بقلم - عماد الدين حسين
لكى تضمن الحكومة نجاح قراراتها المهمة مساء الأربعاء قبل الماضى، بأكبر حزمة حماية اجتماعية، عليها أن تكمل دورها وتقضى على تجار الأزمات من مضاربين ومحتكرين ومستفيدين من الأزمة الاقتصادية الأخيرة.
الحكومة مشكورة أعلنت الأربعاء الماضى عن توجهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، برفع الحد الأدنى للأجور إلى ٦ آلاف جنيه وعلاوات لبقية العاملين فى مختلف الدرجات الوظيفية وزيادات فى مرتبات المعلمين والأطباء والممرضين وأساتذة الجامعات، إضافة لأصحاب المعاشات والمستفيدين من معاش تكافل وكرامة.
الخشية الكبرى أن يواصل تجار الأزمات إجرامهم بحيث يفرغون هذه القرارات من مضمونها الاجتماعى والإنسانى المهم.
وحتى يكون الكلام واضحا فإنه ينبغى التفريق بين تجار شرفاء يتضررون من الأزمة الاقتصادية مثل بقية فئات الشعب وبين مستغلين وتجار للأزمات.
وفى التفصيل فإن المستثمر والمصنع الذى يسعى للحصول على العملات الصعبة لكى يستورد مستلزمات الإنتاج الأساسية لتشغيل مصانعه وشركاته، لا يمكن أن تقارنه بتجار العملات الذين يضاربون على سعر الدولار، ويلعبون دورا خطيرا فى ضرب الجنيه المصرى، طمعا فى تحقيق أرباح خيالية، لم يكن يتصورها أحد لدرجة دفعت كثيرين للتفكير فى تجارة العملة الحرام!!
قلت على الهواء مباشرة فى قناة «إكسترا نيوز» إن تاجر العملة أو المحتكر أو المضارب الذى يستغل معاناة الناس ويحجز السلع ويعطش السوق أخطر على المجتمع من الإرهابى، لأن الأخير يعلن ليل نهار أنه يعادى المجتمع بأكمله فى حين أن المحتكر والمضارب والمرتشى يكررون عبارات جوفاء عن حب مصر ليل نهار بلا مضمون فى حين أنهم يدمرون الاقتصاد الوطنى.
أدرك تماما أيضا أن جذر المشكلة هو الأزمة الاقتصادية والسياسات والتطورات التى قادت إليها سواء كانت داخلية أو خارجية، وأعرف أن حلها الأساسى يتمثل فى زيادة الإنتاج والصادرات ولن يتأتى ذلك إلا بدعم الصناعة والزراعة وكافة ما يمكنه توفير العملات الصعبة. لكن المضاربين والمحتكريم والفاسدين يزيدون من عمق الأزمة، ويحققون أرباحا طائلة محرمة على حساب عشرات الملايين من الكادحين والمحرومين وذوى الدخل المحدود.
أظن بل أوقن أنه حينما يتم مطاردة المحتكرين والمضاربين والفاسدين فإن ذلك سوف يبعث برسالة مهمة لعموم الناس أنه لا أحد فوق القانون وأن الجميع سواسية، وأن من يجرؤ على المساس بأقوات الشعب سوف يواجه عقابا رادعا، لو حدث ذلك فإن المواطن الذى يعانى من آثار الأزمة الاقتصادية سوف يقتنع أن الحكومة تبذل قصارى جهدها من أجل حل الأزمة. فى حين أن عدم الوصول لهذه الفئات الضالة ومعاقبتها لأى سبب من الأسباب سوف يعمق من غضب الناس، واعتقادهم أن الحكومة بمفردها هى المسئولة عن الأزمة، رغم كل المسببات الخارجية المعروفة للجميع.
رأينا أنه حينما طاردت الأجهزة المختصة تجارة العملة المحرمة، فى الأيام الأخيرة، فإن ذلك قاد ــ ضمن أسباب أخرى ــ إلى تراجع ملحوظ فى سعر الدولار فى السوق الموازية، حتى لو كان ذلك بصورة مؤقتة. وبالتالى علينا أن نتصور حجم الفوائد العديدة التى ستعود على المجتمع من أجل الضرب بيد من حديد على رءوس كل المضاربين شرط أن يستمر ذلك طوال الوقت بالتوازى مع حل الأزمة الاقتصادية والقضاء على مسبباتها الأصلية وليست الفرعية.
من المهم أن ندرك أن جوهر الأزمة هو نقص العملات الصعبة الناتج عن زيادة الاستيراد على حساب الصادرات والاستهلاك على حساب الإنتاج، أما الفرع فهو الاحتكار والمضاربة والفساد.
قلت كثيرا وأكرر أنه حتى لو وصل الأمر إلى تطبيق قوانين الطوارئ والإرهاب على هؤلاء المضاربين والمحتكرين، فلا مانع طالما أنه فى إطار القانون، ويهدف لحماية المجتمع من شرور هذه الفئات التى عاثت فسادا فى المجتمع خلال الفترات الأخيرة.