بقلم - عماد الدين حسين
هل صحيح أن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى قال إن مصر لن تتمكن من تجاوز الأزمة الاقتصادية إلا بعد ست سنوات من الآن، أى فى عام ٢٠٣٠؟.
هذا الكلام تم نشره فى العديد من وسائل الإعلام المختلفة المحلية والعربية والدولية يوم الأحد قبل الماضى «١٤ يناير» وجاء فى الكلام المنسوب لمدبولى خلال احتفالية تسليم أول ثلاثة أبراج إدارية ضمن منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة: «الدولة المصرية وضعت خطتها ويضاف إلينا أعباء المشكلات والاضطرابات السياسية المحيطة بنا، والدولة وضعت خطتها لتنفيذها بمنتهى الثبات انطلاقا من رؤيتنا وحلمنا فى ٢٠٣٠، وأننا لا نتحدث عن ٢٠ أو ٥٠ عاما، بل هى ست سنوات من الآن، ونعمل على تجاوز هذه الأزمة، ونتحرك حتى نصل إلى هذا العام ونستعيد خلال ذلك مسار النمو الذى كنا عليه قبل حدوث الأزمة العالمية، ونحقق المعدلات التى يحلم بها كل مواطن مصرى».
يومها وحتى الآن، فإن كثيرين توقفوا كثيرا عند هذا الكلام، وفهم غالبيتهم أن المصريين مكتوب عليهم أن يستمروا فى المعاناة من الأزمة الاقتصادية الطاحنة حتى عام ٢٠٣٠، بل إن البعض استعجب أن يجىء هذا الكلام بعد أيام قليلة جدا من إعلان فوز الرئيس عبدالفتاح السيسى بفترة رئاسية جديدة يفترض أن تنتهى عام ٢٠٣٠. وبالتالى قال بعض المراقبين إن الكلام المنسوب للمهندس مدبولى شديد الإحباط للمصريين.
وبالصدفة فقد قابلت مصدرا شديد الاطلاع يوم الخميس الماضى ، وتطرق الحديث إلى حقيقة هذا التصريح الخطير المنسوب للدكتور مدبولى. المصدر قال لى من البداية إن هذا الكلام ليس دقيقا وليس صحيحا بالمرة، ومن يعود إلى نص ما قاله رئيس الوزراء سوف يكتشف الحقيقة الكاملة.
المصدر يقول إن جوهر ما قاله الدكتور مدبولى هو أن لدينا خطة طموحة خلال ست سنوات نهدف فيها إلى زيادة الصادرات بنسبة ٢٠٪ سنويا ومعها بقية الموارد الدولارية. وقال أيضا إن هذا العام ٢٠٢٤ عام مفصلى لتجاوز الأزمة وليس ست سنوات. وبالتالى لم يقل إطلاقا إن الأزمة سوف يتم حلها بعد ست سنوات، بل خلال عام تقريبا فقط.
المصدر قال إن مجلس الوزراء سأل كل الخبراء والمختصين عن كيفية الخروج من الأزمة، وظلت الحكومة تسمع من هؤلاء الخبراء طوال ستة شهور حتى تضع الخطة التفصيلية، وهؤلاء قدموا مقترحاتهم وتم بلورة كل ذلك فى الخطة الاستراتيجية التى تم الإعلان عنها قبل نحو أسبوعين وجوهرها اتخاذ إجراءات محددة سوف تعيد الثقة إلى الأسواق وكل المتعاملين معه.
هو يضيف إن كل الخبراء والمستثمرين الأجانب يقولون للحكومة إن حوافز الاستثمار التى تم الإعلان عنها فى الفترة الأخيرة هى أعلى مستوى حوافز موجود فى المنطقة خصوصا بعد إنشاء المجلس الأعلى للاستثمار، والرخصة الذهبية، والدور المهم الذى تلعبه مبادرة «ابدأ». وبطبيعة الحال لا يعنى كل ما سبق أن الأمور وردية، لأن التحديات موجودة وسنة ٢٠٢٤ مفصلية ولابد أولا وأخيرا من حل مشكلة سعر الصرف لأنه لن يكون هناك أى حل فى ظل وجود أكثر من سعر للدولار، وكذلك مواجهة التضخم بصورة صحيحة والالتزام بسداد التزاماتنا الدولية فى مواعيدها من فوائد وأقساط الديون. وكيف سنفعل ذلك؟! يجيب المصدر المسئول: «الشغل الشاغل الآن هو سداد الالتزامات الدولية ثم تدبير موارد استيراد السلع الأساسية من أكل وشرب ودواء ثم توفير مستلزمات الإنتاج ثم المستلزمات الأخرى مثل الكهرباء وغيرها مع ضرورة التقشف لتوفير أكبر قدر ممكن من العملات الأجنبية.
يختم المصدر كلامه بقوله إن هناك للأسف فى بعض دول الإقليم وبعض المؤسسات الدولية من يراهن على إفلاس مصر ووقوعها، وأؤكد أن ذلك لن يحدث إن شاء الله، خصوصا أن من يسقط يحتاج إلى سنوات طويلة حتى يقف ويستعيد عافيته.
ما سبق هو كلام مصدر حكومى كبير، وهو كلام منطقى لكن الأكثر منطقية هو أنه كان مفروضا أن يكون هناك توضيح سريع لما قاله الدكتور مدبولى يوم الأحد قبل الماضى، حتى لا تكون هناك أى ثغرة ينفذ منها المتربصون وما أكثرهم.