بايدن ومصالح بلاده العليا

بايدن ومصالح بلاده العليا

بايدن ومصالح بلاده العليا

 العرب اليوم -

بايدن ومصالح بلاده العليا

بقلم - عماد الدين حسين

حينما ضغط الصحفيون مرات ومرات على الرئيس الأمريكى جو بايدن قبل زيارته للسعودية، وأنه بذلك يتراجع عن كل وعوده وتعهداته بشأن حقوق الإنسان، فإنه أجاب إجابة نموذجية وهى أنه ذاهب من أجل المصالح الأمريكية العليا وتعزيزها.
بالطبع العديد من وسائل الإعلام خصوصا المحسوبة على الحزب الجمهورى وبالأخص اليمين الشعبوى المؤيد لدونالد ترامب، حاولت أكثر من مرة اصطياد بايدن وإحراجه واظهاره فى صورة الرئيس الذى نكث بكل وعوده، ووافق أن يجلس مع ولى العهد السعودى محمد بن سلمان رغم وعوده بأنه لن يفعل ذلك بعد مقتل الكاتب الصحفى جمال خاشقجى، بل وتعهد أن يجعل من السعودية دولة منبوذة.
شخصيا لا أؤيد كثيرا سياسة الإدارة الأمريكية الراهنة التى تتاجر بقضية حقوق الإنسان، وتستخدمها شماعة لتحقيق مصالحها، ترفعها ضد الأنظمة التى لا تعجبها وتنساها مع الأنظمة الحليفة، وهى نفس السياسة التى انتهجتها إدارة أوباما، والتى كان فيها بايدن نائبا للرئيس وتنتهجها أيضا بعض الدول الأوروبية ضد عدد من دول العالم.
لا يعنى كلامى السابق إنكار وجود انتهاكات للحريات ولحقوق الإنسان فى غالبية البلاد العربية ودول العالم الثالث، فهى ظاهرة وجلية، ولكن أتحدث فقط الآن عن عدم جدية الدول الغربية فى هذا الملف.
أعود مرة أخرى إلى ما بدأت به وهو أن بايدن كان واضحا وصريحا حينما قال إن هدف جولته هو تعزيز المصالح الأمريكية.
هو أدرك أن الموقف الذى اتخذه من محمد بن سلمان ومن بعض قادة المنطقة منذ انتخابه رئيسا فى نهاية عام ٢٠٢٠ سيكلف بلاده خسائر متنوعة فى ظل تداعيات الغزو الروسى لأوكرانيا والارتفاع القياسى فى أسعار الطاقة والعديد من السلع الأساسية المختلفة، وبالتالى تأليب المواطنين على حكوماتهم خصوصا فى الغرب، وبالأخص تهديد فرص الحزب الديمقراطى فى انتخابات الكونجرس النصفية فى نوفمبر المقبل.
وبالتالى فإن بايدن اتخذ القرار الذى يتوافق مع مصالح بلاده وليس مع قناعاته الشخصية.
الفارق بين الولايات المتحدة وأوروبا وبين بعض بلدان العالم الثالث أن هناك فى الغرب شعوبا وبرلمانات وإعلاما وصحافة حرة ورأيا عاما ضاغطا يسائل ويراقب هذه الحكومات ويعاقبها فى الاستحقاقات الانتخابية المختلفة بناء على أدائها على أرض الواقع.
كان بإمكان بايدن لو تصرف حسب قناعاته هو أو حسب ما قاله فى حملته الانتخابية ألا يأتى للمنطقة، لكنه ليس حرا فى ذلك، لأن هناك مؤسسات كثيرة فى بلده تشاركه صناعة القرار وتقترح عليه، وبالتالى فإن حصيلة مشاورات ومناقشات هذه المؤسسة انتهت إلى ضرورة أن يذهب بايدن إلى السعودية لإقناع قادتها بضرورة ضخ المزيد من النفط فى الأسواق العالمية حتى تنخفض الأسعار ويقل الضغط على جيوب المواطنين فى أمريكا وأوروبا إضافة لأسباب أخرى مختلفة تتعلق أيضا بمصالح الولايات المتحدة وليس بأهواء بايدن.
جاء بايدن وجلس مع محمد بن سلمان وناقش معه موضوع الطاقة وقضايا أخرى تهم بلاده، وحصل على بعض النتائج وربما أخفق فى قضايا أخرى.
لكن الفكرة الجوهرية التى أناقشها فى هذه السطور هى إن المشاعر والمواقف الشخصية رغم أهميتها ودورها إلا أنها يقل تأثيرها كثيرا حينما يتعلق الأمر بالمصالح العليا للدول التى توجد بها مؤسسات قوية وفاعلة تراقب السلطات التنفيذية.
تخيلوا لو كان الموقف معكوسا، أغلب الظن أن بعض مسئولى العالم الثالث، كان سيتصرف طبقا للمشاعر الشخصية، وليس المصالح الوطنية العليا.
أقول بعض المسئولين وليس كلهم، لأن هناك مسئولين فى العالم الثالث يتصرفون بمسئولية حتى فى ظل غياب الديمقراطية بالطريقة الغربية، ويتحملون ضغوطا كثيرة ويجلسون مع شخصيات ومسئولين لا يطيقونهم، ورغم ذلك يؤثرون مصلحة بلادهم على مشاعرهم الشخصية.
السياسة تعلمنا كل يوم دروسا مهمة، فليت أمتنا العربية تعمل وتعى وتتعلم من هذه الدروس لعلنا نضع أقدامنا على طريق التقدم والترقى.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بايدن ومصالح بلاده العليا بايدن ومصالح بلاده العليا



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 14:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
 العرب اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 07:30 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوق الأسهم السعودية تختتم الأسبوع بارتفاع قدره 25 نقطة

GMT 15:16 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

فليك يتوجه بطلب عاجل لإدارة برشلونة بسبب ليفاندوفسكي

GMT 16:08 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سحب دواء لعلاج ضغط الدم المرتفع من الصيدليات في مصر

GMT 15:21 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

لاعب برشلونة دي يونغ يُفكر في الانضمام للدوري الإنكليزي

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 14:05 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سيمون تتحدث عن علاقة مدحت صالح بشهرتها

GMT 15:51 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

غارة إسرائيلية على مستودعات ذخيرة في ريف دمشق الغربي

GMT 04:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب تشيلي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab