بقلم - عماد الدين حسين
صباح أمس الأحد بدأت الجلسات الفعلية للحوار الوطنى، بمناقشة النظام الانتخابى لمجلس النواب والقضاء على كافة أشكال التمييز، وتحدى التعاونيات ضمن المحور السياسى.
ومرة أخرى نسأل: ما الذى يريده المواطن العادى من الحوار الوطنى؟!
هذا سؤال يتكرر كثيرا، وشخصيا تعرضت لهذا السؤال عشرات المرات فى مقابلات صحفية وتليفزيونية مختلفة منذ أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى الدعوة للحوار الوطنى فى ٢٦ أبريل ٢٠٢٢، وحتى الجلسة الافتتاحية للحوار فى ٣ مايو الماضى.
السؤال فيه مغالطة إلى حد ما لأنه يفترض أن هناك مواطنا عاديا ومواطنا غير عادى أو «لوكس» وحتى لو افترضنا ذلك، فما يريده معظم المواطنين متشابه إلى حد كبير.
مبعث السؤال أنه يفترض أن المواطن العادى لن يستفيد من هذا الحوار، ولذلك يتم طرح السؤال فى معظم الأحيان بصورة استنكارية وليست صيغة استفهامية.
هناك نظرة شائعة تفترض أن المواطن العادى ليس له صلة بكل القضايا السياسية أو النخبوية، رغم أنه يدفع الثمن سلبا أو إيجابا فى كل الأحوال.
وفى التفاصيل فإن المواطن العادى سيستفيد كثيرا إذا نجح الحوار الوطنى، وسيخسر كثيرا أيضا إذا أخفق الحوار لا قدر الله.
يعتقد البعض أن المواطن العادى لا صلة له من قريب أو بعيد بالقضايا التى يناقشها الحوار الوطنى، وعددها ١١٣ قضية موزعة على ١٩ لجنة و٣ محاور، خصوصا قضايا المحور السياسى والاجتماعى.
ويسأل البعض ساخرا، وما الذى سوف يستفيده المواطن العادى من قوانين الانتخاب ومباشرة الحقوق السياسية أو الحريات وحقوق الإنسان والمجتمع المدنى والأهلى.
الإجابة ببساطة أن وجود قوانين انتخاب طبيعية وعادلة ستقود حتما إلى انتخاب برلمان معبر عن أغلبية الناس، وبالتالى سيفيد ذلك المواطن العادى لأن هذا النائب وذاك البرلمان سيتبنوا قضاياه وهمومه ومشاكله.
دعم الأحزاب وتقوية دورها، سيفيد المواطن العادى لأنه سيجعلها تدافع عن كل ما يهم هذا المواطن. أما ضمان الحريات وحقوق الإنسان فهو أمر مفيد للجميع ولا يحتاج الأمر لمزيد من الشرح والإيضاح.
سؤال آخر: هل موضوع مثل العدالة الاجتماعية المطروح على جدول أعمال جلسات الحوار يهم المواطن العادى أم لا؟.
أظن أن الإجابة لا تحتاج لتوضيح، لأن هذه القضية تهم غالبية المصريين، خصوصا الذين أضيروا من السياسات الاقتصادية.
فى المحور الاجتماعى: هل التماسك الأسرى يهم المواطن العادى وغير العادى أم لا؟! أظن أنها قضية غاية فى الأهمية لجميع المصريين وأولهم المواطن العادى فتفكك الأسرة المصرية إذا حدث لا قدر الله، سيصيب الجميع وبغض النظر عن تصنيف الناس إلى عاديين أم فاخرين!
وفى نفس المحور الاجتماعى هناك قضية الوصاية على المال والمواريث، والسؤال: أليس هذا موضوعا يهم العديد من الناس للدرجة التى صارت الدراما تخصص له مسلسلا فى رمضان؟!
أليست كل قضايا الأسرة تهم الجميع على الإطلاق؟!
أليست القضية السكانية مهمة للمواطن العادى؟!.
إذا كان عدد السكان قليلا فالخدمات المقدمة للمواطن العادى ستكون كثيرة، والعكس صحيح، فى حين أن الزيادة السكانية مع انخفاض معدلات النمو الاقتصادى ستجعل المواطن العادى والمجتمع بأكمله يدفع الثمن مضاعفا.
أما المحور الاقتصادى فأظن أنه بالتعريف الكلاسيكى يهم الجميع وفى مقدمتهم المواطن العادى إذا صحّ هذا المصطلح.
وأظن أن الجميع يسأل، وما الذى سيفعله الحوار الوطنى فى القضايا والمشاكل والتحديات الاقتصادية؟!.
والرد ببساطة أن الموضوعات المدرجة على لجان المحور الاقتصادى تهم الجميع هذه الأيام. فهناك مثلا قضية التضخم ورفع الأسعار وقضية الديون، ودعم الزراعة والصناعة والسياحة. وكلها كما نرى قضايا غاية فى الحيوية والأهمية والوصول إلى أى حلول عملية فى كل هذه القضايا سيصب فى صالح جميع المواطنين سواء كانوا نخبة أو مواطنين فى حالهم، وليس لهم أى دخل بالحياة السياسية.أو فى أقل القليل وحتى إذا لم يتم الوصول لحلول سريعة فالمؤمل الوصول لتوافقات تضعنا على خريطة طريق واضحة للمستقبل اقتصاديا.
إذن أتصور أن المطلوب منا جميعا خصوصا وسائل الإعلام أن نصل للناس ونقول لهم إن نجاح الحوار الوطنى سيصب فى صالح الجميع وأولهم المواطن العادى.