أمريكا ورفح و«التخدير اللذيذ»

أمريكا ورفح.. و«التخدير اللذيذ»

أمريكا ورفح.. و«التخدير اللذيذ»

 العرب اليوم -

أمريكا ورفح و«التخدير اللذيذ»

بقلم - عماد الدين حسين

هل تعارض الولايات المتحدة فعلا شن إسرائيل لعملية عسكرية فى مدينة رفح الفلسطينية بل واحتلالها؟! وهل يمكن أن تكون أمريكا هى الحكم المناسب فى هذه القضية؟!

 أظن أن الإجابة ملتبسة لدى كثيرين خصوصا بين المواطنين العرب، والسبب هو الفارق الكبير فى اللغة التى يتحدث بها بعض المسئولين الأمريكيين خصوصا أولئك الذين يخاطبون العالمين العربى والإسلامى.

لكن الإجابة الصحيحة والتى لا تنكرها الولايات المتحدة هى أنها لم تعلن فى أى لحظة أنها ضد دخول قوات الاحتلال الإسرائيلية إلى رفح. هى فقط تختلف مع إسرائيل على طريقة الدخول.

وأظن أن الطريقة التى تتعامل بها الإدارة الأمريكية فى قضية رفح هى أوضح دليل على أكبر عملية خداع وتضليل تمارسها واشنطن بحق الفلسطينيين والعرب، بل بحق شعوب العالم التى تعارض العدوان الإسرائيلى والدعم الأمريكى المفتوح له طوال الوقت.

الولايات المتحدة كانت واضحة وضوح الشمس حينما قالت: «إننا نعارض أى عملية عسكرية واسعة النطاق فى رفح إلا بعد أن تقوم إسرائيل بإجلاء غالبية الفلسطينيين المقيمين فى المدينة».

ما معنى هذا التصريح وترجمته الفعلية على أرض الواقع؟!

هو يعنى ببساطة الحقائق الآتية:
أولا: أن أمريكا لا تعارض أى عملية عسكرية إسرائيلية فى رفح من حيث المبدأ، بل تختلف فقط على طريقة التنفيذ.

ثانيا: أن الولايات المتحدة لا تعارض أى عمليات عسكرية محدودة أو متوسطة فى رفح. وهنا سوف نغرق فى تفاصيل فنية غامضة مثل ما هو مفهوم وحدود العملية المحدودة أو المتوسطة؟!

هل هى التى يقتل فيها يوميا حوالى خمسين فلسطينيا وإصابة مائة وتدمير مائة بيت، ومعهم أكبر عدد من المنشآت والبنية التحتية فى المدينة؟!

إسرائيل اجتاحت رفح فى ٧ مايو الحالى واحتلت معبر رفح من الجهة الفلسطينية ثم محور فيلاديفيا أو صلاح الدين، وبدأت فى تنفيذ عمليات عسكرية داخل المدينة، والملفت للنظر أن الولايات المتحدة لم تصدر أى كلمة أو بيان يرفض أو يستنكر أو يدين احتلال إسرائيل للمعبر، الأمر الذى أدى إلى توقف دخول المساعدات من مصر، حيث يصعب تماما تأمينها وسط العمليات العسكرية وخوفا من أن يكون ذلك لتثبيت خطط نتنياهو هناك.

أمريكا تقول كل يوم لإسرائيل ما معناه: «نحن لا نعارض خططكم لتدمير حماس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية، ولا نعارض دخولكم رفح لتنفيذ ذلك، ولا نعارض احتلالكم لمعبر رفح أو الحدود المصرية الفلسطينية، لكن نعارض فقط الطريقة الغاشمة التى تتصرفون بها، مما يهيج الرأى العام العالمى ضدكم وضدنا».

قبل يومين زار جاك سوليفان مستشار الأمن القومى الأمريكى اسرائيل واجتمع مع قادتها وبعدها مباشرة بدأت اسرائيل فى قصف مكثف بالدبابات للعديد من الأحياء فى حى رفح ولم نسمع أى شىء من سوليفان أو غيره بل تصريح من الرئيس جو بايدن ينفى عن إسرائيل أنها ارتكبت إبادة جماعية.

الخطورة الأخرى فى التصريحات الأمريكية بشأن رفح هى أنها تجعل العالم يسلم بالطريقة الأمريكية بمعنى أنه حينما تقول الولايات المتحدة إنها تعارض أى عملية عسكرية إسرائيلية من دون وجود ضمانات تمنع وقوع ضحايا كثيرين بين المدنيين، فهى عمليا وحينما تغير رأيها وتقول إن هواجسها انتهت، وإن الخطط الإسرائيلية المقدمة لها كافية، فلن يكون أحد وقتها قادرا على التشكيك فى مواقفها، أو حتى معارضتها.

النقطة الثانية أن إسرائيل ــ وربما بمشورة أمريكية ــ غيرت تكتيكها فى رفح، وتمارس سياسة التحرك الهادى والقضم خطوة خطوة، حتى لا تثير غضب الرأى العام العالمى.

ظنى الشخصى ــ وأرجو أن أكون مخطئا ــ أن واشنطن تمارس مع الفلسطينيين والعرب سياسة التخدير اللطيفة اللذيذة فيما يتعلق بمجمل العدوان الإسرائيلى منذ بدايته فى ٧ أكتوبر الماضى، وصولا إلى ما يحدث فى رفح.

مرة أخرى هى لا تختلف مع إسرائيل على قتل الفلسطينيين أو تدمير بيوتهم، تختلف فقط على الطريقة الغاشمة، وكثرة المشاهد الصادمة التى كانت سببا فى إثارة احتجاجات طلاب الجامعات العالمية خصوصا الأمريكية، مما قد يؤثر على فرص بايدن الانتخابية.

أرجو أن تنتبه وسائل الإعلام العربية إلى خطورة تصديق الوعود الأمريكية فيما يتعلق باجتياح رفح. إذا كانت واشنطن جادة فى كلامها فعليها أن تضغط على إسرائيل لتوقف عدوانها وهى تملك كل الأوراق فى ذلك، لكنها لا تريد ولا ترغب ولن تفعل.

arabstoday

GMT 08:25 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

دمامة الشقيقة

GMT 08:23 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بشار في دور إسكوبار

GMT 08:17 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوريا الجديدة والمؤشرات المتضاربة

GMT 08:14 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

هجمات رأس السنة الإرهابية... ما الرسالة؟

GMT 08:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط الجديد: الفيل في الغرفة

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 08:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الفنانون السوريون وفخ المزايدات

GMT 08:10 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الباشا محسود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمريكا ورفح و«التخدير اللذيذ» أمريكا ورفح و«التخدير اللذيذ»



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا
 العرب اليوم - وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 14:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
 العرب اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول

GMT 06:02 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يخطط لمكافأة مدافعه روديجر

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab