بقلم:عماد الدين حسين
الجلسة المهمة لمجلس أمناء الحوار الوطنى يوم الأربعاء الماضى كان يفترض أن تنعقد فى الواحدة ظهرًا فى مقر الأكاديمية الوطنية للتدريب فى الشيخ زايد، لكنَّ المنسق العام للحوار الوطنى ضياء رشوان، اقترح تبكير الموعد ليكون فى الحادية عشرة صباحا؛ لأن التوصيات المرسلة من مقررى المحاور واللجان المختلفة كثيرة وضخمة.
تأخر الانعقاد قليلاً حتى اكتمل وصول أكثر من ثلثى أعضاء مجلس الأمناء. فى داخل القاعة الموجودة فى مبنى ٦، وبمجرد الجلوس، قام أعضاء الأمانة الفنية بتوزيع مجلد ضخم يصعب حمله، يتضمن مئات الصفحات وعنوانه «مسودات جلسات الحوار الوطنى».
ضياء رشوان تحدث قليلاً فى بداية الجلسة وكانت نبرته متفائلة بأن الأيام المقبلة سوف تشهد بداية الحصاد للجهد الكبير المبذول منذ انطلاق الحوار الوطنى كفكرة من الرئيس عبدالفتاح السيسى فى ٢٦ أبريل ٢٠٢٢، وحتى هذه الجلسة التى تعد رقم ٢٩ تقريبًا منذ انعقدت الجلسة الأولى فى الأسبوع الأول من يوليو من العام الماضى.
الجلسة كانت شديدة الثراء فى المناقشات والأفكار والآراء، وفى بعض اللحظات احتدت النقاشات وعلت الأصوات، لكنها كانت دائمًا تعود إلى الهدوء بعد أن يتفهم كل شخص حقيقة الأمور والمقاصد وتتضح له الصورة كاملة. وقد يأتى وقت قريب ومناسب لشرح طبيعة المناقشات المنفعلة حينًا والثرية والمهمة والعاقلة فى معظم الأحيان.
فى اللحظات الأولى من الانعقاد جرى التوافق على ثلاث توصيات أساسية تتعلق بقوانين البناء والرسوم الدراسية للمدارس الحكومية وديون الفلاحين؛ لإرسالها للرئيس عبدالفتاح السيسى، وهى توصيات كانت فى صلب نقاشات اللجان المختلفة. وفى حال إقرارها إن شاء الله ستكون رسالة مهمة للتخفيف عن بعض الشرائح الاجتماعية، وستثبت أن الحوار الوطنى لم يكن للنخبة فقط، كما زعم وتخيَّل كثيرون، ولكنه كان سببًا فى إسعاد كثيرين كانوا يسألون دائمًا: «وما الذى سوف يستفيده المواطن العادى من الحوار الوطنى؟!»، ووقتها سوف يدركون أنهم استفادوا إلى حد كبير.
بعد اعتماد هذه التوصيات الثلاثة الأساسية بدأت المناقشات التفصيلية للتوصيات الواردة من اللجان المختلفة.
نجاد البرعى شكر مجلس الأمناء على الدور الذى لعبه فى مناشدة الرئيس عبدالفتاح السيسى لإطلاق سراح باتريك زكى ومحمد الباقر.
والدكتور جودة عبدالخالق وزير التضامن الاجتماعى الأسبق اقترح تعديل المادة العاشرة من قانون منع الممارسات الاحتكارية لمزيد من تفعيل القانون والتى تنص على: «يجوز بقرار من مجلس الوزراء تحديد سعر بيع منتج أساسى أو أكثر لفترة زمنية محددة وذلك بعد أخذ رأى الجهاز».
بدأت النقاشات بلجنة المحليات وتم التصديق بالفعل على ما اقترحته اللجنة أو غالبية المشاركين فيها بإجراء الانتخابات المحلية بنظام ٧٥٪ قائمة مطلقة مغلقة و٢٥ قائمة نسبية منقوصة.
وحينما جاء الدور على لجنة مباشرة الحقوق السياسية كان هناك إجماع على ضرورة رفع القيم المالية فى الدعاية الانتخابية بسبب اتساع الدوائر الانتخابية، وتراجع قيمة الجنيه.
وكذلك توصية تشمل حق جميع المنافسين فى الحصول على تغطية عادلة فى الدعاية الانتخابية فى وسائل الإعلام العامة.
وكان هناك نقاش مهم عن ضرورة إدلاء الناخبين فى الخارج بأصواتهم عبر البريد أو إلكترونيًّا؛ لأن هناك دولا مثل أمريكا واسعة المساحة وقد لا يتمكن كثيرون من الذهاب للسفارة أو القنصليات، علما أن أعلى نسبة مشاركة انتخابية للمصريين بالخارج بلغت تقريبا ٣٥٠ ألف شخص من بين ٩ ملايين مصرى.
ولم يكن هناك أى معارض لأن تكون الأم هى الوصى على المال العام للأبناء بعد الجد فى حالة وفاة الزوج. ولم يكن هناك خلاف أيضًا فى ضرورة وجود إجراءات وتشريعات للحد من العنف الأسرى. وكان هناك توافق كبير فيما يتعلق بالتعاونيات ولم يكن هناك خلاف على إنشاء مفوضية التمييز، لكن كانت هناك ضوابط مهمة وضرورية مثل عدم تعارض هذه المفوضية وعملها مع الأمن القومى والنظام والآداب العامة.
أخيرًا وبعد نقاشات استمرت حوالى 11 ساعة تقريبًا فى أطول جلسة حتى الآن فإن الحوار الوطنى لم ينتهِ، ولا يزال مستمرًا فما تم إرساله للرئاسة ربما يساوى ثلثى اللجان، ولا تزال هناك لجان وموضوعات لم تحسم حتى الآن، وتحتاج جلسات عامة أو تخصصية حتى تصل إلى توصيات توافقية. وسيعلن عن مواعيد انعقادها مجلس الأمناء قريبًا.
جلسة مجلس الأمناء يوم الأربعاء الماضى، قد ندرك عما قريب أنها كانت شديدة الأهمية حينما نرى التوصيات وقد تم ترجمتها إلى إجراءات وقرارات تنفيذية أو قوانين تشريعية.