بقلم - عماد الدين حسين
سؤال: هل لدينا دولارات كافية لتلبية كل ما يطلبه المستوردون سواء كانوا يستوردون سلعا أساسية أو حتى استفزازية؟
الإجابة هى أننى لا أعلم يقينا ما هو حجم المتاح من العملة الصعبة، وحتى لو عرفت أو حتى خمنت فلا أعرف حجم الطلب الفعلى على الدولارات من المستوردين لكن المؤكد يقينا أن حجم الطلب على الدولارات أكبر كثيرا من حجم العرض المتاح منها.
طبعا هناك إجابة مثالية هى أنه إذا عاد الاقتصاد المصرى إلى طريقه الطبيعى واستعاد الناس الثقة فى الاقتصاد والبنوك الرسمية، فسوف تتدفق الدولارات خصوصا إذا توقف العدوان الإسرائيلى على غزة، وهدأت جبهة البحر الأحمر وبالتالى تعود الملاحة لطبيعتها فى قناة السويس، والأهم من كل ذلك إذا انتعشت أحوال الصناعة والزراعة وزاد الإنتاج والصادرات وقل الاستهلاك والواردات.
وإذا كان ما لدينا من دولارات ليس كافيا فليس هناك خلاف على ضرورة أن ننفق ما لدينا من دولارات بأكبر قدر من الرشادة والحكمة والتأنى والحرص، حتى نستغل الفرصة النادرة التى توافرت لنا فى الأسابيع الأخيرة وننطلق بصورة صحيحة للأمام.
وبالتالى فمن المنطقى أنه ستكون هناك أولويات واضحة ومحددة لمن سيتم توفير الدولارات لهم بصورة سريعة.
من المتفق عليه أن السلع الغذائية الأساسية والأدوية الأساسية والطاقة والأعلاف ستكون لها الأولوية وكذلك مستلزمات الإنتاج التى لا غنى عنها لتشغيل المصانع الكبرى، أو كل ما يمكنه أن يساهم فى عمليات الإنتاج والتصدير.
رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى كان واضحا وصريحا حينما تحدث فى ميناء الإسكندرية يوم الخميس قبل الماضى محددا الأولوية للسلع الأساسية أما المنتجات والسلع تامة الصنع أو السلع الاستهلاكية فسوف تأتى فى ذيل القائمة بالنسبة لأولويات الدولة لتوفير العملة الأجنبية.
مدبولى قال إن الدولة وفرت خلال الأيام الخمسة الأولى من شهر مارس الجارى حوالى ٦٩٠ مليون دولار للإفراج عن سلع كانت مخزنة فى الموانئ، وهى إشارة مهمة للغاية أن هناك صفحة جديدة قد بدأت والدكتور محمد معيط وزير المالية قال إن الرقم ارتفع إلى 1.7 مليار دولار خلال عشرة أيام.
مدبولى كشف أيضا عن نقطة مهمة وهى أن وزارة الداخلية سوف تضرب بيد من حديد على كل تجار السوق السوداء والشبكات التى كانت تسيطر على تحويلات المصريين فى الخارج، معتبرا أننا فى حالة حرب حتى يتم إعادة التوازن مرة أخرى للاقتصاد المصرى ولسوق العملة، بعد أن تحول الدولار إلى سلعة وليس مجرد عملة للتداول.
ما قاله مدبولى شديد الأهمية ويعتبر بمثابة بروتوكول للمرحلة المقبلة.
بمعنى أنه حينما يذهب تاجر أو شركة أو هيئة لاستيراد القمح اللازم لإنتاج الخبز المدعم فهو له الأولوية الأولى لكى يدبر البنك له الدولارات. نفس الأولوية لمستوردى الأدوية الأساسية وليست أدوية ومسلتزمات التجميل. وكذلك الحال لأى مستلزمات إنتاج لمصانع تقوم بتصدير منتجاتها للخارج وتوفر عملات صعبة بحيث تكون لها الأولوية على المصانع التى لا تصدر.
هذا الأمر يعنى تشجيع المنتجات المحلية وأن أى مصدر سيضع العملة الصعبة فى البنوك ستكون له الأولوية فى تدبير كل ما يطلبه مستقبلا طالما أنه يستورد مستلزمات أساسية ويصدر للخارج.
سؤال: إذا ذهب مستورد إلى أحد البنوك الرسمية وطلب تدبير عملة من أجل أن يستورد الشكولاتة والمياه الغازية أو أى سلعة غير ضرورية فهل توفر البنوك له الدولارات أم لا؟.
الإجابة هى فى المثل القائل «إن ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع».
الرسالة التى يفترض أن تصل هذا المستورد هى أننا نوفر الدولارات لاستيراد القمح والزيت والأدوية والأعلاف ومستلزمات الإنتاج الأساسية اللازمة للصناعة وإذا زادت لدينا دولارات إضافية فستكون للسلع الأقل أهمية وهكذا حتى نصل إلى السلع الكمالية المستوردة.
سيقول قائل ولكن مستوردى هذه السلع غير الأساسية قد يلجأون لشراء الدولارات بأى سعر أعلى من السعر الرسمى وبالتالى ستعود السوق السوداء مرة أخرى فماذا نحن فاعلون؟.
الإجابة ببساطة وفى هذا الوقت الصعب هى إما وقف وتقييد السلع الكمالية أو ترك وزارة الداخلية تتعامل بالقانون مع كل مضارب على العملات الأجنبية بعيدا عن البنوك الرسمية.