ليبيا والمشروعات المتنافسة على المنطقة

ليبيا.. والمشروعات المتنافسة على المنطقة

ليبيا.. والمشروعات المتنافسة على المنطقة

 العرب اليوم -

ليبيا والمشروعات المتنافسة على المنطقة

عماد الدين حسين
بقلم - عماد الدين حسين

ما يحدث من تطورات متسارعة فى ليبيا، ينبغى أن نفهمه فى إطار وسياق إقليمى ودولى أكبر، وليس مجرد صراع على من يحكم طرابلس أو حتى كل ليبيا، أو حتى باعتباره صراعا مصريا تركيا.
الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، لا يكتفى فقط بإرسال قوات إلى ليبيا للسيطرة عليها بعد أن صوّت برلمان بلاده بالموافقة على ذلك، ولكنه يتحدث عن «إرث أجداده» فى ليبيا، بما يذكرنا بالنظرة الاستيطانية للاستعمار الفرنسى للجزائر، الذى استمر ١٣٠ عاما.
أردوغان لا يهددنا فقط من الحدود الغربية، ولكن يهددنا أيضا من الحدود الشمالية، حينما وقع مذكرة تفاهم مع حكومة الوفاق والميليشيات فى طرابلس يعتقد أنها تعطيه الحق فى الحصول على جزء من ثروة الغاز فى شرق البحر المتوسط.
الصراع فى المنطقة الآن صار أوسع كثيرا، حيث هناك العديد من المشاريع الكبرى التى تتصارع، ويعتقد كل طرف أنه الأحق بقيادة المنطقة.
هناك المشروع التركى بقيادة أردوغان والذى تراوده أحلام العودة إلى الامبراطورية العثمانية، وأغلب الظن أنه يستخدم جماعة الإخوان وبقية القوى المتطرفة ذراعا لتحقيق أحلامه، لكن هذا المشروع تعثر كثيرا، خصوصا بعد ثورة ٣٠ يونيو فى مصر، التى وجهت له ضربة كبيرة، لكنه يحاول الالتفاف عليها عبر البوابة الليبية.
المشروع الثانى هو الإيرانى، ولا يختلف كثيرا عن التركى، فإذا كانت تركيا تستخدم الإخوان وأهل السنة، فإن إيران تستخدم الشيعة، لتحقيق امبراطورية قومية فارسية تتخفى خلف اللافتة الشيعية.
المشروع الثالث هو الإسرائيلى المزروع قسرا فى المنطقة منذ وعد بلفور عام ١٩١٧ ثم النكبة فى ١٩٤٨. هو مشروع هجين ورغم كل الخلل البنيوى الكامن فيه، فإنه يعيش أفضل لحظاته هذه الأيام منذ مؤتمر بازل عام ١٨٩٧.
المفترض أن يكون هناك مشروع رابع عربى أصيل، يتصدى للمشاريع الثلاثة، أو حتى يجبرها على احترامه وعدم تجاوزه، لكن لأسباب يطول شرحها، صار العرب فى أضعف لحظاتهم. انقسموا على أسس طائفية أو جهوية أو سياسية. بعضهم مع إيران، وبعضهم مع تركيا، وجزء منهم صار يجاهر بالعلاقة مع إسرائيل. إضافة إلى المشاريع الثلاثة، هناك مصالح أو أطماع الدول الكبرى التقليدية سواء الأمريكية أو الروسية أو الأوروبية بدرجاتها المختلفة خصوصا البريطانية والفرنسية والألمانية والإيطالية.
فى الحالة الليبية الراهنة، الصورة غائمة إلى حد كبير والعوامل متداخلة، وهناك مثلا تنافس فرنسى إيطالى، وتنافس أمريكى روسى، وانقسام عربى بشأن تركيا، الغالبية تراها قوة غزو، وقلة تراها القائد المنتظر للمسلمين كما تفعل قطر ومعها جماعات الإسلام السياسى بتنوعاتها المختلفة، خصوصا جماعة الإخوان، التى لا نعرف هل هى أداة فى يد أردوغان، أم تحاول استغلاله، لكى تخرج من كبوتها أو محنتها.
الغرب وأردوغان لا يخفى تلهفه على النفط الليبى الذى تقول تقديرات إن عائداته تصل إلى ١٨٠ مليار دولار سنويا، إضافة إلى أن أردوغان يسعى إلى تحويل ليبيا لورقة يهدد بها أوروبا بإغراقها بالمهاجرين غير الشرعيين، وكذلك إزعاج ومناكفة مصر، عقابا لها على ما فعلته بضرب مشروعه عام ٢٠١٣.
الأمريكيون مترددون ولا يعرفون ماذا يريدون، تارة يؤيدون الجيش الوطنى بقيادة خليفة حفتر، وتارة يعارضونه ويطالبونه بوقف هجومه عى طرابلس، وربما يكون الهاجس الأكبر لهم الآن، هو زيادة النفوذ الروسى فى ليبيا، وما يقال عن قوات روسية خاصة تقاتل بجانب الجيش الليبى التابعة «لشركة فاجنر».
الأوروبيون منقسمون وأثر الصراع الفرنسى الإيطالى واضح وبارز للعيان، باريس تدعم حفتر إلى حد كبير، وروما لا تخفى دعمها للسراج وطرابلس، لكن هناك تقديرات أن أوروبا بدأت تدرك خطورة مجمل التطورات الليبية، وأنها قد تنقلب إلى مأساة تهدد أوروبا، وتكون أكبر عقاب لها على ما فعلته فى ليبيا عقب إسقاط وقتل معمر القذافى وتركها الميليشيات المسلحة تعيث فسادا فى ليبيا، مما أوصل الأوضاع إلى ما وصلت إليه.
الوضع فى ليبيا كارثى، وما لم تحدث معجزة فإن تحولها إلى سوريا أخرى ليس بعيدا، بحيث تكون مرتعا لكل القوى الإقليمية والدولية.
الأمل أن تتمكن مصر ومعها بقية الدول العربية خصوصا السعودية والإمارات والأردن والسودان الجديد والعقلاء فى المغرب العربى الكبير، من وقف التدويل وتوحيد ليبيا بجيش ومؤسسات موحدة، لا تقصى أى طرف سياسى مدنى، لكنها تواجه الميليشيات، حتى لا تتحول إلى فيروس يضرب المنطقة بأكملها، كما تفعل الميليشيات فى المشرق العربى هذه الأيام!!

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا والمشروعات المتنافسة على المنطقة ليبيا والمشروعات المتنافسة على المنطقة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 04:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان
 العرب اليوم - تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة

GMT 01:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف مناطق إسرائيلية قبل بدء سريان وقف إطلاق النار

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab