بقلم - عماد الدين حسين
فجر اليوم الأحد انتهت المرحلة الأولى من اتفاق هدنة غزة الموقع بين إسرائيل وحركة حماس بوساطة من مصر وقطر والولايات المتحدة فى ١٩ يناير الماضى.
طبقا لهذا الاتفاق فإنه كان من المفترض أن تبدأ المفاوضات للمرحلة الثانية فى اليوم رقم ١٦ للهدنة، لكن إسرائيل تملصت وراوغت كالمعتاد، وجاء وفد تفاوضها فى اليوم قبل الأخير الى القاهرة أمس الجمعة ليقول لا نريد الذهاب للمرحلة الثانية بل تمديد المرحلة الأولى فقط، مع الاستمرار فى إطلاق سراح الأسرى ونزع سلاح المقاومة.
السؤال الذى يشغل بال الكثيرين هو: ما هو السيناريو المنتظر حدوثه فى المرحلة المقبلة؟
السيناريو الأول هو أن تنجح حماس والوسطاء فى إقناع إسرائيل والولايات المتحدة بالبدء فورا فى مفاوضات المرحلة الثانية. والتزام إسرائيل بالانسحاب من قطاع غزة، مع الاتفاق على وقف إطلاق النار بصورة دائمة، مع استمرار احتفاظ المقاومة بسلاحها لكن مع وجود «لجنة الإسناد المجتمعى» لإدارة غزة مدنيا ولا تضم أفرادا من حماس أو من السلطة الفلسطينية، ولكن دور رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ينحصر فى تعيين أعضاء هذه اللجنة.
وتقديرى أن فرص نجاح هذا السيناريو لا تتعدى ١٠٪.
السيناريو الثانى أن تنجح إسرائيل فى فرض وجهة نظرها الكاملة أى يتم نزع سلاح المقاومة بالكامل ونفى قادتها من القطاع، وأن يستمر تواجد قواتها على محور صلاح الدين «فيلاديفيا» ويكون لها حرية التدخل الأمنى فى القطاع، من قبيل اغتيال أو قصف من تشاء ومتى تشاء، وفرص نجاح هذا السيناريو لا تتعدى ٣٠٪.
السيناريو الثالث: أن يتم تمديد المرحلة الأولى وعدم الانتقال إلى المرحلة الثانية، على الأقل طوال شهر رمضان أو ما تسميه إسرائيل «نبض رمضان» مع استمرار الأوضاع على ما هى عليه. وسيكون هناك تفاوض خلال الأيام المقبلة على تفاصيل وقواعد التمديد وما هو المطلوب من كل طرف. بمعنى أن إسرائيل تريد استمرار حماس فى إطلاق سراح الأسرى الأحياء مقابل استمرار سماح إسرائيل بدخول المساعدات الإنسانية خصوصا البيوت المتنقلة ومعدات إزالة الانقاض ومستلزمات المستشفيات، رغم أن كل ما سبق كان يفترض أن يحدث فى المرحلة الأولى. وفى هذه الحالة يفترض أن تسعى حماس إذا وافقت على هذا التمديد أن تحصل على مقابل مجزٍ مثل إطلاق المزيد من السجناء الفلسطينيين مقابل عدد أقل من الأسرى الإسرائيليين.
وفرص هذا السينايو تصل إلى ٥١٪ .
السيناريو الرابع أن تعلن إسرائيل نهاية الاتفاق وتستأنف العدوان على غزة سواء بصورة شاملة، أو عبر عمليات موضعية واغتيالات بحثا عن «النصر المطلق» الذى لم يتحقق حتى هذه اللحظة، مدعومة بتأييد كامل من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الذى قال إنه يعود لنتنياهو تقدير ما يود فعله فى المرحلة المقبلة.
وهذا السيناريو فرصة لا تزيد على ١٠٪، استنادا إلى أن إسرائيل تلوح باستئناف القتال للحصول على المزيد من التنازلات من حركة حماس والمقاومة.
السيناريو الخامس، أن تنجح القمة العربية التى ستعقد فى القاهرة بعد غد الثلاثاء فى تقديم خطة عربية شاملة، ليس فقط لإعادة إعمار غزة، وإسقاط مقترح ترامب بتهجير سكانها، ولكن لإدارة غزة فى اليوم التالى فى إطار دولة فلسطينية مستقلة على حدود يونية ١٩٦٧. وفرص نجاح هذا السيناريو تعتمد على موافقة إسرائيل التى ترفض بالطبع هذ الاقتراح، ولكن الأهم أنها تعتمد على إقناع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فإذا وافق الأخير، فسوف يدفع الإسرائيليين على الموافقة عليه، كما فعل فى اجبارهم على هدنة ١٩ يناير الماضى.
السيناريو السادس: أن تضغط الولايات المتحدة بأيد إسرائيلية لتنفيذ مخطط ترامب بتهجير طوعى أو قسرى للفلسطينيين من غزة بطرق مختلفة، مثل منع دخول المساعدات ورفع أسعار السلع وتحويل حياة السكان إلى جحيم مع فتح المطارات والموانئ عبر إسرائيل لمن يريد المغادرة مع تقديم اغراءات مالية لهم، وفرص نجاح هذا السيناريو لا تزيد على ٥٪ بالنظر إلى تمسك الفلسطينيين بأرضهم والرفض المصرى والعربى والدولى الشامل للاقتراح، وعدم قدرة إسرائيل على اجبار ٢٫٥ مليون شخص على مغادرة أرضهم بالقوة.
هذه هى السيناريوهات الستة وربما يكون لدينا سيناريو سابع يدمج بعض العناصر من السيناريوهات الستة السابقة.
المهم أن نجاح القمة العربية فى القاهرة وخروجها بموقف موحد مصحوب باجراءات عملية وآليات للتنفيذ يمكنه أن يدعم الصمود الفلسطينى ويسقط اقتراح ترامب ويضع الأساس لإعادة القضية برمتها إلى المسار الصحيح.