بقلم - عماد الدين حسين
أعرف أن خبر الساعة وكل ساعة قادمة هو العدوان الوحشى الهمجى الإسرائيلى على المدنيين فى قطاع غزة منذ أسبوع كامل والمحاولات الإسرائيلية ليس فقط للقضاء على المقاومة، ولكن لمحو القطاع من الوجود حتى تستريح إسرائيل نهائيا من صداع غزة المستمر منذ عام ١٩٤٨وتصفية القضية وترحيلها إلى مصر لتصبح أزمة مستمرة لعقود.
لكن السؤال عن الزلزال الذى أحدثته المقاومة صباح السبت قبل الماضى السابع من أكتوبر لايزال مهما، ولم يأخذ حقه من العرض والنقاش والتحليل بفعل العدوان الإسرائيلى المدمر وواسع النطاق.
مساء الجمعة الماضية قابلت ــ ضمن مجموعة محدودة من الكتاب والاعلاميين ــ مصدرا فلسطينيا مهما وواسع الاطلاع ومتواصلا مع أطراف عدة فى غزة والضفة والمنطقة.
هو يقول بوضوح إن ما نفذته المقاومة صبيحة السابع من أكتوبر الماضى أشبه بالمعجزة، لأن المقاومة خدعت وهزمت الجيش الإسرائيلى بأكمله، الذى يقول عن نفسه إنه الأفضل والأقوى إقليميا.
فى تقديره فإن هناك ١٢٠٠ مقاوم فلسطينى نفذوا العملية التى انطلقت فى السادسة والثلث من صباح السبت واستمرت ست ساعات كاملة، دون أن ينتبه الجيش الإسرائيلى.
هى أخطر عملية خداع وتمويه تعرض لها الإسرائيليون حتى بالمقارنة مع نصر أكتوبر ١٩٧٣ الذى نفذه جيشان عربيان كبيران هما مصر وسوريا.
فى تفسير هذا المسئول لنجاح العملية المذهل أنها كانت سرية بالفعل، ولم يعلم بها إلا ثلاثة مسئولين من المقاومة على أقصى تقدير ليس من بينهم قيادة الحركة فى الخارج، ولم تعلم بها أى دولة أو جهة أخرى، لأنه لو تسرب الأمر لأى جهة فسيصل بصورة أو بأخرى لإسرائيل فورا.
الذى حدث أن حماس أبلغت كل الأطراف ذات الصلة أنه إذا لم يحدث تحرك لحل سلمى وتخفيف للحصار ووقف انتهاكات المسجد الأقصى فإن الأوضاع سوف تنفجر، وهذا الأمر قالوه أكثر من مرة علنا وسرا للعديد من الأطراف وهو كلام سياسى عام وليس معلومة عسكرية محددة.
يقول المصدر إن حماس والمقاومة كانوا يتدربون طوال عام ونصف على هذه العملية، وبعض الكوادر قد يكونون تلقوا تدريبا فى إيران ونقلوه للمقاتلين فى الداخل. وفى الأيام الأخيرة قبل التنفيذ لم يكن مسموحا لأحد منهم باستخدام الهواتف وكانت معهم هناك أجهزة اتصالات خاصة غير قابلة للتعقب حصلت عليها الحركة من دولة كبرى ليست عربية.
الإسرائيليون لم تصلهم معلومات مؤكدة عن العملية، بل معلومات متناثرة وطبقا للبروتوكول الخاص بأجهزة استخباراتهم فإنه لا يمكن إطلاع رئيس الوزراء الإسرائيلى على معلومات بهذا الشكل إلا إذا كانت مؤكدة من ٣ مصادر موثوقة وموثقة إلكترونيا أى عبر التصنت الإلكترونى، وهو الأمر الذى لم يحدث فى العملية الأخيرة.
المصدر الفلسطينى يقول إن جهاز الأمن الإسرائيلى المؤكد أنه قوى ومتميز مقارنة بأجهزة الأمن فى المنطقة. لكن الأكثر تأكيدا أنه ليس بالأسطورة والقوة التى يشيعها عن نفسه، ونقطة الضعف الكبرى لديه أنه يعتمد اعتمادا كبيرا على المصادر الإلكترونية، ورغم أهميتها فإنه يمكن تعطيلها أو خداعها فى حين أن المصادر البشرية من الواضح أنها تعرضت للتآكل فى غزة.
ويلفت المصدر النظر إلى وجود عدد كبير جدا من الشباب الفلسطينى المدرب جيدا على أجهزة الكمبيوتر والاختراق، ويقول إن محمد الضيف القائد العسكرى لكتائب عز الدين القسام شخص زاهد تماما فى الدنيا وشديد التدين، ودرب نفسه مرارا وتكرارا على الاستغناء عن كل شىء إلا المقاومة، لدرجة أنه كان ينام فى مكان لا يزيد على مساحة جسده لأيام طويلة، لا يغادره إلا لتناول الأكل القليل أو قضاء الحاجة، وإن إسرائيل حاولت اغتياله أكثر من خمس مرات وفشلت، لكنها اغتالت العديد من أفراد أسرته وعائلته.
فى تقدير هذا المسئول أن الانقسامات فى المجتمع الإسرائيلى خصوصا بعد المظاهرات الضخمة احتجاجا على تعديلات قانون السلطة القضائية قد سهلت تنفيذ عملية المقاومة، لأن المجتمع الإسرائيلى كان قد وصل لنقطة ضعف غير مسبوقة.
وفى تقديره أيضا فإنه وبعد أن تتوقف المعركة فى غزة فإن عددا كبيرا من كبار القادة فى إسرائيل سيدفعون ثمنا فادحا قد يصل إلى حد السجن خصوصا بنيامين نتنياهو وربما كبار قادة الأجهزة الأمنية خصوصا المخابرات الحربية «أمان» صاحبة اليد الطولى فى حكم إسرائيل، الذى يبدو ديمقراطيا فى الظاهر لكن الدولة العميقة هى التى تدير هذا الكيان خصوصا من كبار قادة الجيش المتقاعدين. وكل ما سبق حسب رؤية المصدر الفلسطينى.