بقلم - عماد الدين حسين
«أدعو المصريين دعوة صادقة أن يجعلوا من الانتخابات الرئاسية بداية حقيقية لحياة سياسية مفعمة بالحيوية، تشهد تعددية وتنوعا واختلافا دون تجاوز أو تجريح، وكمواطن مصرى ــ قبل أن أكون رئيسا ــ كانت سعادتى بالغة بهذا التنوع فى المرشحين، الذين بادروا لتولى المسئولية، ولهم جميعا منى كل التقدير والاحترام، فالاختلاف سنة الله فى خلقه، وحقيقة لا يمكن إنكارها والتنوع هو ثراء حقيقى يدلل على خصوبة أمتنا وقدرتها على البقاء».
الكلمات السابقة جاءت فى متن كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى مساء أمس الإثنين، فى ختام اليوم الثالث والأخير لمؤتمر «حكاية وطن» الذى انعقد فى العاصمة الإدارية، وقدم خلاله العديد من الوزراء كشف حساب لما حققته وزاراتهم فى الفترة من ٢٠١٤ وحتى الآن.
كلمة السيسى أعلن فيها ترشحه لانتخابات الرئاسة التى ستنطلق فى الأول من ديسمبر المقبل فى الخارج وبعدها بعشرة أيام فى الداخل.
اخترت الفقرة السابقة خصيصا لأنها شديدة الأهمية، وأتمنى أن يصل مضمونها لكل من يهمه الأمر، وأن يعمل على ترجمتها بأمانة على أرض الواقع.
تطبيق هذه الكلمات التى جاءت على لسان الرئيس يعنى أن كل المرشحين الذين سيخوضون هذا السباق الأهم فى السياسة المصرية وطنيون ويسعون لخدمة وطنهم من وجهة نظرهم، حتى لو اختلف معهم غالبية الشعب المصرى.
ومن البديهى فإن الترشح حق دستورى ومتاح لكل من تنطبق عليه شروط الترشح الواردة فى الدستور والقانون.
الرئيس قال أيضا: «يشرفنى جدا أن نسب المشاركة من كل المصريين اللى ليهم حق الانتخاب إنهم ينزلوا حتى لو لم يختارونى، الناس كلها تشجع بعضها وتنزل، واختاروا ما شئتم، اللى بيختار ربنا واللى بيؤمر بيه هيكون وأنا والله راضى». وفى هذه الفقرة ندرك الأهمية الكبرى لنسبة المشاركة بغض النظر عن التصويت لهذا المرشح أو ذاك.
رئيس الجمهورية يدعو المصريين أن تكون الانتخابات بداية حقيقية لحياة سياسية مفعمة بالحيوية، وإذا جرى تطبيق ذلك. فهو تطور مهم لأنه يعنى نهاية التكلس والجمود فى الحياة السياسية المصرية الموجودة منذ يوليو ١٩٥٢.
كلام الرئيس يقول بوضوح إن الاختلاف سنة الحياة، وإن التنوع والاختلاف والتعددية أمور مطلوبة فى العمل السياسى، وبالتالى فمن يقدم وجهات نظر مختلفة ليس خارجا عن الإجماع الوطنى، طالما أنه يختلف فى حدود الدستور والقانون ومن دون تجريح.
الرئيس يقول إنه يقدر ويحترم كل الذين تقدموا للترشيح، وهو أمر مهم لأن هناك من يشكك بحسن أو سوء نية فى المرشحين أو بعضهم. ويؤكد الرئيس أن الاختلاف حقيقة لا يمكن إنكارها لأنها من سنة الحياة.
التنوع ثراء حقيقى، فى حين يعتقد البعض أن التماثل والتطابق هو الأصل، رغم أن الله سبحانه وتعالى يقول: «ولو شاء ربك لجعلكم أمة واحدة».
الرئيس دعا المصريين للمشاركة فى المشهد الديمقراطى ليختاروا بضميرهم المتجرد من يصلح.
ومن المعانى المهمة أن الرئيس دعا الله بالتوفيق للمنافسين بالفوز، إذا كان ذلك فى صالح الوطن، وأن يوفقه للفوز إذا كان ذلك فى مصلحة الوطن. ومن المعانى المهمة أيضا فى خطاب الرئيس لفت نظرى إشادته بالحوار الوطنى وقال نصا: «إن حالة الحوار كانت فى شكلها الأولى مبشرة وباعثة على الاستمرار فيها، وقد وجهت الحكومة والأجهزة المعنية للعمل على بحث ودراسة حزمة المخرجات التى أفرزها الحوار، واعتزم الاستمرار فى هذه الحالة الحوارية، وكذلك الاستمرار فى تطوير وتنمية الحياة السياسية والحزبية، لتتحقق للدولة مسارات وبدائل ورؤى متعددة وبشكل دائم.
أظن أن كل ما سبق جزء مهم من البرنامج الانتخابى للرئيس السيسى الذى أعلن نيته الترشح لدورة جديدة، وإذا تم ترجمة هذه النوايا الطيبة للرئيس السيسى على أرض الواقع فى الفترة المقبلة فإن مصر سوف تشهد حراكا سياسيا مهما، سيكون قادرا، إذا تحقق، على مواجهة غالبية التحديات والأزمات التى تواجهها البلاد، أو على الأقل إنهاء أو تخفيف الاحتقان الناتج عن الأزمة الاقتصاية الصعبة.