هل يستغنى الكبار عن أرباحهم الملوثة

هل يستغنى الكبار عن أرباحهم الملوثة؟

هل يستغنى الكبار عن أرباحهم الملوثة؟

 العرب اليوم -

هل يستغنى الكبار عن أرباحهم الملوثة

عماد الدين حسين
بقلم - عماد الدين حسين

قد يسأل البعض سؤالا بديهيا وبسيطا وهو: لماذا لا تلتزم الدول الصناعية الكبرى بالحد من الانبعاثات الكربونية الضارة بكوكب الأرض؟!!
الإجابة المبدئية هى أن الدول سواء كانت كبرى متقدمة أو نامية أو ناشئة لديها شكوك قوية بأن التحول من الوقود الأحفورى إلى الطاقة النظيفة سيضعف اقتصادها ويجعل دولا أو مجموعات أخرى تتفوق عليها، وبالتالى فهى تظل فى حالة عناد وتربص غير عابئة بما يحدث للكوكب..
ذات يوم قال جون كيرى مبعوث المناخ الأمريكى ووزير الخارجية الأسبق: «للوصول إلى مواجهة التغيرات المناخية تحتاج الدول إلى تغيير اقتصاداتها بشكل عاجل».
كلام كيرى صحيح مائة فى المائة، لكن السؤال هل الذين يلوثون البيئة ويتسببون فى الانبعاثات الكربونية الضارة المسببة للاحتباس الحرارى سيتوقفون عن ذلك، وهل سيقبلون بتغيير نوع اقتصادهم الذى يراكم الأرباح الناتجة عن زيادة الانبعاثات الكربونية والاحتباس الحرارى؟!
السؤال الحقيقى كان يفترض أن يسأله كيرى لحكومته باعتبارها الأكبر تلويثا للبيئة والأكثر تسببا تاريخيا فى الاحتباس الحرارى، فهى ظلت تحتل المركز الأول عالميا فى الانبعاثات حتى عام ٢٠٠٦، حينما احتلت الصين المركز الأول، وصارت أمريكا فى المرتبة الثانية ثم الهند ثالثا وروسيا رابعا والاتحاد الأوروبى خامسا.
أعترف أننى لم أكن أدرك المغزى الحقيقى لقيام الشركات الأمريكية والغربية الكبرى بالاستثمارات الضخمة فى العديد من بلدان العالم خصوصا الصين وجنوب شرق آسيا ودول أخرى عديدة.
كنا فى الماضى نحسد هذه الدول لأنها نجحت فى جذب هذه الاستثمارات الغربية الكبرى.
وبالطبع هذه الدول تمكنت من تحقيق معدلات نمو مرتفعة، لكن هناك جوانب أخرى شديدة السلبية فى هذا النوع من الاستثمارات.
الشركات الأمريكية والغربية لم تكن تريد الالتزام بالاشتراطات البيئية الصعبة التى تفرضها حكوماتها، ولم تكن تريد أيضا الالتزام بكل قوانين العمل والتأمينات وكل ما يهم ويخص العمال والموظفين. وبالتالى وجدت فى الأسواق الآسيوية كل ما ترغب فيه؛ عمالة رخيصة وقوانين متساهلة وعدم وجود أى اشتراطات بيئية خصوصا ما يتعلق بالانبعاثات الكربونية، وفوق كل ذلك الحصول على أرباح خيالية وتحويلها إلى بلدانها. صحيح أن الدول الآسيوية حصلت على استثمارات ضخمة ونجحت فى تشغيل عمالة وتوطين صناعة وصادرات، لكن الأصح والنقطة الجوهرية هى أن كثيرين لم يلتفتوا إلى الثمن الفادح لمثل هذا النوع من «التنمية الدموية». جميعنا هللنا وأشدنا بما حققته الدول المتقدمة سواء كانت فى الغرب أو الشرق لكن معظمنا لم يلتفت إلى ثمن هذا التقدم!
الشركات الغربية بنت المصانع وحققت الأرباح الضخمة لكن التلوث الأكبر للبيئة يدفعه الأفارقة وبقية الدول النامية.
وحسب قول الرئيس السابق لجزر المالديف محمد نشيد: «نحن ندفع بأرواحنا ثمن الكربون المنبعث من شخص آخر». والشخص الآخر هو الدولة أو الشركة الأمريكية أو الصينية أو الهندية أو الروسية أو الأوروبية أو أى دولة لم تلتزم بالمعايير البيئية السليمة التى تمنع الانبعاثات وتزيد من درجة الاحتباس الحرارى.
نتذكر أن الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب انسحب من اتفاقية باريس المهمة جدا والموقعة عام ٢٠١٥، التى كانت تفرض على بلاده والعالم التزامات محددة بالحد من الانبعاثات الكربونية. ومثله تماما الرئيس البرازيلى المنتهية ولايته جاييرو بولسانارو الذى سمح بمزيد من إزالة الغابات من رئة العالم فى الأمازون. كما أن الصين والهند رفضتا الالتزام الصارم بتعهدات الحد من الانبعاثات فى قمة المناخ الماضية فى جلاسجو.
إذن فإن الالتزامات تعنى الحد من الأرباح الطائلة التى تحصل عليها هذه الدولة وشركاتها العملاقة، وبالتالى فلكى نحمى البيئة لابد أن نواجه ونفضح جشع هذه الدول الكبرى وشركاتها متعددة الجنسية.
علينا أن ندرك أيضا أن التحول والتكيف لمواجهة التغيرات المناخية يتطلب من الشركات الصناعية الكبرى استخدام أو استحداث تكنولوجيا صديقة للبيئة تعتمد على الطاقة النظيفة المتجددة وهو أمر سيكلفها الكثير.
وهنا بالضبط مربط الفرس: من الذى يمكنه الضغط على الدول والشركات الكبرى لكى تلتزم بالتعهدات وحماية الفقراء الذين يدفعون الثمن الأكبر للانبعاثات الكربونية الضارة؟!

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يستغنى الكبار عن أرباحهم الملوثة هل يستغنى الكبار عن أرباحهم الملوثة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab