حقوق الإنسان الفردية والمناخية

حقوق الإنسان الفردية.. والمناخية!

حقوق الإنسان الفردية.. والمناخية!

 العرب اليوم -

حقوق الإنسان الفردية والمناخية

بقلم - عماد الدين حسين

الذين يعتقدون أن الولايات المتحدة وغالبية الحكومات الأوروبية يؤمنون فعلا بحقوق الإنسان قولا وفعلا، عليهم أن يراجعوا أنفسهم قليلا، ويتأملوا الواقع وليس فقط البيانات والشعارات.
وحتى لا يبدو الأمر وكأننى أحاول تبرير الانتهاكات المتنوعة لحقوق الإنسان فى العديد من بلدان العالم الثالث، أسارع وأقول إن هذه الانتهاكات موجودة بالفعل وبكثرة فى هذه البلدان، ولا يمكن تبريرها تحت أى مسمى، وأؤكد أيضا أن معظم الحكومات الغربية تحترم إلى حد كبير حقوق الإنسان فى بلدانها، ولديها تعددية وديمقراطية لصالح شعوبها، مقارنة بالشعوب المغلوبة على أمرها فى العديد من البلدان النامية.
هذا المعنى قلته أمس الأول خلال مشاركتى فى جلسة بعنوان: «الانحيازات السياسية فى الصحافة الغربية: الحرب الأوكرانية الروسية نموذجا» فى إطار اليوم الأول من «منتدى مصر للإعلام» الذى انعقد تحت عنوان «الجمهور الجديد.. جائحة التغيير».
قلت بوضوح إن هذه البلدان خصوصا الغربية الصناعية الكبرى حينما يتحدثون عن حقوق الإنسان، فهم ينسون تماما حقوق الإنسان الشاملة فى العالم النامى.
هذه الدول وخصوصا الولايات المتحدة وأوروبا وصحافتها تعطى دروسا طوال الوقت لكل البلدان النامية فيما يتعلق بحالات فردية فى حقوق الإنسان، ورأينا هذه الدول تطالب البلدان النامية بالإفراج عن ناشطين سياسيين معارضين لحكوماتها.
للوهلة الأولى يعتقد الكثيرون أن الغرب وصحافته مهموم فعلا بحقوق الإنسان فى العالم النامى، لكن الدرس القاسى والمهم الذى رأيناه فى «COP27» الذى انعقد فى شرم الشيخ فى الفترة من ٦ــ١٩ نوفمبر الحالى كشف لنا بما لا يدع مجالا للشك أن إيمان الغرب بحقوق الإنسان هو أمر انتقائى يتم تطبيقه فى حالات إعلامية، وبحق ناشطين محددين، لكن حينما يتعلق الأمر بحق كل سكان العالم الثالث والنامى فى الحياة، ينسى الغرب كل ذلك ولسان حاله يقول: «فليذهبوا إلى الجحيم».
فى مؤتمر شرم الشيخ الأخير وفى كل قمم ومؤتمرات المناخ العالمية السابقة طوال السنوات الماضية عارضت هذه الدول الكبرى تقديم أى مساعدة ملموسة وفاعلة وشاملة إلى الدول النامية المتضررة من الانبعاثات الكربونية والاحتباس الحرارى.
نعلم جميعا أن الولايات المتحدة هى أكبر ملوث للبيئة العالمية تاريخيا، رغم أنها تحتل المركز الثانى حاليا خلف الصين، ونعلم أيضا أن الاتحاد الأوروبى يحتل المركز الخامس فى هذه الانبعاثات بعد الصين وأمريكا والهند وروسيا. إذا الدول الكبرى هى المتسبب الأول فى الإضرار بالدول النامية، التى تضررت بشكل يصعب وصفه، ورأينا الفيضانات والأعاصير والأمطار والجفاف يضرب العديد من البلدان النامية، وآخرها باكستان قبل أسابيع، حيث بلغت قيمة الخسائر ٣٠ مليار دولار وتشرد الملايين.
لم تكن باكستان تتضرر، لولا الانبعاثات الكربونية من الدول الكبرى، لكن هذه الدول الغربية حاربت بإصرار فى شرم الشيخ وطوال السنوات الماضية الالتزام بسداد ما عليها من مستحقات نظير الخسائر والأضرار التى تحملتها، هى وافقت على مضض على إنشاء «صندوق الخسائر والأضرار» من دون أن تضع له اللوائح التنفيذية اللازمة لتفعيله. النقطة الجوهرية فى هذا الموضوع أن بعض الدول الغربية وصحافتها تقيم الدنيا وتقعدها من أجل سجين واحد فى إيران أو ميانمار أو مصر أو سوريا أو السودان أو أى دولة نامية، ولها الحق فى كل ذلك دفاعا عن حقوق الإنسان، لكن بشرط أن تلتزم هى بحماية الملايين فى كل البلدان النامية التى دفعت ثمنا غاليا بسبب الانبعاثات الكربونية والاحتباس الحرارى الناتج عن هذه الدول نفسها.
نفهم ونقدر أن تدافع أمريكا أو بريطانيا أو ألمانيا أو أى دولة أوروبية وصحافتهم عن حقوق الإنسان فى العالم الثالث، لكن لماذا لا تطبق نفس المبدأ، وتتحمل الثمن الذى سببته طريقة حياتها وتقدمها وصناعاتها فى الإضرار بكوكب الأرض بأكمله وتكاد تعرضه للدمار؟!
وما هذا التناقض الفاضح بين قلب الدنيا بشأن سجين واحد فى أى دولة بالعالم الثالث وإهدار حقوق الملايين فى نفس البلدان؟.
مرة أخرى الغرب أكثر تقدما منا فى العديد من المجالات ومنها الحريات وحقوق الإنسان ونتمنى أن تحترم دول العالم الثالث حقوق الإنسان من أجل خاطر مواطنيها وليس من أجل عيون وضغوط الدول الغربية، ولكن على الدول الغربية أن تشرح لنا سر هذا التناقض الخطير بين دفاعها عن بضعة مساجين، وإضرارها بملايين المواطنين فى العالم الثالث والدول النامية !!

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حقوق الإنسان الفردية والمناخية حقوق الإنسان الفردية والمناخية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 15:50 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
 العرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab