من يتقشف أولا الحكومة أم الشعب

من يتقشف أولا.. الحكومة أم الشعب؟!

من يتقشف أولا.. الحكومة أم الشعب؟!

 العرب اليوم -

من يتقشف أولا الحكومة أم الشعب

بقلم - عماد الدين حسين

يوم الأربعاء الماضى ٢٤ أغسطس كتبت مقالا فى هذا المكان بعنوان «منشفة مبللة بدلا من الاستحمام» لعرض ومناقشة اقتراح رئيس وزراء ولاية بادن فورتنبرج الألمانية وينفريد كريتشمان بضرورة تدفئة غرفة واحدة فى المنزل، والمسح بمنشفة مبللة بالماء بدلا من الاستحمام، وذلك لتوفير الطاقة التى ارتفعت أسعارها بصورة كبيرة نتيجة للغزو الروسى لأوكرانيا فى فبراير الماضى.
وقلت فى المقال: «إذا كانت ألمانيا صاحبة أقوى اقتصاد فى العالم بعد أمريكا والصين تتقشف، فما الذى يفترض أن تفعله دول أخرى اقتصادها ليس قويا مثلها؟»..
وسألت: «ماذا لو خرج مسئول مصرى أو عربى أو فى العالم الثالث وطالب مواطنيه باستخدام منشفة مبللة وعدم الاستحمام؟».
جاوبت على نفسى وقلت إن حملات من القلش والخفة والاستظراف والتريقة والتنكيت سوف تنطلق لأيام وأسابيع طويلة ضد هذا المسئول.
حينما قلت ذلك لم أكن أخمن أو أضرب الودع، أو أعلم الغيب حاشا لله، ولكن كنت أعرف الطريقة التى يفكر بها الكثير منا.
ولم يتأخر الرد، وبدلا من المناقشة الموضوعية لكيفية هل يمكن تطبيق ذلك عندنا أم لا، خرجت بعض التعليقات لتهاجمنى وتتهمنى بأننى أطالب المواطنين بالتقشف، ولا أتحدث عن الحكومة المبذرة وغير المتقشفة. وللأسف فإن هؤلاء المنتقدين نسوا أو تناسوا أننى ختمت مقالى بعبارة واضحة محددة لا مجال فيها للتأويل أو اللف والدوران تقول: «إن علينا حكومة ومواطنين أن نرشد استهلاكنا فى كل شىء من أول الطاقة إلى المياه مرورا بالسلع غير الضرورية، بشرط أن تكون الحكومة قدوة للشعب فى الترشيد، وإلا فإن فاقد الشىء لا يعطيه».
ما هو المطلوب من الكاتب أن يقول أكثر من هذا ليشرح فكرته ويحدد موقفه؟! هل مطلوب منه فقط أن يسب ويشتم ويهاجم وينتقد الحكومة فقط حتى يرتاح معارضوها.
كلامى كان واضحا وحاسما فى أن الحكومة هى التى يجب أن تكون القدوة والمثل وعليها أن تتقشف أولا، قبل أن تطالب المواطنين بالتقشف، وبالمناسبة فإن نفس المعنى قلته بوضوح أكثر من مرة آخرهما فى مقالين متتالين يومى السبت ١٣ أغسطس بعنوان: «نعم لترشيد الكهرباء.. لكن كيف سننفذه»، ثم مقال آخر يوم الأحد ١٤ أغسطس بعنوان: «من الذى سيطبق الترشيد». ومن يقرأ المقالين سوف يكتشف أننى أقول بوضوح إن دعوة رئيس الوزراء مصطفى مدبولى لترشيد استخدام الكهرباء جيدة جدا، لكن هل ناقشنا وبحثنا من الذى سيطبق هذا الترشيد، وهل لدينا كوادر ومسئولون يؤمنون فعلا بالترشيد، وهل جهازنا الإدارى مؤهل لتنفيذ ذلك خصوصا المحليات التى يضرب فيها الفساد والإهمال وسوء التدريب والتأهيل؟!
أحد المنتقدين يقول: «كيف تتحدث عن استخدام سيارة بالكهرباء بدلا من البنزين وغالبية الناس تصرخ من سعر تذكرة الأتوبيس».
أولا: لم أتحدث ولم أطلب إطلاقا من المصريين استخدام سيارات الكهرباء، لأننا لا نملك البنية التحتية الكافية لها فى مصر حتى الآن، بل ذكرت أن المسئول الألمانى يقول إنه يستخدم السيارة الكهربائية والطاقة الشمسية لأنها توفر لهم، والمعنى البسيط فى كلامى هو التوفير بأى طريقة متاحة، فإذا كانت سياراتنا تستخدم الغاز والبنزين والسولار، فعلينا أن نوفر فيهم.
مرة أخرى يجب أن تضرب الحكومة المثل للشعب فى الترشيد والتقشف، لكن الخطأ الجوهرى الذى يقع فيه معظمنا هو التفكير «بطريقة صفرية» أى إنه يقول إنه يرفض التفكير فى أى نوع من الإصلاح أو الترشيد، طالما أنه يرى وجود سياسات حكومية خاطئة أو غير رشيدة. فإذا فكّر مواطن بمثل هذه الطريقة وقرر أن يترك كل لمبات منزله مضاءة، وحنفيات المياه مفتوحة، فإنه هو الذى سيدفع الفاتورة الضخمة لذلك ومعه سيضر الاقتصاد القومى بأكمله.
هذا النوع من «التفكير الصفرى» لن يجعل السياسات الحكومية تتغير، بل سيضر أصحابه أولا. هو طبعا مريح لهم لأنه يعفيهم من أى مسئولية للإصلاح الشخصى، رغم أن هناك مقولة مهمة تقول إن كثرة عدد المواطنين الصالحين الذين يتصرفون بطريقة حكيمة ورشيدة ستقود، إن آجلا أو عاجلا، إلى حكومة رشيدة.
التريقة والسخرية والانتقاد غير الموضوعى أمور سهلة ومريحة لأصحابها، لكنها لن تحل شيئا، ولن تقود إلى أى تقدم، بل إغراق فى العدمية واللامسئولية والتخلف.
وحتى يكون كلامى واضحا مرة أخرى، فمن المهم أن تتقشف الحكومة أولا، لتكون قدوة للناس، وعلى الناس أن تتعلم الاقتصاد والترشيد، لأنها من سيدفع ثمن التبذير والسفه فى النهاية.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يتقشف أولا الحكومة أم الشعب من يتقشف أولا الحكومة أم الشعب



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 07:36 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد سعد يعلّق على لقائه بويل سميث وابنه
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلّق على لقائه بويل سميث وابنه

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:07 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

كاف يعلن موعد قرعة بطولة أمم أفريقيا للمحليين

GMT 19:03 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيروس جديد ينتشر في الصين وتحذيرات من حدوث جائحة أخرى

GMT 13:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

برشلونة يستهدف ضم سون نجم توتنهام بالمجان

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 08:18 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 09:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الصحة العالمية تؤكد أن 7 ٪ من سكان غزة شهداء ومصابين

GMT 08:54 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد هنيدي يكشف مصير مشاركته في رمضان

GMT 23:13 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 5.5 درجة على مقياس ريختر يضرب مدينة "ريز" في إيران
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab