الدول الهشة الفاشلة

الدول الهشة الفاشلة

الدول الهشة الفاشلة

 العرب اليوم -

الدول الهشة الفاشلة

بقلم - عماد الدين حسين

للأسف الشديد فإن الملاحظة الأساسية للتطورات التى تشهدها المنطقة خصوصا منذ عام ٢٠١١ تقول ضمن وقائع كثيرة إن الدولة الوطنية المستقرة تواجه تحديات ضخمة، بل إن هناك عديدا من الدول صارت شديدة الهشاشة وفاشلة، وإن بعضها ليس لديه المقومات الكافية للاستمرار كدولة مستقرة يمكنها احتواء كل مكوناتها.

وربما تكون واحدة من المميزات التى تملكها مصر ودول قليلة فى المنطقة أنها دولة وطنية قومية مستقرة ومتجانسة ومرت عليها احتلالات وغزوات وهجمات ومؤامرات وكوارث، لكنها جميعا لم تؤثر على تماسكها واستقرار حدودها.

فى مصر يصعب أن تميز بين سكانها على أساس دينهم أو لونهم أو عرقهم، فى عمارة واحدة يعيش المسلم والمسيحى والعربى والنوبى والصعيدى والبحراوى والسيناوى والواحاتى. الصفة الأساسية التى تجمعهم أنهم مصريون وفقط.

هذا التجانس غير موجود فى بعض بلدان المنطقة، وربما هو أحد الأسباب الأساسية التى تجعلها هشة وفاشلة وغير مستقرة وعرضة لصراعات وحروب أهلية وعرقية ودينية وطائفية.

بعض دول المنطقة لم تكن موجودة حتى عقود قليلة مضت، وبعضها نشأت بسبب صراعات استعمارية. لكن وللموضوعية فإن هناك دولا حديثة نجت من هذا المصير وتمكنت من صهر شعبها فى بوتقة واحدة، وحافظت على تماسكها رغم كل العواصف والأعاصير.

فى منطقة الشرق الأوسط، بل فى عدد كبير من بلدان القارة الأفريقية هناك نماذج متعددة لدول هشة وغير مستقرة وتشهد صراعات دامية بين فترة وأخرى.

ومن يتأمل خريطة هذه المناطق سوف يكتشف العجب العجاب.

هناك دول فى أفريقيا ماتزال قائمة على النظام القبلى، وحدودها تتغير بتغير مواسم سقوط الأمطار ومراعى الماشية، ولا تعرف نظام الدولة الحديثة حتى الآن. بعضها لديه دساتير وقوانين وحكومة وبرلمان ومؤسسات، لكن حينما تحتدم الصراعات يتم الاحتكام فقط إلى الأصول القبلية والعشائرية والمناطقية والطائفية.

هناك دول أخرى مايزال الولاء الدينى أو الطائفى هو الأساس، وتحركات وتنقلات الناس فيها تعتمد على اسماء المواطنين، ومن يحمل اسما معينا قد لا يتمكن من المرور فى منطقة أخرى لأنه سوف يصنف باعتباره ينتمى للآخر المختلف عنه!

هناك دول ثالثة لم تكن موجودة بشكلها الحالى على الخريطة، وتشكلت من فسيفساء عرقية وطائفية ولغوية وفئوية حسب أمزجة المستعمرين السابقين خصوصا اتفاقيات سايكس بيكو التى أعقبت الحرب العالمية الأولى «١٩١٤ ــ ١٩١٨». وربما هذا العامل هو الذى يفسر لنا سر الصراعات الطائفية والعرقية فى هذه المناطق على سبيل المثال.

وهناك دول مقسمة على أساس مناطقى جهوى، ونسمع عن حرب وصراع أقاليم وضرورة توزيع المناصب والثروات على أساس الإقليم، وليس على أساس الكفاءة والجدارة والعدالة.

وهناك دول مقسمة على أساس طائفى، لكل طائفة منصب أساسى وحصص من المناصب الكبرى الأخرى، وهذا الأمر لا يتم وفقا للأعراف، لكنه موجود فى دساتير وقوانين هذه البلدان، بل إن لكل جماعة أو طائفة أصغر داخل الطوائف حصة معينة من المقاعد النيابية أو الوزارية أو التنفيذية. ورأينا صراعات دموية داخل العديد من الدول المشار إليها. وبعضها ما يزال محتدما حتى هذه اللحظة، وحتى حينما يهدأ فإنه يثور عند أول مشكلة حتى لو كانت صغيرة.

وبالطبع فإن مشكلة هذه النماذج السابقة أنها لم تتمكن من صهر كل المكونات والعناصر الموجودة بها فى دولة مركزية ديمقراطية حقيقية قائمة على أساس سيادة القانون والمساواة بين جميع أفراد الشعب على أسس واضحة ومعلنة وأهمها دولة المواطنة التى تساوى بين الجميع على أساس المواطنة، وليس على الأسس الواهية الأخرى. من أجل كل ذلك فإن المقومات الأساسية لوجود الدولة القوية غير موجودة فى بعض بلدان العالم الثالث وبسبب ذلك نرى العديد من المشاكل والصراعات الإثنية والأهلية والطائفية والمناطقية والفئوية، وقد رأينا بعض القوميات تقوم بحرب إبادة ضد قوميات أخرى تعيش معها فى نفس البلد، بل فى نفس القرى والمدن.

الهوية غير مستقرة فى هذه المناطق وأسباب الحروب والصراعات موجودة دائما علنا أو تحت الرماد، وبالتالى فان الخبر السيئ أن عددا كبيرا من دول المنطقة والقارة الأفريقية سوف يظل يعانى، إلى أن تتغير هذه العوامل ويتقدم التعليم ويسود القانون وبعدها سيتوقف الفقر والتخلف الجهل والاستبداد. فى مثل هذا المناخ فإن المستبدين وتجار الحروب وقادة الميليشيات وأعداء البلد الفعليين هم الرابحون فقط فى حين أن الخاسر الأول والأخير هو الشعوب المغلوبة على أمرها.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدول الهشة الفاشلة الدول الهشة الفاشلة



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 العرب اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 10:42 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يتحدث عن إمكانية تقديمه أغاني خليجية

GMT 23:27 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab