التقييم الموضوعي لحكم محكمة العدل الدولية

التقييم الموضوعي لحكم محكمة العدل الدولية

التقييم الموضوعي لحكم محكمة العدل الدولية

 العرب اليوم -

التقييم الموضوعي لحكم محكمة العدل الدولية

بقلم - عماد الدين حسين

هل نفرح أم نحزن كعرب بحكم محكمة العدل الدولية، الذى صدر بشأن العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة ظهر يوم الجمعة الماضى؟
غالبية الذين يفهمون فى القانون الدولى، ولديهم فهم وإدراك للحقائق السياسية الإقليمية والدولية، ومجريات الصراع العربى الإسرائيلى، رحبوا بالحكم.
ولذلك يبدو غريبا أن تظهر بعض التعليقات والكتابات والآراء العربية والفلسطينية التى تقلل من أثر هذا الحكم المهم جدا، وتعتبره بلا قيمة ومجاملة لإسرائيل واستجابة لضغوط أمريكا والغرب.
هذا الفهم الذى يتعامل مع كل القضايا بمنطق «الأبيض والأسود» وليس بمنطق النضال المتدرج، لا يمكن أن يحقق أى نفع للقضية الفلسطينية أو أى قضية عربية.
هؤلاء «المزايدون والحنجوريون» يتغافلون عن حقيقة مهمة جدا، وهى أن حكومة جنوب إفريقيا التى قدمت الدعوى ضد إسرائيل فى محكمة العدل الدولية، قالت إنها راضية إلى حد كبير عن الحكم، رغم بعض الشعور بخيبة الأمل نتيجة عدم النص الواضح على وقف إطلاق النار. والأكثر أهمية أن حركة حماس وهى العمود الأساسى فى المقاومة ضد إسرائيل الآن رحبت بالحكم وكذلك السلطة الفلسطينية فى رام الله.
وعربيا كان واضحا أن مصر وهى الداعم الأكبر للقضية الفلسطينية منذ عام ١٩٤٨، رحبت بالحكم، رغم أنها كانت تتطلع إلى المطالبة بالوقف الفورى لإطلاق النار، وشددت على ضرورة احترام وتنفيذ قرارات المحكمة والتنفيذ الفورى لها. وكان ملفتا أيضا للنظر أن الاتحاد الأوروبى رحب بالقرارات وطالب إسرائيل بالتنفيذ الفورى لها. ثم إن غالبية الدول العربية والإسلامية وكل الدول الداعمة للشعب الفلسطينى رحبت بالقرارات، وطالبت بتنفيذها.
الذين لم يعجبهم حكم المحكمة من العرب لم ينظروا إلى حالة الهلع والخوف والغضب التى انتابت غالبية الإسرائيليين بعد صدورالحكم.
نعم بعض الإسرائيليين يرون أن المحكمة لم تطالبهم بوقف إطلاق النار فورا، لكن بعض العرب والغاضبين من الحكم لم ينتبهوا إلى أن بنيامين نتنياهو اعتبر أن مجرد اتهام إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية هو «وصمة عار سوف تستمر لأجيال». والوزير الصهيونى المتطرف إيتمار بن غفير اعتبر ما حدث فى لاهاى معاداة للسامية واضطهاد للشعب اليهودى!!، أما زميله الأكثر تطرفا بتسلئيل سموتريتش فقد هاجم المحكمة وقال إن على قضاتها القلقين على حياة الفلسطينيين أن يستقبلوهم فى بلدانهم» وهو لم يلاحظ أن تعليقه ينطوى على جريمة إبادة جماعية بإصراره على طرد الفلسطينيين من أرضهم.
على المتطرفين العرب أن يقرأوا حكم محكمة العدل الدولية فى سياقه الصحيح. معظم الغرب منحاز تاريخيا مع إسرائيل، والعرب فى أسوأ أحوالهم فى كل المجالات تقريبا. وإسرائيل تعربد بلا رادع فى المنطقة وتكاد تدمر غزة على سكانها.
ورغم ذلك فإن محكمة العدل الدولية أصدرت بأغلبية ١٥ صوتا ضد اثنين فقط ستة أوامر وقتية بمنع الإبادة أو التحريض عليها وتوفير المساعدات والخدمات الإنسانية للفلسطينيين ومنع تهجير الفلسطينيين، وأن تقدم تقريرا خلال شهر واحد للمحكمة عما تم تنفيذه على أرض الواقع.
صحيح أنه لم يصدر قرار فورى بوقف النار، لكن مجمل القرارات شديدة الإيجابية فى ظل الظروف الدولية والاقليمية الراهنة. الأحكام عرت وفضحت الإجرام الإسرائيلى وحشرته فى ركن ضيق، ولم يدافع عن إسرائيل ــ كما هو معتاد ــ إلا الولايات المتحدة التى قالت إنها يحق لها الدفاع عن النفس وضمان عدم تكرار ما حدث فى ٧ أكتوبر الماضى وإنها لم تلحظ أى جرائم إبادة جماعية!!
المطلوب من الفلسطينيين وكل من يساندهم عربيا وعالميا الاستفادة من النقاط الإيجابية الكثيرة التى وردت فى حكم محكمة العدل الدولية، والبناء عليه لأن الصراعات الكبرى مثل الصراع العربى الإسرائيلى لا تحسم مرة واحدة، سواء بحكم واحد، أو حتى معركة وحرب واحدة، والدليل أنه صراع مستمر منذ عام ١٩٤٨، والأصح قبل ذلك بعقود منذ المؤتمر الصهيونى الأول فى بازل بسويسرا من 27 إلى 30 أغسطس عام ١٨٩٧.
مرة أخرى الصراع طويل ومعقد ويحسم عبر تراكم طويل ومستمر وفى جهات ومجالات متعددة فى القوة المادية والعسكرية والثقافية والاقتصادية.
لو كنا كعرب أقوياء عسكريا، لكنا حسمنا المعركة منذ عام ١٩٤٨، لكن وبما أننا لسنا كذلك معظم الوقت، فليس علينا سوى الاستمرار فى النضال بكل أشكاله الشرعية طبقا للقانون الدولى.

 

arabstoday

GMT 10:30 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 10:27 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 10:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 10:16 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 10:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 10:12 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التقييم الموضوعي لحكم محكمة العدل الدولية التقييم الموضوعي لحكم محكمة العدل الدولية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab