بقلم - عماد الدين حسين
«فى حربنا مع حماس سوف نغير شكل الشرق الأوسط.. وما سنفعله سوف يظل سكان غزة يتذكرونه لمدة خمسين عاما قادمة».
هذه هى الكلمات التى قالها بنيامين نتنياهو ئيس الوزراء الإسرائيلى عقب الزلزال الذى أحدثته عملية «طوفان الأقصى» البطولية التى أطلقتها المقاومة الفلسطينية يوم السبت الماضى.
هل كلمات نتنياهو مجرد تهديدات متكررة شديدة التطرف كى يرضى الإسرائيليين الذين تلقوا أسوأ صدمة فى حياتهم منذ ٦ أكتوبر ١٩٧٣، أم أنه جاد فى تهديداته لمحاولة ترميم منظومة الردع الإسرائيلى التى تعرضت لأخطر ضربة منذ خمسين عاما.
ما تفعله إسرائيل الآن فى قطاع غزة هو جرائم حرب فاضحة ومحمية ومؤيدة من قبل الولايات المتحدة ووصلت إلى حد إزالة ومحو أحياء كاملة كما حدث فى حى الرمال بالقطاع.
إسرائيل ومنذ يوم السبت الماضى تنفذ عملية تدمير ممنهج لبيوت ومساكن ومنشآت الفلسطينيين وتطالبهم بإخلائها، وما تفعله إسرائيل هو جرائم حرب سافرة، وللأسف فإن ذلك يتم بدعم ورعاية وتشجيع العديد من الدول الغربية التى صدعت رءوسنا ولا تزال بأسطوانات حقوق الإنسان.
هناك مؤشرات ودلائل كثيرة علي أن إسرائيل تريد إحداث تغيير ديموغرافى كبير يتمثل فى شن عدوان غير مسبوق وهدم أكبر عدد من المنازل والمنشآت بما فيها المدارس والمستشفيات فى غزة، وبالتالى دفع هؤلاء السكان للهرب إلى أقرب مكان وهو سيناء، وبالتالى خلق واقع جديد يتمثل فى إقامة كيان فلسطينى بديل يقدم له الغرب وبعض الدول العربية أكبر دعم ممكن فى البداية بحيث تنتهى القضية الفلسطينية تماما؟!
هل هذا الطرح خيالى ومبالغ فيه وينبع من نظرية المؤامرة؟
هذا ما كان يعتقده البعض قبل حدوث عملية «طوافان الأقصى»، لكن وبعد تهديدات نتنياهو ثم عملية الهدم المنظم وواسع النطاق لعمارات ومزارع غزة ودعوة السكان إلى ترك بيوتهم، فلم يعد الأمر مقصورًا على المؤامرة، بل خلق واقع يقود إلى تنفيذها خصوصا دعوات مصادر اسرائيلية متعددة لاجبار او اقناع الفلسطينين بالفرار الي مصر.
هذا الأمر هو الذى دفع المصادر المصرية رفيعة المستوى، أن تحذر فى تصريح خاص لقناة «القاهرة الإخبارية» «من دفع الفلسطينيين العزل تجاه الحدود المصرية وتغذية بعض الأطراف لدعوات بالنزوح الجماعى، مؤكدة أن مصر كثفت اتصالاتها مع كل الأطراف المعنية لوقف التصعيد وحقنا لدماء الشعب الفلسطينى، مؤكدة على خطورة دعوات النزوح الجماعى لأنها ستؤدى إلى تفريغ القطاع من سكانه وتصفية القضية الفلسطينية، وشدد المصدر على أن السيادة المصرية ليست مستباحة محملا سلطة الاحتلال الاسرائيلى مسئولية وضرورة توفير ممرات إنسانية لنجدة الشعب الفلسطينى فى غزة».
هذه هى الكلمات المهمة التى نقلتها «القاهرة الإخبارية» مساء الإثنين الماضى.
وأظن أن هذا التطور هو أخطر ما صدر منذ بداية عملية «طوفان غزة» وعلى الجميع الاهتمام بالأمر حتى يمكن إحباط أى مخططات محتملة فى هذا الصدد.
بالطبع كان الله فى عون الشعب الفلسطينى الذى يتحمل الجزء الأكبر من المعاناة والتضييق والحصار والاحتلال منذ ١٩٤٨، ويكاد الآن يقف وحيدا امام آلة حرب باطشة لا تعرف للإنسانية معنى. لكن ووسط هذه المأساة الجارية، فمن المهم أن ينتبه الجميع فى غزة وكل فلسطين إلى أن إسرائيل ستسعى بكل الطرق لمحاولة تكرار ما حدث بعد نكبة ١٩٤٨، حينما ارتكبت العديد من المجازر والمذابح مثل دير ياسين التى دفعت بعض السكان المنكوبين للخروج إلى العديد من المنافى خصوصا الأردن ولبنان ومصر، مما مكن الاحتلال من تهويد بعض المدن وتسبب فى مشاكل لم تنته حتى الآن للاجئين خصوصا فى الأردن ولبنان.
مصر تقف وتدعم الشعب الفلسطيني منذ عام 1948وحتي الان وستظل تدعمه حتي ينال حريته ومستشفياتها ومساعداتها الانسانية مستمرة وسوف تستمر.
قلوبنا مع الشعب الفلسطينى الصامد ونتمنى له الثبات والنصر ضد احتلال غاشم لا يفهم إلا لغة القوة، وقد ذاق بعض صنوفها يوم السبت الماضى.
أيها الأشقاء الفلسطينيون ..اصبروا وقاوموا ولا تتركوا ارضكم وبيوتكم والنصر حليفكم إن شاء الله حتى تستردوا أرضكم وحريتكم.