بقلم - عماد الدين حسين
إصلاح التعليم وتطويره يتحقق بشروط كثيرة منها وجود تعاون وتكامل بين التعليم الأكاديمى وبين الصناعة، حسب ما يقال دائما فى الدول المتقدمة، أو أن تقوم الجامعات بتخريج خريجين يلبون حاجة سوق العمل كما نقول عندنا فى مصر دائما.
فى الأسبوع الماضى قضيت أربعة أيام فى مدينة تورنتو الكندية، زرت خلالها بعض المؤسسات التعليمية الجامعية بدعوة من الدكتور مجدى القاضى رئيس مؤسسة الجامعات الكندية فى مصر.
الزيارة شملت جامعة ريرسون فى تورنتو التى ستفتح فرعا فى العاصمة الإدارية سيبدأ الدراسة فى سبتمبر المقبل.
والمعنى الأساسى الذى سمعته أنا وزملائى الثلاثة فى هذه الجولة يتردد فى كل لحظة هو التكامل بين الصناعة والتعليم الجامعى.
فى هذه الجولة زرت كلية الإبداع التابعة لهذه الجامعة وكذلك كلية الهندسة ومركز أو حضانة الأعمال. والتعبير الذى سمعته أن هذه العلاقة بين الجامعة والصناعة هى علاقة تبادلية أو «رايح جاى»، وعدد كبير من الخريجين يعرف أين سيذهب ويعمل بمجرد تخرجه أو حتى قبل تخرجه.
ولكن يتم ترجمة ذلك على أرض الواقع فإن الطلاب حينما يتخرجون ويلتحقون بأعمال معينة يعود بعضهم إلى الجامعة مرة أخرى لكى يجدد معارفه النظرية، وبعض الأكاديميين يلتحقون بأعمال فعلية فى الشركات ليعرفوا آخر التطورات التى وصل إليها العالم العملى خارج الجامعة.
لكن جوهر هذه العملية أن كلية معينة ولتكن الهندسة على سبيل المثال، لديها العديد من مشروعات التخرج لدى الطلاب.
هم يختارون هذه المشروعات من أرض الواقع، باعتبارها تعبر عن احتياجات حقيقية فى سوق العمل، أو يأتى ممثلو الشركات إلى الجامعة ولديهم مشكلة معينة يريدون حلها، ويعرضوها على الطلاب والأساتذة، أو يكون هناك مشروع طلابى متميز تقوم شركة معينة بتمويله بصورة كاملة وهكذا.
على سبيل المثال هناك كلية أو مدرسة للأزياء «الفاشون» موجودة فى كلية الإبداع.
الطلاب يتواصلون مع الزبائن خارج الكلية لمعرفة احتياجاتهم وتلبيتها.
عميد كلية الإبداع ويدعى تشارلز فالسون ممارس عملى وليس أكاديميا متخصصا، ولذلك أقنع الجامعة بأكملها بأن يسلك طرقا غير تقليدية، حتى يحقق التميز والاختلاف فى كلية الإبداع. وفى هذه الكلية والجامعة عموما، فإن الموهوبين والمبدعين ونجوم المجال يأتون لإلقاء محاضرات على الطلاب، ومعرفة قدراتهم واكتشاف نجوم المستقبل، وبالتالى فإن العديد من الطلاب يجدون عملا مباشرا بعد التخرج مباشرة.
وهناك شركات تقدم منحا ودعما للطلاب لتنفيذ مشروعاتهم العملية بعد نقاشات مستفيضة، وحينما ينجح المشروع يستفيد الطرفان بل الثلاثة أى الطلاب والكلية والشركة.
مهمة الكلية أو الجامعة هى تحقيق اللقاء أو التشابك بين الطالب والشركة والقيمة الكبرى للجامعة ليست توفير الأموال بقدر ما هى تشجيع ريادة الأعمال والتخديم على تقدم المجتمع بأكمله.
ونفس الأمر فى كلية الهندسة، وربما فى هذه الكلية تحديدا يكون أكبر تعاون فعلى بين الجامعة كمكان للأكاديميين وبين الشركات الممثلة لسوق العمل.
وبعض الشركات تقدم دعما للطلاب المتميزين من أجل توفير حلول لمشاكل فنية وتقنية تواجه الشركة.
من بين ما لفت نظرى أن العديد من الطلاب يدرسون لمدة ثلاث سنوات، ثم يلتحقون بإحدى الشركات لمعرفة ما يحدث على أرض الواقع، ثم يعودون للجامعة فى السنة الأخيرة، حتى يتحقق التكامل بين النظرى والعملى.
والعديد من كبار المهندسين كانوا طلابا فى الجامعة، ويأتون إليها مرة أخرى ليحاضروا الطلاب الجدد، وهكذا تتحقق المعادلة المهمة وهى التكامل بين النظرى والعملى.
ويقوم العديد من أساتذة الجامعات بالتواصل مع رؤساء الشركات لترشيح الخريجين المتميزين كى يتم توظيفهم.
هذا هو النموذج الذى رأيته فى كندا، وسبق أن رأيته فى جامعات أخرى هنا فى كندا قبل ٤ سنوات وقد عرفت من الدكتور مجدى القاضى أن هذا المنهج هو الذى سيتم تطبيقه فى فرع جامعة ريرسون فى العاصمة الإدارية، ابتداء من الموسم الدراسى الجديد الذى سيبدأ فى سبتمبر المقبل.