بقلم - عماد الدين حسين
صباح الثلاثاء الماضى «٢ أبريل» أدى الرئيس عبدالفتاح السيسى اليمين الدستورية رئيسا للبلاد لفترة رئاسية جديدة تنتهى عام ٢٠٣٠.
بعد أداء اليمين ــ والذى تم فى مقر مجلس النواب الذى انعقد للمرة الأولى فى مقره الجديد بالعاصمة الإدارية ــ تحدث السيسى إلى الشعب فى كلمة مكتوبة اشتملت على مقدمة شكر فيها الرئيس الشعب الذى اعتبره «صاحب الكلمة وصاحب القرار على تجديد الثقة لتحمل مسئولية قيادة وطننا العظيم».
فى نفس المقدمة قال الرئيس: «ونحن فى ربوع هذا الصرح العريق الممثل لإرادة شعب مصر، أجدد معكم العهد على استكمال مسيرة بناء الوطن وتحقيق تطلعات الأمة المصرية العظيمة فى بناء دولة حديثة، ديمقراطية متقدمة فى العلوم والصناعة والعمران والزراعة والآداب والفنون متسلحين بعراقة تاريخ لا نظير له بين البلاد».
كان ملفتا للنظر أن يتضمن خطاب الرئيس فى بداية فترته الرئاسية الجدية قوله: «أن طريق بناء الأوطان ليس مفروشا بالورود» لكنه أردف بعد ذلك قوله «إننا قطعنا شوطا كبيرا فى مواجهة كل التحديات فى فترة زمنية وجيزة».
انتهت مقدمة الخطاب الرئاسى وبعدها انتقل الرئيس إلى وضع ٧ أهداف أو ملامح أو مستهدفات أو تعهدات للعمل الوطنى خلال المرحلة المقبلة.
من يقرأ هذه الأهداف سيكتشف أنه لو تم تحقيقها أو حتى نصفها فقط خلال الفترة الرئاسية المقبلة أى حتى عام ٢٠٣٠، فإن مصر يمكنها أن تنتقل فورا من الأزمة الصعبة التى تمر بها على الأصعدة كافة لتجد نفسها فى المكانة التى تستحقها.
فى السطور القادمة قراءة سريعة فى الأهداف التى وضعها الرئيس أمام الشعب المصرى من خلال مجلس النواب ومدى القدرة على تنفيذها أو حتى مدى وجود البيئة المناسبة لتنفيذها.
الهدف الأول الذى حدده الرئيس هو «صون أمن مصر القومى، فى محيط إقليمى مضطرب».
وكان مهما أن يتم وضع هذا الهدف فى المقدمة وربما يرى البعض أن التركيز على الاقتصاد كان ينبغى أن يأتى فى المركز الأول، لكن هناك وجهة نظر مهمة تقول إنه من دون حماية الأمن القومى للبلاد، والتصدى لكل التهديدات الخارجية، لا يمكن الحديث عن أى خطط وأهداف فى أى مجالات أخرى سواء كانت اقتصادية أو سياسية.
صار معروفا أن صون أمن مصر القومى يواجه تحديات جسيمة لأسباب متعددة أهمها أن حدودنا صارت ملتهبة من كل الجهات بلا استثناء برا وبحرا، من ليبيا غربا إلى السودان جنوبا إلى التهديد الإسرائيلى فى الشمالى الشرقى نهاية بالبحر الأحمر شرقا.
كل مرتكزات الأمن القومى المصرى معرضة للتهديدات، وصارت هناك دول مختلفة تلعب فى الجوار الاستراتيجى لمصر من دون مراعاة لمصالحنا.
ثم جاء العدوان الإسرائيلى المستمر على غزة منذ عصر السابع من أكتوبر الماضى ليكشف زيف كل ما كنا نعتقده عن إمكانية إقامة سلام حقيقى ودائم مع الكيان الاستيطانى العنصرى الإجرامى الذى ينظر للفلسطينيين والعرب باعتبارهم أقل درجة فى الإنسانية من الإسرائيليين.
صون الأمن القومى المصرى يتطلب كما جاء فى كلمة الرئيس «تعزيز العلاقات المتوازنة مع جميع الأطراف فى عالم جديد تتشكل ملامحه، وتقوم فيه مصر بدور لا غنى عنه لترسيخ الاستقرار والأمن والسلام والتنمية».
بالطبع هذا كلام مهم جدا ولا خلاف عليه، لكن من المهم أن نتذكر أن تجارب الشهور والحوادث الأخيرة كشفت لنا أنه لا دور لأى دولة من دون أوراق قوة تملكها سواء كانت هذه الأوراق عسكرية أو اقتصادية أو دبلوماسية أو حضارية. لا أحد سوف يعترف لنا بدور إذا ظللنا منكفئين منعزلين على أنفسنا.
هذا لا يعنى التدخل إطلاقا فى شئون الآخرين، بل أن نملك التأثير فى الآخرين، بما يعزز مصالحنا.
علينا أن ننظر إلى أكثر من نموذج ونتأمل سلبياته وإيجابياته من أول النموذج الإيرانى مرورا بالتركى نهاية بإسرائيل وكيف يمكن أن يكون لنا نموذجنا الخاص الذى يمكننا من استعادة دورنا ليس بالمعنى الكلاسيكى القديم ولكن بالقدر الذى يحفظ مصالحنا.
وبالتالى من المهم أن نؤكد من حين إلى آخر الخطوط المصرية الحمراء، وننفذها بالفعل إذا حاول الآخرون اختبارنا.. وللحديث بقية.