة من مساء أمس الأول الإثنين انطلقت فضائية «القاهرة الإخبارية» لتكون القناة الإقليمية لمصر، وكل التمنيات لها بالتوفيق وأن تكون صوتا مهنيا مصريا، صادقا ينقل الواقع والحقائق، وفى الوقت نفسه تواجه بمهنية حملات الزيف والتضليل التى صارت العملة الرائجة فى المنطقة والعالم.
هذه القناة انتظرها كثيرون منذ سنوات طويلة. كان المفترض أن تخرج هذه القناة للنور منذ بداية التسعينيات من القرن الماضى، لأن الطبيعى أن مصر هى الرائدة فى الإعلام العربى سواء من حيث الكتب أو الإذاعة أو التليفزيون وكل ما يتعلق بالثقافة والفكر والأدب والفن وسائر فنون الإبداع.
الإذاعة المصرية موجودة منذ عام ١٩٣٤ ووقتها لم تكن الكثير من دول المنطقة موجودة، و«التليفزيون العربى» موجود منذ يوليو ١٩٦٠ قبل كل التليفزيونات العربية ما عدا العراق تقريبا، لا أقول ذلك تعصبا أو عنصرية أو شعوبية أو تعاليا على الأشقاء العرب، بل كان ذلك هو الواقع الذى تغير الآن وتفوق علينا العديد من الأشقاء العرب فى الإعلام، وصار لبعضهم فضائيات مؤثرة جدا، أحببنا ذلك أم كرهناه، بل صرنا ننتظر من بعض هذه الفضائيات أن تدافع عن وجهة نظرنا وتنصرنا فى بعض القضايا!
المفارقة أن الإعلاميين المصريين كانوا هم العماد الأساسى وراء تأسيس واستمرار هذه الفضائيات، ثم بدأ تأثيرهم يقل بعد أن تحسن مستوى العديد من الإعلاميين العرب.
لا نريد أن نبكى على اللبن المسكوب ونغرق فى الماضى وفى التاريخ وأين كنا وأين أصبحنا. المهم أن ننظر بثقة إلى الأمام وإلى المستقبل ونعوض ما فاتنا.
ظنى أن هناك شروطا ضرورية يجب أن تتوافر لكى تحقق «القاهرة الإخبارية»، هدفها وتولد قوية وتستمر مؤثرة كما نأمل ونحلم.
أول هذه الشروط أن تعمل على أساس مهنى أولا وأخيرا، وأن تضع القواعد المهنية نصب أعينها، لأنه من دون ذلك، سوف تتحول إلى مجرد فضائية عادية وليست إقليمية.
ثانى هذه الشروط أن تكون أهمية وقوة الأخبار هى المعيار لكى تتصدر نشراتها وبرامجها، يمكن مثلا أن نفهم أن يتصدر الخبر المصرى نشرات أخبار الفضائيات المصرية المحلية، لكن ذلك لا ينبغى أن يكون هو المعيار فى «القاهرة الإخبارية»، بل الخبر القوى سواء كان حادثا فى الهند أو أندونيسيا، أو ارتفاعا فى سعر النفط والغاز أو تصعيدا للحرب فى أوكرانيا أو توقعات انتخابات الكونجرس النصفية. التعامل مع الخبر المصرى فى صدارة النشرات حتى لو لم يكن هو الأبرز، سيحول «القاهرة الإخبارية» إلى مجرد قناة محلية.
الشرط الثالث أن تتمتع الفضائية الجديدة بحرية حركة واسعة فى التعامل مع أخبار المنطقة على أسس مهنية قدر المستطاع، فلا يعقل أن «تحسس» القناة على أخبار هذه الدولة أو تلك بحجة أنها قد تغضب مسئوليها، خصوصا أن بعض فضائيات هذه الدول صارت تتعامل مع «أخبارنا المصرية» على أسس مهنية، بل وأحيانا بأسس غير مهنية.
لا أقصد من هذا الكلام أن تتحول الفضائية الجديدة إلى تصفية حسابات مع الدول أو شن حملات إعلامية أو استهداف هذا المسئول سواء العربى أو ذاك، بل أن تكون قناة العرب الأولى من حيث الأخبار الصحيحة والجادة والتقارير الصادقة والتحليلات المعمقة.
الشرط الرابع أن يتوافر تمويل مستدام لهذه الفضائية حتى تحقق أهدافها، ولا تتعثر كما تعثرت أفكار كثيرة مماثلة فى السابق، وتحولت إلى قنوات شديدة المحلية لا يهتم بها الكثيرون.
الشرط السادس أن تهتم القناة بمواكبة كل ما هو جديد فى عالم التكنولوجيا الرقمية، وأن تكون قناة تفاعلية لا تكتفى فقط بالشاشة النمطية، بل بالتواصل مع الجميع عبر السوشيال ميديا خصوصا الشباب الذى يشكل حوالى ٦٠٪ من المشاهدين فى المنطقة العربية.
والشرط السادس والأخير والمهم جدا أن يتوافر للقناة قدر مهم ومعقول من الحرية الإعلامية والجرأة فى التناول والمعالجة، وإلا سوف تتحول ــ لا قدر الله ــ إلى قناة باهتة، تهتم بإرضاء الجميع، وتنتهى بعدم رضاء أحد عنها.
غير مسموح للقاهرة الإخبارية أن تفشل أو تتعثر، لأن حدوث ذلك سيكون خبرا مؤلما، لنا جميعا.
مرة أخرى كل التمنيات بالتوفيق لفريق عمل «القاهرة الإخبارية»، والزميل أحمد الطاهرى ونتمنى أن نرى القناة الجديدة فى مقدمة القنوات الإخبارية بالمنطقة.