النجاح الباهر والواقع المؤلم

النجاح الباهر.. والواقع المؤلم

النجاح الباهر.. والواقع المؤلم

 العرب اليوم -

النجاح الباهر والواقع المؤلم

عماد الدين حسين
بقلم - عماد الدين حسين

صباح الأحد الماضى تشرفت بالحديث فى الجلسة العامة لمجلس الشيوخ، وأشدت بالتنظيم المبهر لموكب نقل المومياوات الملكية من المتحف المصرى بالتحرير إلى متحف الحضارات بالفسطاط، وقلت إننا أدهشنا العالم بالنجاح الاستثنائى.

وفى ختام كلمتى قلت: إذا كنا قادرين على النجاح بهذه الصورة الإعجازية، كما فعلنا فى تعويم السفينة البنمية الجانحة بقناة السويس، فإننى أتمنى أن نطبق نفس المنهج والنموذج لحل بقية مشاكلنا الصعبة والمستمرة منذ عقود.

بعد نهاية الجلسة قابلنى عضو فاضل بالمجلس شغل العديد من المناصب التنفيذية المهمة، قبل أن يتقاعد، وقال لى: يا أخى يعنى لازم تختم كلمتك بهذا التساؤل، لماذا لم تكتف بالإشادة، بدلا من الحديث عن المشاكل الأخرى؟!!

وجهة نظر هذا العضو المحترم، الذى أكنّ له كل تقدير واحترام منذ سنوات، أنه فى هذا الوقت لا ينبغى أن نتحدث إلا عن النجاح والاحتفال، ولا داعى للحديث عن المشاكل الأخرى التى لم نستطع حلها.

تناقشت معه كثيرا، واكتشفت أنه ليس مجرد رأى فردى، بل هناك من يشاركه نفس الرأى على مواقع التواصل الاجتماعى، والأخطر أن هذا التيار يرى أننا طالما نجحنا فى تعويم السفينة ونقل المومياوات، فإن كل مشاكلنا قد تم حلها تقريبا. ولم يعد لدينا أى شىء يؤرقنا أو يقلقنا!

أقدر تماما هذا الشعور الوطنى الجارف، الذى يتمنى أن تنتهى كل المشاكل بغمضة عين لمجرد أننا نجحنا فى قضية أو قضيتين.

لكن التمنى شىء، والواقع شىء آخر تماما. هذا الواقع يقول إننا ونتيجة تراكمات استمرت عقود كثيرة، فإننا نعانى من مشاكل كثيرة اجتماعيا واقتصاديا وتعليميا وصحيا وخدميا.

لدينا مشكلة كبرى فى الموارد اللازمة للانطلاق والرئيس السيسى يكرر دائما أننا بحاجة إلى أكثر من تريليون دولار لكى نحل مشاكلنا الأساسية.

لدينا مشكلة ضخمة جدا فى التعليم. آلاف الطلاب خصوصا فى الدبلومات الفنية، يتخرجون نظريا، ومعهم شهادة فنية، لكنهم لا يعرفون كتابة اسمهم باللغة العربية، ولا يملكون أى مهارة فنية. هناك محاولة للتطوير، لكن نتائجها تحتاج وقتا حتى نرى الثمار.

لدينا مشكلة فى المستشفيات الحكومية، التى تحتاج إلى موارد كثيرة للتطوير، ولدينا قانون التأمين الصحى الشامل، الذى سوف يستغرق ما بين ١٠ ــ ١٥ سنة ليتم تطبيقه فى كل الجمهورية بسبب قلة الموارد.

نجحنا فى تطوير شبكة الطرق والجسور، لكننا نحتاج لموارد وكفاءات لتطوير السكة الحديد.

لدينا تحدٍ كبير فى تأمين حصتنا من مياه النيل، لأنها مفتاح أساسى للحفاظ على حقنا فى الحياة والزراعة والتقدم، والأمل كبير أنه بعد الخط الأحمر الذى حدده الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ أيام، أن تعود إثيوبيا إلى رشدها، وتوقع معنا اتفاقا قانونيا ملزما.

لدينا مشاكل اجتماعية، وقيم سلبية كثيرة جاءت إلينا من مواقع التواصل الاجتماعى ومصادر أخرى مثيرة، صارت تؤثر على القيم المصرية الأصيلة.

لكن الشىء الإيجابى والمهم أن النجاح فى القناة وفى موكب ملوك الفراعنة، يعطينا أملا كبيرا بأننا نملك مفتايح حل هذه المشاكل، إذا تصرفنا بنفس الطريقة.

الغرق والاستغراق فى التفاؤل لا يقل خطرا عن الغرق فى التشاؤم.

الفرح مطلوب، لكن مهم جدا أن يكون مستندا إلى رؤية واقعية، وقراءة سليمة للأوضاع.

نعم أدرك أن هذا وقت للفرح والاحتفال، لكن بشرط ألا نعتقد أن كل مشاكلنا قد تم حلها. نحتاج موارد كثيرة جدا، حتى يمكننا التعامل مع الإهمال الشديد فى مرافق كثيرة تم إهمالها لسنوات.

نحتاج إلى رؤية نتيجة تطوير التعليم، لأنه المفتاح الأساسى لحل كل المشاكل، فهو يتعامل مع تأهيل وتطوير وتدريب البشر، الذين سيكونون وقتها قادرين على حل كل المشاكل.

صار لدينا وصفة النجاح، فهل نبدأ تطبيقها على كل ما نواجهه من مشاكل كثيرة؟!

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النجاح الباهر والواقع المؤلم النجاح الباهر والواقع المؤلم



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab